استباقًا لمبادرة “حمدوك”.. إثيوبيا تعلن بدء ملء السد يونيو المقبل!

- ‎فيتقارير

قال رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إن بلاده ستبدأ في ملء خزان سد النهضة الإثيوبي الكبير في موسم الأمطار المقبل.

وذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية، مساء الأربعاء، أن تصريحات رئيس الوزراء جاءت بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة لبدء بناء مشروع السد.

وقال «أحمد»: «الإثيوبيون أظهروا قدرتهم في تمويل المشروع بمواردهم الخاصة، وهم يولون مكانة خاصة للمشروع لأنه رمز للسيادة والوحدة».

وأشارت الوكالة إلى أنه تم إطلاق مشروع السد منذ 9 سنوات، وبلغت إنشاءاته 72.4٪، وفقا لما طرحه وزير المياه والري والطاقة، سيليشي بيكيلي.

وبحسب موسم الأمطار في إثيوبيا، فإن الخريف يبدأ من شهر يونيو ويستمر حتى شهر سبتمبر من كل عام.

ومؤخرا تصاعد النزاع حيال السد الذي يجري تشييده، إثر رفض إثيوبيا حضور اجتماع في واشنطن نهاية فبراير  الماضي، كان مخصصا لإبرام اتفاق نهائي مع مصر والسودان، بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد.

وعلى مدار الشهر الماضي ومع تجمد المفاوضات، تبادلت مصر وإثيوبيا الاتهامات بشأن إفشال المفاوضات، وسط مناوشات كلامية وتحركات دبلوماسية لمسئولي البلدين، لحشد المواقف الدولية لكل منهما.

 

استباق المبادرة السودانية

وبحسب مراقبين، يأتي إعلان إثيوبيا عن بدء ملء السد، قبيل وساطة ومبادرة سودانية أعلن عنها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك .

حيث أعلن مؤخرا عن زيارة «قريبة» لكل من مصر وإثيوبيا لحثهما على استئناف المفاوضات. وجاء هذا الإعلان عبر اتصال هاتفي أجراه حمدوك بستيفن منوشين، وزير الخزانة الأمريكي، الذي يرعى مفاوضات واشنطن بالشراكة مع البنك الدولي.

ومن المقرر أن يقدم حمدوك مقترح وساطة جديدًا من جانب الخرطوم بين القاهرة وأديس أبابا، وذلك بعد انهيار المفاوضات، في أعقاب فشل الاتفاق الذي أعدته واشنطن والبنك الدولي، نهاية فبراير الماضي، وهو الاتفاق الذي رفضت السودان وإثيوبيا التوقيع عليه، بينما وقّعت مصر بالأحرف الأولى، وكان يسمح بتمرير 37 مليار متر مكعب من المياه خلال سنوات ملء خزان السد.

وكشفت مصادر دبلوماسية عن أن مصر أبدت موافقة مبدئية على الاستماع لمبادرة حمدوك للوساطة، والتي أعلن اعتزامه تقديمها في وقت سابق، مشيرة إلى أن القاهرة ما زالت تعتمد سياسة المباحثات خلف الأبواب المغلقة، على أمل التوصل إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف، ويحافظ على مصالح الدول الثلاث، من دون اللجوء إلى توسيع دائرة الأزمة.

وأشارت المصادر إلى أن “القاهرة على الرغم من تبنّيها سياسة منفتحة، إلا أنها لن توافق على أي مراوغة إثيوبية جديدة تكون بمثابة كسب للوقت بالنسبة لهم لإتمام الإنشاءات”، مؤكدة أن “شرط القاهرة الأساسي لاستكمال المفاوضات الخاصة بتشغيل وملء السد، هو إعلان أديس أبابا التزامها بعدم البدء في ملء السد قبل التوصل إلى اتفاق، وليس كما أعلنت بأنها ستبدأ الملء في يوليو المقبل.

 

مبادرة سياسية وليست فنية

وتقول دوائر دبلوماسية سودانية، إن حمدوك أعدّ المبادرة بعد التشاور مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وحصل على موافقة مبدئية على إطلاقها، قبل أن يتوجه إلى مصر.

وأوضح أن مبادرة حمدوك لا تتضمن جوانب فنية، لكنها سياسية في الأساس، بحيث تعتمد على أسس سياسية يعود بها أطراف الأزمة إلى طاولة المفاوضات، وبعدها يتم التباحث حول النقاط الفنية العالقة بين المتخصصين، وهو الأمر الذي يستبعد مراقبون تحقيقه، خصوصا أنها لا تحمل جديدا من الجانب الإثيوبي لمصر.

وتعهّد حمدوك بتدشين مبادرة سودانية للتوسط بين القاهرة وأديس أبابا، بغرض استئناف المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي لاستكمال الأجندة المتبقية فيه في أقرب وقت ممكن، وسط تباين الرؤى حول نجاح هذه المبادرة.

وجاء الإعلان عبر اتصال هاتفي أجراه حمدوك بوزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين؛ للتعبير “عن تعاطف الشعب السوداني مع الولايات المتحدة بشأن تفشي فيروس كورونا”.

وفي بيان صادر عن مجلس الوزراء السوداني، كشف حمدوك للجانب الأمريكي عن “نيته زيارة القاهرة وأديس أبابا في القريب، لحثّ الطرفين على استئناف المفاوضات حول سد النهضة واستكمال المتبقي من القضايا العالقة المهمة”، من دون أن يحدد موعدا للزيارتين. وأضاف البيان “كما اتفق الجانبان على أن موضوع سد النهضة مُلِح للغاية، ويجب مواصلة التفاوض حوله بمجرد تغلّب العالم على جائحة كورونا”.

يأتي هذا في الوقت الذي قدم فيه رجل الأعمال السعودي من أصول إثيوبية، محمد حسين العمودي، تبرعا جديدا لصندوق بناء سد النهضة؛ استجابة للحملة القومية التي أطلقتها رئيسة إثيوبيا “ساهلورك زودي” أخيرا لاستكمال الإنشاءات في السد وسرعة إنجازه، حيث يملك استثمارات ضخمة في إثيوبيا في قطاعات الزراعة.

كما مدت مصانع الإسمنت الخاصة به هناك السد بكميات ضخمة خلال مرحلة الإنشاءات الخرسانية. كما وعد العمودي بتقديم تبرع بقيمة 120 مليون بر إثيوبي (نحو 366 ألف دولار) للحكومة لدعم جهودها في مكافحة فيروس كورونا المستجد، في وقت وصل فيه عدد الإصابات المكتشفة هناك إلى 23 حالة، حيث خصص العامودي تبرعه في هذا الإطار للمستلزمات الطبية الخاصة بالوقاية، مثل أقنعة الوجه، والكمامات، والمعدات الطبية.

 

العاجز!

وتتسارع التطورات حول السد الذي يهدد حياة المصريين، فيما قائد الانقلاب العسكري عاجز عن فعل أي شيء، سواء التحرك القضائي الدولي أو طلب عقد جلسة لمجلس الأمن، أو إحداث أي تطور على الأرض يعرقل تسارع حركة البناء في السد.

وقد قيد السيسي نفسه ومصر بقيود اتفاق المبادئ، في مارس 2015، دون أن يستمع إلى رأي وطني أو نصائح سياسية من وطنيين مصريين بعدم التوقيع على الاتفاق، الذي حرر إثيوبيا من أية اتفاقيات أو معاهدات دولية سابقة تحفظ لمصر حقوقها التاريخية في مياه النيل؛ وذلك من أجل أن ينال الاعتراف الإفريقي بانقلابه العسكري الذي سيدفع المصريون ثمنه من حياتهم.