ظاهرة الأخطاء اللغوية لشيوخ القضاة تفتح ملف تطهير وإصلاح منظومة العدالة

- ‎فيأخبار

1024×768

Normal 0 false false false /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:”جدول عادي”; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:””; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:”Times New Roman”; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;}

 

·       70 خطأ لغويًا في 20 دقيقة بكلمة نبيل صليب رئيس اللجنة العليا للانتخابات

·       قاضي محاكمة القرن للمخلوع وقع في أخطاء بالجملة في اللغة والآيات القرآنية

·       ضعف اللغة يؤثر بشكل مباشر على الأحكام الصادرة والحرف الواحد يغير المعنى

·       نقص الكفاءة والمهنية لدى بعض القضاة يجعلهم أداة وذراع للسلطة وليس العدالة

·       امتلاك ناصية اللغة وقراءة التاريخ يمثلان مهارات أساسية لا يستقيم عمل القاضي بدونهما

·       خبراء: أخطاء القضاة تستدعي إعادة النظر في معايير الاختيار بالسلك القضائي

·       محمد كمال: الأخطاء بنطق الأسماء التاريخية والآيات القرآنية يكشف انعدام الكفاءة

·       أحمد عبد الجواد: المستوى اللغوي المتدني يدل على أزمة في المهارات وطريقة الاختيار


يرى خبراء سياسيون أن وقوع بعض شيوخ القضاء في أخطاء لغوية مسألة أصبحت متكررة وتقترب من الظاهرة السيئة في سلطة العدالة وتحمل دلالات سلبية عميقة، بعدما تكرر وقوع قضاة كبار في السن والمنصب بأخطاء في اللغة والنحو والتاريخ بأمور أولية تمثل مهارات أساسية لا يستقيم عمل القاضي بدونها، مما يثير الشكوك حول أسس ومعايير اختيار القضاة ومدى نزاهتها، خاصة وأن اللغة وإتقانها مسألة ضرورية ترتبط ارتباط وثيقاً بسلامة وصحة وحجية الأحكام.

وربط الخبراء في تصريحات لـ"الحرية والعدالة" بين ضعف مهارات وإمكانات القاضي وضعف جدارته بمسألة علاقته بالسلطة حيث كشفت أحكام البراءة للجميع والأحكام التي ترضي سلطة الانقلاب إلى تحول بعض القضاة لذراع من أذرع السلطة وليس العدالة، بما يطرح أولوية تطهير وإصلاح المنظومة القضائية ذاتها.

70 خطأ لغوي في 20 دقيقة

وكانت وكالة الأناضول للأنباء قد رصدت في تقرير لها وقوع المستشار نبيل صليب- رئيس اللجنة العليا للانتخابات المعينة من سلطة الانقلاب للاشراف على استفتاء الدم – في 70 خطأ لغويًا خلال إعلانه، مساء السبت 18 يناير الجاري، نتيجة الاستفتاء على مشروع دستور الانقلاب العسكري الدموي.

وتولى صليب وعمره 69 عامًا في أول يوليو الماضي منصب رئيس محكمة استئناف القاهرة، ما أهله لعضوية المجلس الأعلى للقضاء – الجهة الرسمية المنوط بها إدارة شؤون القضاة في مصر- ورئاسة اللجنة العليا للانتخابات.

وفي مؤتمر صحفي وصفه التلفزيون المصري الرسمي بـ"العالمي" لإعلان نتيجة الاستفتاء الدموي، احتوت كلمة رئيس اللجنة العليا للانتخابات، التي كان يقرأها من ورق مكتوب أمامه، على 70 خطأ لغويًا خلال عشرين دقيقة هي مدة الكلمة، أي بمعدل ثلاثة ونصف خطأ في الدقيقة.

يذكر أن  المستشار أحمد رفعت – رئيس محاكمة القرن للمخلوع حسني مبارك – قد وقع في العديد من الأخطاء اللغوية والنحوية بالخطبة التي ألقاها قبل الحكم ووصفها البعض بالهائلة وقد ظهرت في كلامه بوضوح بالجمل بما فيها الآيات القرآنية ذاتها، كذلك وقع ممثل النيابة بالقضية نفسها في أخطاء لغوية كثيرة.

أيضا نموذج المستشار خالد محجوب بقضية وادي النطرون كان خطابه مليء بالأخطاء اللغوية والنحوية.

ضعف الكفاءة

وحول دلالة هذه الأخطاء باللغة والتاريخ وعلاقتها بمدى سلامة الأحكام ودقتها، أكد محمد كمال جبر – الباحث المتخصص في العلوم السياسية – أن مسألة الأخطاء اللغوية لبعض القضاة مسألة متكررة، وهناك نماذج كثيرة حية شاهدها الرأي العام في عدد من المحاكمات منها على سبيل المثال لا الحصر ما رصدناه مؤخراً للمستشار نبيل صليب بمؤتمر إعلان نتيجة الانتخابات، أيضا المستشار أحمد رفعت وممثل النيابة في قضية محاكمة القرن للرئيس المخلوع، أيضا المستشار خالد محجوب في قضية وادي النطرون حيث تضمنت قراءتهم أخطاء لغوية كثيرة.

وأوضح "جبر" أن القاضي نبيل صليب لديه كثير من الأخطاء اللغوية ليس فقط في الأخطاء النحوية بل أيضًا في نطق الأسماء مما يكشف انعدام أبسط معاني الكفاءة في معرفة اللغة والتاريخ، فمثلا شخصية "قطز" وهو أحد أبطال التاريخ الإسلامي والعربي ومع ذلك لم يتمكن من نطق اسمه صحيحا رغم أنه ليس شخصية مغمورة، مما يكشف أزمة في معايير الكفاءة التي يتم اختيار بعض القضاة على أساسها.

ولفت إلى أن القاضي نبيل صليب كان قد نشر مقال له بالأهرام منذ فترة طويلة يطالب فيها بعدم إجراء انتخابات بسبب نسبة الأمية بينما يعاني هو من ضعف مهارات القراءة الأساسية.

وقال الباحث السياسي، إن هذا النموذج تكرر من قبل وليس الأول من نوعه، فالقاضي "أحمد رفعت" وممثل النيابة في قضية محاكمة مبارك المخلوع وقعوا في أخطاء لغوية فجة، والقاضي أحمد رفعت أخطأ في نطق آية قرآنية مكتوبة في أوراق أمامه، بالإضافة للأخطاء اللغوية الفادحة أثناء المحاكمة، أيضا ممثل النيابة بالقضية ذاتها لم يجيد قراءة أوراقه أيضا وهي أمام عينيه.

وأضاف أن هذه النماذج الواضحة الأمر فيها يتعلق بأمور ليست صعبة أو معمقة ولا تحتاج متخصص بل هي أمور لغوية ونحوية بسيطة وأولية تتعلق بقواعد نحو بسيطة جدا ومع ذلك لا يستطيعوا ضبط آخر الكلمات للفاعل والمفعول والمجرور، مشدداً على أن هذه الحالات كثيرة وأننا لا نشخصن الأمور بل بشكل عام هناك مشكلة لدى البعض، فهناك شخصيات قضت 40 سنة بالقضاء ومع ذلك يقعوا بأخطاء فادحة مما يكشف خللا ما ودليل سوء في معايير الاختيار نفسها.

وأوضح "جبر" أن اللغة تؤثر عضويا على الأحكام الصادرة، وأي خطأ لغوي يؤثر بمضمون الحكم، مما يؤكد أن هناك شخصيات ليس لديهم كفاءة لغوية أو ثقافة تاريخية تؤهلهم لاحتلال هذه المناصب القضائية الرفعية ويكشف أن اختيار البعض قام على أساس التوريث والواسطة وغيرها، وأن قضية الأخطاء اللغوية والتاريخية تفتح الشك في أسس اختيار وعمل المنظومة القضائية ذاتها ومن أساسها وفي المعايير التي يتم اختيار أعضاء السلك القضائي بناء عليها.

ولفت إلى أن هذه الحالات المتكررة مؤخرا تكشف أن منظومة العدالة تمر بأسوأ مراحلها مما يجعلنا نطالب بتطهير وإصلاح القضاء والمنظومة القضائية، وإعادة النظر بمستوى التعليم بكليات الحقوق، خاصة وأن هذه الكليات أصبح الدخول فيها بأقل مجموع مما ترتب عليه ضعف الكفاءة والمهنية، مما يجعل بعضهم يرتمون بحضن السلطة والقيام بدعمها بسبب عدم وجود رصيد من الكفاءة فيلجأ بعضهم للتحالف مع السلطة وإصدار أحكام ترضي هذه السلطة.

وأشار "جبر" إلى أن الكفاءة والمهنية والثقة بالنفس تؤدي للتمتع بالاستقلالية، وفقدانها يحول القاضي لذراع من أذرع السلطة في الظلم وإصدار أحكام موافقة للسلطة ودليل ذلك العديد من الأحكام الأخيرة بتبرئة قتلة الثوار ومهرجان البراءة للجميع والتواطؤ مع سلطة الانقلاب ودعمهم لها وخروج بعض القضاة في مظاهرات 30 يونيو، مما يؤكد أولوية مطالب الثورة في تطهير وإصلاح القضاء.

لغة ركيكة ومخجلة

من جانبه يرى أحمد عبد الجواد – وكيل مؤسسي حزب البديل الحضاري – أن الأخطاء اللغوية للقاضي نبيل صليب رئيس اللجنة العليا للانتخابات المعينة من سلطة الانقلاب أثناء المؤتمر الصحفي لإعلان نتائج استفتاء الدم، تكشف مستوى متدني في اللغة والمهارات الأساسية من قضاة، مع أن القضاة مفترض أنهم عدل الله في الأرض ويحكمون بشرع الله والقرآن الكريم وهو معجزة في دقته اللغوية، بينما عندما يتحدث بعض القضاة بهذه اللغة الركيكة والمخجلة فهذا يكشف العديد من الحقائق والمشكلات المتراكمة التي أفرزت هذا الوضع وهذا المستوى.

وأشار عبد الجواد أن ذلك يرجع إلى سوء النظام التعليمي في مصر ومستواه الركيك عقب الانقلاب العسكري في 1952 الذي أفرز هذه النماذج، على عكس حال قضاتنا قبل 52 فقد كانوا قضاة أجلاء وكانت كلية الحقوق هي كلية القمة ولا يدخلها إلا الطالب النجيب بحق، أما ما بعد 52 أصبح مستوى التعليم في تدهور وأثرت معايير اختيار القضاة أيضا على من يعمل بالسلك القضائي، فلم تعد تقوم على معايير الكفاءة والجدارة في بعض منها بل على النسب والمحسوبية و"ابن فلان" و"صديق فلان" ومن ثم ليس غريبا وصول قاضي كبير لهذا المستوى من اللغة العربية المستوى الذي يثير الغثيان والسخرية حيث وقع منه أكثر من 70 خطأ لغويا في 20 دقيقة مما يعد كارثة على حد وصفه، فرئيس محكمة استئناف مستوى لغته ركيك وأخطأ في اسم "سيف الدين قطز" 3 مرات وهو اسم يعلمه الجميع مما يعد دليل جهل بتاريخ الأمة.

ونبه إلى أن هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها فقد سبق ووقع القاضي أحمد رفعت في خطأ لغوي حين تلي آيات قرآنية من كتاب الله.

وأشار – وكيل مؤسسي حزب البديل الحضاري –  إلى أن بعض القضاة أصبحوا لا يهتمون بتحسين اهتماماتهم وقراءاتهم القانونية ومهاراتهم اللغوية رغم أنها مهارات أساسية أولية لا يكتمل دور وأداء القاضي بدونها إلا أن البعض لا يهتم بما يجب ويشغل نفسه بالأمور والقضايا السياسية، وأصبح هناك قاضي يهتم بإلقاء خطبة سياسية عصماء بعيدا عن لب القضية، مما أسقط هيبة القضاء، ولو أن أولوية الاهتمام بالقانون وليس السياسة لما فوجئنا بأحكام مثل قضايا حركة 7 الصبح وكذلك حكم بحبس طلاب الأزهر  17  سنة.  

وأضاف :" لقد وجدنا حبس متظاهرين سلميين وترك لسكارى بالطرقات، فلو كان الاهتمام بالجوانب القانونية لما رأينا أحكام عجيبة واتهامات سخيفة وملفقة للرئيس الشرعي المنتخب د. محمد مرسي بسرقة وتخابر وهي تهم يخجل منها أي قانوني وجعلتنا أضحوكة العالم، حيث نرى الميول السياسية هي الغالبة على القضاة عقب ثورة 25 يناير وعقب انقلاب 3 يوليو.

ولفت "عبد الجواد" إلى أن العلاقة جوهرية بين اللغة العربية وإجادة القاضي لها وبين ما يصدره من أحكام بشكل عضوي وللغة علاقة مباشرة بمدى سلامة الأحكام القانونية، لأن الحرف يفرق فارقا كبيرا في الحكم، ومن المستغرب أن هؤلاء من كانوا مسئولين عن صياغة دستور الانقلاب ومفترض أن هناك لجنة قانونية لكتابته، نجد أنهم يعانون أخطاء في الكتابة والنطق والصياغة، مما يكشف أنهم يفتقدون أسس أساسية ليكونوا قضاة أصلا.