مذكرات” الثورة في ميلادها العاشر.. نشطاء السبوبة يزورون التاريخ بإلهام مخابراتي

- ‎فيتقارير

ستظل ثورة يناير ملهمة لهذا الجيل الذي شارك فيها ومازال يناضل لتحقيق أهدافها، ويبدو أن هذه المرحلة ستعيش في ذاكرة المصريين سياسيا واقتصاديا وأمنيا، حيث حلم الثورة للتحرر من التبعية وحكم العسكر يواجهه كابوس العملاء وأعداء الثورة فضلا عن أعدائها الخارجيين.
الحملة الجديدة اليوم يقودها وائل غنيم عبر منصاته في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة تتزامن مع قرب الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير، وحالة الخوف المعتادة التي دأب عليها الانقلاب.
ورصد الباحث السياسي علاء بيومي عبر حسابه على "فيسبوك" من مذكرات أحد نشطاء الثورة وهو وائل غنيم الذي قال في مذكراته أنه اتصل بعمرو القزاز أحد مؤسسي "شبكة رصد" الإخبارية في 20 يناير 2011 لسؤاله حول إمكانية التنسيق مع الإخوان، حيث كان وائل غنيم يأمل في مشاركة شبابهم في فعاليات 25 يناير.
غير أن الصحفي عمرو سلامة القزاز، الذي يعمل في منصات "الجزيرة" على التواصل الاجتماعي ويعيش في قطر، كتب معلقا: "وائل غنيم تواصل معي قبل ٢٥ يناير وطلب مني تغطية الفعاليات، وكان يعلم أني وقتها من وحدة الرصد الميداني التي كانت مختصة بمراقبة الانتخابات والتي تحولت فيما بعد إلى "شبكة رصد"، وقام يوم ٢٤ بوضعي أدمن على الصفحة وأخبرني بأن أقوم بتغطية المظاهرات على الصفحة كما نتابعها في شبكة رصد، وأخبرته بالموافقة، وبالفعل بدأت في تغطية الأحداث على صفحة "كلنا خالد سعيد"، وكنت في غرفة عمليات حينها مع الشباب في رصد.. وظلت موجودا أدمن على "كلنا خالد سعيد" ، أغطي وأكتب عن وجود الناس من يوم ٢٤ إلى يوم ٢٧ يناير 2011م، وبعد انقطاع الإنترنت وحذفت من الصفحة".
وتابع: "وكنت لا أعلم أن من تواصل معي هو "وائل غنيم" أصلا، عرفته فيما بعد، لكن لم يطلب مني التواصل مع الإخوان أو غير ذلك :grinning: .. وهو يعلم بذلك جيدا والمراسلات بيننا موجودة.. وكتب أني كنت أدمن على الصفحة في كتابه web2". ولفت إلى أنه سيرد "..بمنشور مدعوم بصور المحادثات لنسف مصداقية مذكراته، بدل ما هو بيقدم نفسه على إنه المخلص".
مزورون آخرون
ولكم زور التاريخ من امتلكوا السلطة ومنهم محمد حسنين هيكل الذي خاصم نتائج الثورة؛ لأنها خاصمته بعدما كشفت جانبا من تزويره بحق رؤساء العسكر الذين اقترب منهم، وقال هيكل: "فوضي ثورة يناير سبب وصول الإخوان للسلطة"!
وفي مقطع فيديو شهير يدافع خصوم الإخوان عن دور الإخوان في ثورة يناير ومنهم "ساويرس" و"مصطفى بكرى" و"مصطفى الفقي" ودورهم المهم في المشاركة في الثورة 25 يناير ومظاهراتهم أمام مكتب النائب العام بشارع 26 يوليو (مظاهرة دار القضاء العالي) وفيديو شهير عشية 23 يناير 2011 للدكتور عصام العريان يؤكد نزول الإخوان للثورة.
وأكد مراقبون، ومنهم الخصوم، أن الإخوان دورهم لا ينكر في جمعة الغضب 28 يناير التي حولت مظاهرات 25 يناير إلى ثورة فضلا عن حمايتهم مقر الثورة الرئيسي في أيام موقعة الجمل الثلاثة، فالإخوان -برأي المراقبين – صنعوا وآخرين ثورة يناير ولم يكونوا وحدهم.
فيما بالغت سلطة الانقلاب بمزاعم متناقضة، فأولا تزعم أن "الاخوان جماعة إرهابية" وفي نفس الوقت "الاخوان هم اللي عملوا ٢٥ يناير"، وهو ما يعني برأي محللين أن "٢٥ يناير أكبر عملية إرهابية في التاريخ"، وهو ما ظهر جليا -وظهرت أمثاله- على لسان مرتضى منصور قبل نحو 5 أعوام في أدائه اليمين أمام برلمان العسكر، إضافة لتنكر الأذرع الإعلامية لثورة 25 يناير وتنكليهم بمن شارك فيها ولو عند بعد. وأشار مراقبون إلى أن الطاغية عبدالفتاح السيسي ذاته -في تبريره لمأساة سد النهضة- اعتبر أن ثورة 25 يناير تسببت في أن "تعري مصر ظهرها وتكشف شعرها"!
أداة "بن زايد"
في ذكرى يناير التاسعة خرج غنيم، بعد سنوات من الغياب، لمتابعيه في أول فيديوهاته حليق الرأس والحاجبين وبملابس شبه عارية، مع تصرفات انفعالية وغير متزنة، وهو ما جعل الكثيرين يطلقون عليه بأنه شخص مريض نفسيا، ويحتاج إلى طبيب وعلاج ومصحة نفسية.
وتراجع غنيم عن مهاجمة الانقلاب، وعن أفكاره "الثورية"؛ وظهر موجها لصرف دعوته الشباب إلى عدم الاستجابة لمطالبات المقاول والممثل المصري محمد علي، بالنزول إلى كافة الميادين تزامنا مع الذكرى التاسعة للثورة المصرية، والمطالبة برحيل الطاغية عبد الفتاح السيسي. وهاجم دولة قطر، وتجنّب إدانة النظام العسكري وزعيم عصابة الانقلاب واعتقاله للآلاف من الثوار والزج بهم في السجون، وتعذيبهم وإعدام العشرات منهم بسبب تهم تتعلق بمعارضتهم للنظام، وسحق أي أصوات تنادي بالتغيير والحرية، وفق تأكيدات مؤسسات حقوقية دولية.
وبدأت صحف ومواقع الانقلاب ولجان المخابرات تتبني هذيان غنيم وتروج لتخاريفه وسط حفاوة وإشادة به بعد مهاجمته الثوار، ومطالبته بعدم الاستجابة لأي دعوات للعصيان المدني أو الاحتجاج على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في ذكرى 25 يناير.

مذكرات الغربيين
ورأى مراقبون أن من يطلع على مذكرات القادة الغربيين إبان تلك الحقبة يجد شقا منها في حديث وائل غنيم ومن هم على غراره، وبالأخص في محاربة الإخوان وإنكار وجودهم ومراقبة تحركاتهم ودورهم في الثورة واحتمالات صعودهم السياسي.
وقبل أسابيع كشف الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن مذكراته (أرض الميعاد) عن ثورة يناير، ورآه مراقبون متحاملا بقوة على الإسلاميين وفي القلب منهم الإخوان المسلمين، وأنه استمع إلى ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وآخرين منهم بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، والذين حذّروه من التخلي عن حسني مبارك، حيث أبلغه محمد بن زايد بأن سقوط مبارك وصعود الإخوان المسلمين إلى الحكم يعني "سقوط ثمانية قادة عرب آخرين"، وأن بيانات أوباما "توضح أن أميركا ليست شريكا يعتمد عليه في المستقبل البعيد".
بعدما أعلن أنه مع تطور الأمور، في ميدان التحرير واستمرار المظاهرات، طالب مبارك، في حديثهما الهاتفي الأخير، في 31 يناير 2011، بإعلان تخليه عن الحكم فورا "لو أراد ضمان انتخاب حكومة لا يسيطر عليها الإخوان، لأن استمراره في الحكم وإطالة عملية الانتقال السياسي سوف تكونان أكثر شيءٍ خطورة على مصر"!
كما تناولت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أحداث ثورة يناير في مذكراتها، التي صدرت قبل سنوات تحت عنوان "خيارات صعبة " وتحدثت عن رقابة لصيقة لأحداث الثورة ودور الفاعلين فيها وأبرزعم المجلس العسكري والإخوان.
أما رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون، فكانت مذكراته وجهة نظر الغربيين تجاه الإخوان حيث تناول أحداث الربيع العربي في الجزء الرابع من مذكراته. وقال كاميرون في هذا الجزء:" بدأت رحلة بزيارة لمصر، يوم 21 فبراير زرت ميدان التحرير المركز الملحمي للثورة، أول قائد أجنبي يفعل ذلك، تكلمت مع بعض المتظاهرين بما فيهم فتى متحمس لون وجهه بعلم مصر، كان الشعور أن المكان كان على مشارف التغيير."
وتابع:" سفيرنا دومينك سكوت رتب سلسلة من اللقاءات مع نشطاء الديمقراطية و المدونين، واتفقنا مسبقا أنه لا ينبغي أن تشمل ممثلين عن جماعة الإخوان المسلمين أو المنظمات الإسلامية ذات العلاقة". واستطرد متحدثا عن الإسلاميين-رأي: " أبعد ما يكونوا عن المبادرة بالانتفاضات، كان الإسلاميون قد تفاجئوا بها و هم يحاولون تحويلها لصالحهم، لا ينبغي أن نعاونهم في ذلك. ‎بالطبع عندما حاول المتطرفون خطف المظاهرات، تم إسكاتهم، فالشعب المصري يرفض كلا من السلطات الفاسدة والتطرف"، فهدف الجميع هو إقصاء الإسلاميين من المشهد السياسي وإنكار أدوارهم البطولية في انتزاع الحرية والعدالة وتحرير القرار الوطني من خاطفيه من شلة الجنرالات الفسدة المتآمرين على مصر وشعبها لحساب أجندات خارجية.