كتب محمد مصباح:
في واقعة تؤكد مخطط السيسي لتحويل مصر إلى شبة دولة، لا قانون ولا دستور، ولا استقلال لمؤسسات، حتى وإن كانت تسبح بحمد السيسي ليلا ونهار.. عبر ثلة من لواءات الجيش والشرطة السابقين وبعض صعاليك ومرتزقة برلمان الدم، واصل أمس، مجلس النواب تحديه الهيئات والجهات القضائية، باستكمال مناقشة القانون الخاص بهم، الذي رفضه سابقا مجلس القضاء الأعلى، وأرسل خطابًا رسميًا إلى رئيس البرلمان، يفيد برأي المجلس، وفقا للدستور، رفضه بالإجماع مشروع القانون المقدم من وكيل اللجنة التشريعية، أحمد حلمي الشريف، بشأن طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وتمسكه بمبدأ الأقدمية المطلقة.
اختيار رؤساء الهيئات
واقترح الشريف المزج بين الاختيار والأقدمية في اختيار رئيس محكمة النقض، وأن يكون الاختيار من بين الأقدم، باستبدال نص الفقرة الثانية من المادة (44) بقانون السلطة القضائية، بحيث يعين رئيس محكمة النقض بقرار من رئيس الجمهورية من بين 3 من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، يرشحهم مجلس القضاء الأعلى من بين أقدم 7 أعضاء.
وقال في اجتماع اللجنة التشريعية، أمس الأحد، إن محاولات تعديل قانون السلطة القضائية بمثابة دعوة من المشرع للسلطة القضائية أن تطور نفسها، وتعدل من نصوصها، بهدف تقديمها إلى البرلمان، مشيرًا إلى التعيين يجب أن يرتبط بالاختيار أو الأفضلية، عوضًا عن الأقدميات المطلقة.
مزاعم ومبررات التعديلات المرفوضة
وبكلمة حق يراد بها باطل، زعم أن نظام الأقدميات فيه عيوب كثيرة، من بينها التأثر بالظروف الصحية أو السن، فضلاً عن أن الاختيارات تحمل بين طياتها بعض المحاباة، معتبرًا أن التعديل الذي تقدم به جاء احترامًا لوجهة نظر مجلس القضاء الأعلى، وانصياعًا لرأي مجلس الدولة الذي وصل البرلمان بشكل رسمي.
وفي 12 مارس الجاري، عقد مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار مصطفى شفيق، اجتماعًا لمناقشة مشروع قانون تعديل طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، المقدم من عضو مجلس النواب، أحمد حلمي الشريف، وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في المجلس، وقرر القضاة رفض مشروع قانون تعديل طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية.. معلنين تمسكهم بطريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية الواردة في قانون السلطة القضائية القديم، الذي ينص على مبدأ الأقدمية في اختيار رؤساء الهيئات والجهات الحكومية.
ما وراء التعديلات
ويرى خبراء وقانونيون أن التعديلات يستهدف منها السيسي وقف فرص بعض كبار القضاة من مؤيدي استقلال القضاء، ورافضي الانقلاب العسكري من كبار القضاة، المقرر تصعيدهم كرؤساء الهيئات القضائية وفق الأقدمية القضائية المعمول بها، وفق القانون.
ومنهم القضاة:
أنس عمارة، حيث يستهدف السيسي بعض رموز محكمة النقض، لا سيما رئيس المحكمة المستشار أنس عمارة، وهو قريب الصلة بالرئيس الأسبق لمحكمة النقض، رئيس الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور 2012، المستشار حسام الغرياني، الذي يعتبره نظام السيسي قاضيا "إخوانيا"، كما تم إبعاد جميع المقربين منه عن المناصب القيادية التي كانوا يتولونها في وزارة العدل.
لكن عمارة لن يتولى منصبه بالتعيين، بل وفقا للأعراف والتقاليد، باعتباره أقدم قضاة محكمة النقض.. ولذلك تفكر السلطة في منعه بقوة القانون، بواسطة تعديلات برلمان الدم، أو خفض سن التقاعد عامين كاملين للإطاحة به.
يحيى الدكروري، وهو أيضا ما يرغب السيسي عدم تعيين المستشار يحيي الدكروري، أقدم نواب رئيس مجلس الدولة، رئيسا للمجلس وللمحكمة الإدارية العليا، في ضوء الحكم الذي أصدره ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين القاهرة والرياض، الذي تم بموجبه التنازل عن ملكية تيران وصنافير للمملكة، خصوصا أن حكم الدكروري أشعل قلقا شديدا داخل دوائر السلطة.