الانقلاب يواصل هدم أقدم أماكن الجلود ويطيح بمدابغ “مجرى العيون”

- ‎فيأخبار

 أحمدي البنهاوي
لم تعرض إلى الآن دراسة مشروع نقل 1110 مدابغ من مجرى العيون بمصر القديمة إلى منطقة "الروبيكي" الجديدة- على أطراف مدينة بدر التي تبعد عن المدابغ التي بدأت حكومة الانقلاب قي هدمها على بعد 50 كم- على الجهات المختلفة سواء محافظة القاهرة أو لدى حي مصر القديمة، أو حتى هيئة النقل العام، أو وزارة المالية المعنية بدفع التعويضات الهزيلة للغلابة من عمال وأصحاب المدابغ بنحو 2300 جنيه للمتر، وهو ما لا يتوازى مع سعر المتر في قرية من قرى محافظة الوادي الجديد- في منطقة تبعد عن قصر العيني 3 كيلومترات، وعن حي المعادي الراقي نحو 6 كيلومترات.

ما تعهدت به محافظة القاهرة هو انتهاء أعمال الهدم، مع وعد بأن يتم استلام الأماكن الجديدة في يوليو، ما يعني أن الأولوية لهدم المكان الحيوي والأثري في الوقت نفسه، كما تعهدت "المحافظة" بتوفير 1200 وحدة سكنية للعمال، في حين تحتاج المنطقة إلى أضعاف أضعافهم.

شبح الروبيكي

وبات شبح اسم الروبيكى- المستوحى من منطقة وسط بين العتبة والموسكى تباع فيها منتجات مدابغ مجرى العيون من جلود وأحذية و"جواكت"- يؤرق عمال المدابغ، ونقلت الشروق عن بعض العمال قولهم "كل ما أفكر إزاى هجيب قوت يومى ببقى هموت"، وآخر يقول: "يا عالم هيدونا بيت ولا لأ؟!"، وثالث يقول: "علشان نأجر فى الروبيكى بيوتنا هتتخرب". حتى إن "غرفة دباغة الجلود" اعتبرت أن "الروبيكى مجرد حلم"، مع وعود فارغة بتصدير90% من الجلود إلى الخارج.

بدأ الهدم

وأصدرت حكومة الانقلاب قرارا، في عام 2014، بالموافقة على نقل صناعة دباغة الجلود من منطقة سور مجرى العيون إلى منطقة الروبيكي، بزعم تطوير صناعة الجلود وجذب المزيد من الاستثمارات إليها، وتحسين ظروف العاملين بها، فضلا عن الحفاظ على القيمة التاريخية لسور مجرى العيون.

وبدأت وزارة التجارة والصناعة، في سبتمبر الماضي، هدم أول مجموعة من مدابغ سور مجرى العيون، ووسط حراسة أمنية مشددة استكملت اليوم هدم المزيد، على أن يتم هدم نحو 340 مدبغة خلال 3 إلى 4 أشهر، بما يمثل 40% من حجم مدابغ مجرى العيون، وعمليا فإن المدابغ التي يمكن نقلها فعليا نحو 900 مدبغة.

8 أشهر في الشارع

ورغم أن وزارة التجارة والصناعة قالت إنها أنجزت المرحلة الأولى من مدينة الجلود الجديدة بالروبيكي، وتمثل المرحلة الأولى التي أنجزت فقط "80 عنبر مدبغة" للإيجار، وهو ما يمثل نحو 25% فقط من المرحلة الأولى مما سيتم هدمه خلال 4 شهور، ما يعني أن 75% من العمال سيكون الرصيف مقرا لهم ولأدواتهم وآلاتهم!.

وعلاوة على ذلك، فإن من بين 1110 مدابغ هناك ما لا يقل 27 مستأجرا فقط لتلك المدابغ، وهو ما يعني أن إجمالي المستأجرين بين 72 و100 مدبغة مستأجرة في مدابغ الروبيكي كلها مستأجرة، مع وعود بأن تتحول المنطقة إلى العالمية من خلال شركات متعددة الجنسيات، وهو ما يعني أن أصحاب الأملاك باتوا عمالا بالأجرة، علاوة على تحويل الراغبين في التملك إلى مدينين، من خلال إتاحة قروض ميسرة للراغبين في تطوير المصانع وشراء معدات جديدة، للوفاء بأسعار المتر في "صحراء بدر"، مع التزام الحكومة بتسليم تراخيص تشغيل المصنع كاملة لأصحاب المصانع.

بل وحظرت على الصناع التصرف في الأراضي إن هم تملكوها بمنطقة الروبيكي لمدة 10 سنوات، مع تكليف غرفة الدباغة بتقديم المستندات الداعمة لموقف المستحقين للتعويضات المادية والعينية.