“كارنيجي”: بثلاثة أشياء ارتمى السيسي تحت حماية القوى الدولية

- ‎فيأخبار

قالت ورقة تحليلة نشرها «معهد كارنيجي» الأمريكي، بعنوان "أموال للطغاة: رعاة السيسي الدوليون": «إن سياسة السيسي احتمى في المنظومة المالية العالمية، من خلال ثلاثة مكوّنات وهي: الاعتماد المتزايد على القروض الخارجية لتمويل العمليات الحكومية ومشاريع البنى التحتية الكبرى. ويشمل ذلك زيادة في السندات الحكومية وسندات الخزينة القصيرة الأمد، أو "الأموال الساخنة". وثانيا، تزايد صفقات السلاح منذ 2014 ما جعل من "النظام" ثالث أكبر مستورد للأسلحة عالميا بين عامَي 2015 و2019. مشيرة إلى أنه نتيجة للمستوى المرتفع للاستثمارات الخارجية المباشرة في قطاع النفط والغاز المصري أدى إلى ربط الاستثمارات الغربية طويلة الأمد باستقرار "النظام". أما ثالث الجوانب التي أوضحتها الورقة فهي أن العوامل تشكل أساسا للاعتماد الدولي على "النظام" بسبب المصالح المالية. وتُقدّم أيضا محفّزات مباشرة للتواطؤ الدولي في القمع وتضع عوائق أمام الدمقرطة.
وخلصت الورقة إلى أنه عندما تُستخدَم تدفقات الأموال الدولية لتمويل سيطرة الجيش على الاقتصاد المصري، فهي تتيح للجهاز الأمني إحكام قبضته على الدولة. وأوضحت أن هذه الاستراتيجية الاقتصادية تتسبب في تفاقم التحديات في المدى الطويل مع ما يترتب عن ذلك من آثار مزعزعة للاستقرار على نحو شديد.
اعتماد على الديون
وقال الباحث ماجد مندور، إن مصر تعتمد بشدّة على الديون لتوليد أشكال من التبعية المالية بين "النظام" والفرقاء الدوليين. فقد استدان "النظام" مبالغ طائلة؛ ما أدّى إلى زيادة حصّة الديون الخارجية في نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي من 14.67 %، في عام 2012 إلى 31.7 %، بحلول الربع الأول من سنة 2020، إذ بلغت 111.3 مليار دولار. وأضاف أن الآن الزيادة الكبيرة في الديون مع نموّ متسارع في مستوى الحيازات الخارجية لسندات الخزينة المصرية قصيرة الأمد، والتي ازدادت من 60 مليون دولار في منتصف عام 2016 إلى 20 مليار دولار في أكتوبر 2019. وأردف أن نظام السيسي تمكّن من استقطاب هذه الرسائل قصيرة الأمد من خلال تقديم أسعار فوائد هي من الأعلى في الأسواق الناشئة، وبلغ العائد على هذه الأموال نحو 13 % في يوليو 2020.
وأوضح أن لقب "محبوبة الأسواق الناشئة" الذي حظيت به مصر، انعكس في مستوى إقبال المستثمرين على إصدارٍ لسندات اليوروبوندز بقيمة 5 مليارات دولار. مشيرا إلى أن هذا النوع من السندات يُعتبَر الإصدار الأكبر في التاريخ المصري، وسُجِّل فائض في طلبات الاكتتاب بالسند بمعدّل 4.4، ما يؤشّر إلى ثقة المستثمرين باستقرار "النظام". واستدرك الباحث أن الاقتراض الشديد له تداعيات وخيمة على مصر والمجتمع الدولي، من عدة جوانب منها؛ توغّل "النظام" عميقاً في المنظومة المالية العالمية، لأن قدرته على سداد ديونه تتوقّف على بقائه.

الضغوط الدولية
وربطت الورقة بين الديون التي استمرأ الانقلاب حلبها وتخفيف حدة الضغوط الدولية فيما يتعلق بالقمع الذي يمارسه. فمن شأن الاضطرابات في مصر أن تؤثّر مباشرةً في الإيرادات الحكومية، إذ تتراجع قدرة "النظام" على جباية الضرائب، وكذلك قدرته على إعادة تمويل ديونه، ما يزيد من احتمالات تخلّفه عن السداد. ثانيا، يتسبب الاقتراض بتوريط الدائنين الدوليين للنظام في استحواذه على الأموال العامة من أجل إثراء النخب العسكرية من خلال المشاريع الضخمة للبنى التحتية التي تموّلها جهات مالية دولية بطريقة مباشرة وغير مباشرة (ومن هذه الجهات حلفاء إقليميون ومنظمات دولية مثل صندوق النقد الدولي).

واردات الأسلحة
وأشارت الورقة إلى أن إنفاق "النظام" مبالغ طائلة على الأسلحة، اعتباراً من عام 2014، أدى دورا أساسيا في ترسيخ شبكته للأمان الدولي. فقد تضاعف حجم واردات السلاح ثلاث مرات بين عامَي 2014 و2018 مقارنةً بمرحلة 2009-2013، أي أن نسبة الزيادة بلغت 206 %. ولا مؤشرات على انحسار موجة شراء الأسلحة، ففي يونيو 2020، أجرى "النظام" مباحثات مع إيطاليا بهدف إبرام صفقة كبرى لشراء أسلحة بقيمة 9.8 مليارات دولار. فصناعة السلاح الغربية هي المصدر الأساسي للأسلحة التي تحصل عليها مصر، وتأتي في رأس القائمة فرنسا وروسيا والولايات المتحدة. وقد لبّت فرنسا منفردةً نسبة 35 % من طلب "النظام" على الأسلحة بين عامَي 2015 و2019. وأوضح أن الدعم الدولي لم يتوقف فقط على الأسلحة التقليدية وحسب، إنما أيضاً على شراء معدّات مراقبة وأجهزة لضبط الحشود تُستخدَم في القمع المباشر للاحتجاجات.

كبار زبائن السلاح

وخلص إلى أن صفقات السلاح، جعلت الانقلاب واحدا من كبار زبائن شركات تصنيع السلاح الغربية، ما يؤدّي فعليا إلى التداخل بين صناعات الدفاع الغربية وبقاء "النظام". وضمنا، أوضحت أن تحوّل "النظام" إلى مستورد كبير للأسلحة مع إيطاليا التي استمرت في تزويد "النظام" بالسلاح حتى بعدما حامت الشبهات في ديسمبر 2018 حول تورُّط خمسة عناصر من الأجهزة الأمنية المصرية في تعذيب الطالب الإيطالي جوليو ريجيني ومقتله في عام 2016. وللمفارقة كشفت أن مبيعات الأسلحة الإيطالية إلى مصر تضاعفت مرات ثلاثة في عام 2019، أما صفقات السلاح المزمع تنفيذها بين إيطاليا ومصر لعام 2020 فتصل قيمتها إلى 11 مليار يورو. كما أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" طلبت وقف مبيعات الأسلحة الإيطالية إلى مصر، مشيرة إلى المخاوف من أن هذا السلاح يساهم في تسهيل السلوكيات الاستبدادية. فالدول، ومنها إيطاليا، تُمكِّن "النظام" المصري من ممارسة القمع الشديد بطريقة لن تؤدّي سوى إلى زيادة الاستقطاب السياسي، والحد من آفاق الدمقرطة، وتركيز نفوذ الدولة في أيدي الأجهزة الأمنية.