عجائب عبد القدوس
كيف نجت تونس من البلاوي المصرية؟
أظن أن عنوان مقالي هذا لفت نظرك وأنت تتساءل: يعني إيه؟
وفي ذكرى ثورتنا أقول لك إن تونس هي القدوة!! فالحكم المدني فيها مستمر بينما فشل في مصر! البلد الشقيق يتميز بأنه استطاع الإفلات من كل البلاوي التي شهدتها بلادي، ثورة تونس كانت تهددها أخطار جسيمة هي ذاتها التي واجهت ثورة يناير المصرية من القوى القديمة الرافضة للثورة والدولة العميقة التي تتربص بالنظام الجديد، وأوضاع اقتصادية صعبة جدا، واختلاف واضح وشاسع بين شركاء الثورة كاد أن يدفع بالبلاد إلى حرب أهلية!
وفي يقيني أن تونس فيها مجتمع مدني ناضج أفضل من مصر ربما لقربها من أوروبا، ولم يستسلم هذا المجتمع الذي يحتضن الثورة للفشل، بل أجبر شركاء الثورة على الجلوس معا وتقديم تنازلات مؤلمة من كل جانب حتى تستمر سفينة البلاد في الإبحار ولا تتعرض للغرق!
وكان “اتحاد تونس للشغل” وهو منظمة عمالية عريقة الوسيط بين قوى الثورة للاتفاق على خريطة طريق، واستحق أن ينال جائزة نوبل للسلام لدوره العظيم في إنقاذ البلاد من الفوضى.
ويلاحظ أيضا أن الجيش في تونس بعيد عن التدخل في شئون السياسة والحكم، وليس له تاريخ في الانقلابات، ولذلك رفض التدخل لمصلحة طرف دون آخر في تونس وترك شركاء الثورة حتى اتفقوا، على الرغم من أنه واضح من البداية أنهم لن يتفقوا أبدا، لكن الحكمة تغلبت في النهاية لأن المجتمع المدني هناك رفض القبول بالهزيمة.
وتونس مشغولة حاليا بمواجهة التحديات الاقتصادية الاجتماعية الصعبة، وهم يتعاملون معها بطريقة مختلفة تماما عما يجري في مصر، حيث الزعيم الأوحد الذي يأمر فيطاع في ظل الحكم العسكري!
وتونس ليس عندها رئيس من هذا الطراز، والحمد لله نجت من الرئيس الأوحد والقائد الملهم الذي تهتف له الجماهير بالروح والدم نفديك يا ريس، فالحكم هناك للشعب الذي لا يعرف تلك العقلية.. التي أودت بالعرب إلى التهلكة.. مبروك يا تونس وعقبالك يا مصر.
