كتب: سيد توكل
"احجز شقتك في الإعلان الجديد من الإسكان المتميز "سكن مصر"، كان ذلك أحد العناوين الخادعة التي انتشرت في مواقع وصحف وفضائيات الانقلاب، ضمن أكاذيب لا تنتهي من حكومات السفيه عبدالفتاح السيسي، والتلاعب بحقوق البسطاء في سكن آمن وآدمي.
و"الإسكان الاجتماعي" هو سكن منخفض التكلفة، تتكفل به الدولة تجاه مواطنيها من محدودي الدخل، عبر تمليك شقق بمساحات صغيرة للمواطنين مقابل مقدم مالي رمزي وأقساط شهرية ضئيلة، وتعلن حكومات الانقلاب سنويا عن عدد الشقق التي تم الانتهاء منها، أو تلك التي يتم إجراء القرعة عليها أو تسليمها للمواطنين، وينتهي الأمر إلى "بيع الهواء" للجمهور.
من جهته، صرح الخبير الاقتصادي "محمود عبدالله"، بأن الشعب لم يعد يحتمل الكذب والمراوغة، كما لم يعد يحتمل أن يتحول إلى سلعة ومطية جديدة لمسئولي وزارة الإسكان، ممن تاجروا به وبأحلامه في مشروع الإسكان الاجتماعي، أو إن شئت قلت كما قال ضحاياه "مشروع النصب الاجتماعي" على محدودي الدخل.
الرواتب لا تكفي
وأضاف الخبير الاقتصادي "محمود عبدالله" أن "الجريمة التي ارتكبتها وزارة الإسكان وروجت لها وأوقعت فيها ضحاياها، تمت عبر إعلانات بالصحف القومية، تتمثل في طرح وحدات لمحدودي الدخل بالمدن الجديدة، ممن لا يزيد دخل الفرد الذي لم يتزوج فيهم عن 2500 جنيه، والأسرة "زوج وزوجة" عن 3000 جنيه، وبغض النظر عن أن هذه الرواتب لا تكفي مصاريف أسرة من مأكل ومشرب وعلاج فقط".
جدير بالذكر أن مقدم الوحدة السكنية المطروحة لمحدودي الدخل هو 25000 جنيه ، و200 جنيه مصاريف استعلام لا ترد، عبارة عن سبوبة مضمونة إذا ما ضربت في عدد المتقدمين لكل إعلان، ولأن الحكومة تبحث عن جمع الأموال، فلم تكتف بالحصول على رسوم الاستعلام حتى فى حالة عدم تخصيص وحدة، بل أرادت أن يعم الخير الجميع، فقررت أن يتم تقديم الأوراق عبر البريد، وهى مصاريف أخرى يتحملها محدودو الدخل، ثم ترسل الأوراق بعدها لصندوق التمويل العقاري، وتحول المقدمات لبنك التعمير والإسكان، بعد أن كان التقديم فى السابق يتم مباشرة من خلال البنك.
برعاية العصابة
من جهته، يقول الخبير في الشئون الاجتماعية علي محيي: إن ما حدث هو أن الدولة، ممثلة في وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، باعت محدودي الدخل لصالح البنوك العامة والخاصة، الوزارة نصبت على الفقراء ومن يحلمون بوحدة سكنية آدمية، بل زد على ذلك أن المساحة المعلن عنها هي في خيال الوزير ورجاله فقط، فالمساحات الفعلية أقل بكثير من المعلن عنه، حيث اعتاد تجار العقارات على ضم الردود والحيز الخاص بكل عمارة على مساحات الشقق عند حساب المسطح الإجمالي للعقار.
وتابع: "ما حدث هو تسليم الغلابة "تسليم أهالي" للبنوك كي تمارس عليهم عُقَدها المصرفية، حيث لم تعلن وزارة الإسكان عن أن المتقدمين سيتعاملون مع البنوك العامة والخاصة، فجميع من تقدم للحجز اعتقد أنه سيتعامل مع بنك التعمير والإسكان كما هي العادة، لكن الحقيقة أن التعامل كان مع بنوك أخرى، من بينها التعمير والإسكان، بمعنى آخر أن ما حدث يوحي بقيام الوزارة ببيع الوحدات للبنوك أو تسليمها للبنوك لتسويقها بمعرفتها، ليصبح الثمن الحقيقي للوحدة "علبة الكبريت" أكثر من 200 ألف جنيه.
ضحية النصب
المواطن محمد علي، تحول حلم حصوله على شقة إلى كابوس، عندما أعلنت الوزارة عن طرح شقق في مشروع الإسكان الاجتماعي، بمقدم خمسة آلاف جنيه، وقسط شهرى 480 جنيهًا يزيد 7% سنويًّا لمدة 15 عامًا، بعد استكمال 15% مقدمًا للشقة، وعلى هذا الأساس تقدَّم للحجز، حيث قال: "تقدمت للحصول على وحدة سكنية، بعد إعلان اسمي ضمن الفائزين، توجَّهت إلى بنك التعمير والإسكان للاستفسار عن مواعيد التسليم لمن انطبقت عليهم الشروط، وفوجئت بحسابات أخرى غير المذكورة بالإعلان الرسمي، وهي أن مقدم الشقة خمسة آلاف جنيه، وخمسة آلاف جنيه كدعم، وليس 25 ألفًا كما ذكر الإعلان، ليصبح الإجمالي عشرة آلاف، يتم خصمها من ثمن الشقة البالغ 135 ألف جنيه".
وتابع "يتم بعد ذلك حساب الدخل الخاص بالمتقدم وزوجته، فعلى سبيل المثال لو دخل الزوج والزوجة 2500 جنيه، يصبح القرض المتاح بما يعادل الدخل، وهو 93 ألف جنيه، بقسط شهري 875 جنيهًا، يزيد 7% سنويًّا لمدة 15 عامًا، وقطعًا هذا الكلام مختلف عما ذكر في الإعلان".
وأضاف "بعد ذلك يتم حساب 93 ألف جنيه إضافة إلى عشرة آلاف جنيه مقدم الحجز والدعم، فيصبح الإجمالي 103 آلاف جنيه، يتم خصمها من ثمن الوحدة البالغ 135 ألف جنيه، ويصبح الباقي 32 ألف جنيه، وهذا المبلغ يكون مقدم الشقة المطلوب سداده، وعندما أكدنا للبنك أنَّ تلك الإجراءات مستحدثة وغير مذكورة بالإعلان، أجابونا: لا علاقة لنا بالإعلان، ونحن ننفذ تعليمات وزارة الإسكان".