شاهد| فانتازيا السيسي وترويج الأوهام والأساطير المؤسسة لـ30 يونيو

- ‎فيتقارير

عادة ما ينفي الجنرال عبد الفتاح السيسي عن نفسه ما يؤرقه، فتراه بين الحين والآخر يجدد النفي كمن على رأسه بطحة يتحسسها كل حين، وخير مثال على ذلك نفيه المتواصل أنه لم يخن ولم يغدر بالرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي؛ ذلك أن تهمة الغدر والخيانة ستلاحقه حتى يوم الحساب، فقد انقلب على الرئيس الذي رقاه وعينه وزيرا للدفاع.

مثال آخر على نفي الجنرال، ما صرح به أمس السبت بحسب ما أبرزته مانشيتات صحف اليوم الأحد 25 مارس 2018م، حيث ينفي ترويج الأوهام الكاذبة، فقد جاء في مانشيت “الأهرام”: «السيسى: لم نلجأ لمسكنات ولا نروج للوهم والآمال الكاذبة». وفي مانشيت “الأخبار”: «السيسى: العلم طريقنا إلى المستقبل.. “سيناء 2018” تحقق نجاحات كبيرة وتؤكد أننا على الطريق الصحيح.. صارحنا الشعب ولم نلجأ للمسكنات.. ولم نروج الأوهام».

فانتازيا التصريحات والأرقام

الفانتازيا هي نوع من الأدب، يقوم على استخدام السحر والأوهام لإلهاء القارئ أو المشاهد بصور وحكايات خرافية لا أساس لها في دنيا الواقع، وعندما نضع تصريحات وأرقام الجنرال السيسي وأركان حكومته في ميزان الاختبار سوف نجد أنها تجاوزت حدود الفانتازيا بمراحل، وتحلق في أجواء من الأكاذيب والأوهام لم تمارسها حكومة مصرية من قبل طوال تاريخها كله.

ألم يكن الترويج لتفريعة قناة السويس الجديدة وأنها سوف تحقق إيرادات تصل إلى 100 مليار دولار كل عام بحسب تصريحات الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة القناة، ترويجا لأكاذيب وأوهام لا علاقة لها بالواقع مطلقا؟.

أليس الترويج للمؤتمر الاقتصادي العالمي منتصف مارس 2015، وأنه سوف يجلب مئات المليارات لمصر ومانشيتات الصحف وتعليقات أركان فضائيات العسكر شاهدة على ذلك، ثم انتهى أمر المؤتمر إلى “فنكوش كبير”؟ ألم يكن ذلك ترويجًا للأوهام والأكاذيب؟!.

وقبلها ألم تعلن المؤسسة العسكرية نفسها في مؤتمر إعلامي كبير، عن جهاز اللواء عبد العاطي كفتة، الذي يعالج الإيدز وفيروس سي وجميع الأمراض بتحويل الفيروس إلى صباع كفتة يتعاطاه المريض فيشفى تماما؟!

ألم يثبت أن ذلك كان ترويجا للأوهام والأكاذيب ومسكنات للشعب في الوعد بمستقبل أفضل أسفر عن كابوس مؤلم لا يزال الشعب يعاني من مرارته حتى اليوم؟!.

ألم تشن أبواق العسكر الحكومية والإعلامية والسياسية أكبر حملة كذب وتضليل في التاريخ، بالزعم أن جزيرتي “تيران وصنافير” سعوديتان، ولم تقدم الحكومة أي وثيقة تثبت هذه المزاعم؟.

 الأساطير المؤسسة لنظام 30 يونيو

بل إن لغة الأرقام التي يؤكد الخبراء أنها لا تكذب أبدا، أصبحت في ظل نظام “30” يونيو لا تكذب فقط بل تُخرف أيضا.

وفي مقاله «عندما تخرّف الأرقام في مصر»، يؤكد الباحث أسامة الرشيدي في صحيفة العربي الجديد بتاريخ 23 مارس 2018م، أن نظام “30” يونيو قام أساسا على أكذوبة كبيرة وأوهام لا حصر لها.

أول الأوهام والتخاريف المؤسسة لنظام 30 يونيو، عندما قيل إن عدد الاستمارات التي وقعتها حركة تمرد بلغت 22 مليون استمارة!، واحتفى الإعلام المصري بذلك الرقم من دون إخضاعه لأي تدقيق أو مراجعة، فقد كان المطلوب وقتها هو التضخيم من حجم المطالبين بعزل الرئيس محمد مرسي بأي شكل.

ثم تأسس نظام 30 يونيو على أكذوبة أخرى، تم الترويج لها على نطاق واسع، تزعم أن المشاركين في مظاهرات 30 يونيو 2013 بلغ عددهم 33 مليون شخص. وقد استمرت الأذرع الإعلامية في ترديد تلك الأكذوبة المضحكة طويلاً، وما زال يستخدمها بعضهم. ومع التسليم بأن المشاركين في المظاهرات كانوا ملايين الأشخاص، إلا أنه لا يمكن بأي حال معرفتهم بهذه الدقة المتناهية، فضلاً عن استحالة بلوغ أعدادهم ربع ذلك الرقم أو أقل منه، كما أن الأذرع الإعلامية تجاهلت ملايين أخرى خرجت في الجهة الأخرى، لتعبر عن وجهة نظر مختلفة، لكن الإعلام سجّل المشهد الأول وتجاهل ما عداه. وقد استمرت الاستعانة بالأرقام من هذه النوعية التي لا مرجعية لها.

“امتدت الأرقام الخرافية إلى أذرع السيسي الإعلامية” وسيلة للتحقق منها، عندما أعلن عن انطلاق حملة تجميع استماراتٍ تطالب السيسي بالترشح لفترة ثانية، وأعلن منسقو الحملة أن عدد الاستمارات بلغ أكثر من 12 مليون استمارة، لكن بعد الإعلان عن فتح باب الترشح في الانتخابات، لم يستطع السيسي تجميع أكثر من نصف مليون توكيل فقط، على الرغم من حملة الترهيب التي اتبعتها أجهزة الدولة لإجبار الموظفين على تحرير توكيلات وحشد المواطنين الفقراء أمام مكاتب الشهر العقاري، لتحرير التوكيلات مقابل أموال.

أرقام المشاريع الوهمية

من الأرقام الوهمية التي تم الترويج لها أيضا، أن قوات الجيش عثرت على 600 مليار في جبل الحلال في سيناء. وسبق أن خرجت صحيفة مصرية لتبشر المصريين أن قوات الأمن وجدت نصف مليار دولار داخل شقة رجل الأعمال، حسن مالك، الذي لفقت له تهمة الإضرار بالاقتصاد المصري، وأرجع الإعلام المحلي سبب انهيار الجنيه أمام الدولار إلى الرجل.

أما النوع الثالث من “التخاريف الرقمية” بحسب الكاتب أسامة الرشيدي، إذا صح التعبير، هي الأرقام غير المنطقية وغير المعقولة تحت أي مقياس، منها ما قاله عبد الفتاح السيسي عن إنجازه 11 ألف مشروع في أربع سنوات بمعدل ثلاثة مشروعات في اليوم الواحد! فإذا احتسبناها سنجد أنها لا تتجاوز أربعة آلاف وخمسمائة مشروع في أفضل الأحوال، وليس 11 ألفاً.

ويجدر أيضا التساؤل عن طبيعة تلك المشروعات التي تقام في هذا الوقت القياسي. وقد كشف الخبير الاقتصادي، عبد الخالق فاروق، عن أن جانباً كبيراً من تلك المشروعات المزعومة تتضمن مشروعاتٍ مثل “تطوير بوابات تحصيل الرسوم بطريق القاهرة – الإسكندرية، إنشاء بوابة لمدينة العلمين، إنشاء بوابة لمدينة 6 أكتوبر، افتتاح تطوير حديقة الأسرة”، وهكذا.

وسبق أن اتهم أحد الخبراء الاستراتيجيين المصريين الشيخ يوسف القرضاوي بأنه اشترى سلاحًا بعشرة مليارات دولار لما يسمى “الجيش المصري الحر”، وهو رقم لا تستطيع توفيره عدة دول مجتمعة لجيوشها.