شاهد| حتى يحكم الطاغية مدى الحياة.. دعوات مشبوهة لتعديل الدستور

- ‎فيتقارير

مع انتهاء مسرحية الرئاسة مباشرة، انطلقت أصوات المنافقين تطالب الجنرال الطاغية عبد الفتاح السيسي ومكونات نظام انقلاب عسكر 30 يونيو بتعديل المادة 140 من الدستور، بما يسمح للطاغية بالحكم مدى الحياة.

وتنص المادة 140 على عدم جواز ترشح رئيس الجمهورية لأكثر من دورتين، كل دورة 4 سنوات فقط «يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة. وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوما على الأقل. ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أى منصب حزبى طوال مدة الرئاسة».

وطالب الإعلامي الذي كان مقربا من نظام مبارك، عماد الدين أديب، بضرورة تعديل دستور 2014 الذي وضعه العسكر، بما يضمن لرئيس الجمهورية الاستمرار في المنصب، ضاربا المثل بجمهورية الصين الشعبية التي عدلت دستورها لتصبح مدة الرئيس مفتوحة «مدى الحياة».

أديب قال، خلال لقائه مع الإعلامي نشأت الديهي في برنامجه «بالورقة والقلم» المذاع عبر فضائية «TEN» مساء الخميس 29 مارس 2018م: “هذا الدستور بالطريقة اللي صيغ بيها غير صالح للتنفيذ قولًا واحدًا”، ليرد الديهي بالموافقة على أن مدة 4 سنوات غير كافية للرئاسة، وأن مصر لا تتحمل انتخابات رئاسية كل 4 سنوات.

وعلى خطى أديب، اعتبر الدكتور مصطفى الفقي، عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني وأحد رموز نظام مبارك، أن تحديد مدة الرئيس في الدستور بـ8 سنوات على فترتين رئاسيتين، قصيرة جدًا ويجب تعديلها وزيادتها، مدعيا خلال لقاء له ببرنامج «يحدث في مصر» الذي يقدمه الإعلامي شريف عامر، ويذاع على فضائية «إم بي سي مصر»، أن السيسي يسعى لإنقاذ الأحزاب وإعطائها مساحة من الحرية والتحرك، كما يهتم بالشباب والصحة والتعليم في فترة رئاسته الثانية، وهي أمور قد تحتاج إلى وقت أطول من 4 سنوات.

وتعهد الجنرال الطاغية- في حوار مع محطة «سي إن بي سي» الأمريكية يوم 6 نوفمبر 2017م- بالاكتفاء بفترتين رئاسيتين ولن يترشح لولاية ثالثة في عام 2022، مدعيا «سوف أحترم نص الدستور المصري الذي يسمح للرؤساء بشغل مناصبهم لفترتين فقط، مدة الواحدة منهما أربع سنوات، وأنا لست مع إجراء أي تعديل في الدستور في هذه الفترة»، وهي التصريحات التي تشير إلى ترجيح تعديل الدستور في فترات أخرى قادمة تسمح له بالحكم مدى الحياة.

صناعة الأوثان

تعليقا على هذه الدعوات المشبوهة، يحذر الكاتب والمحلل السياسي جمال سلطان من «خطورة صناعة الأوثان السياسية»، في مقاله المنشور السبت 31 مارس 2018 بصحيفة المصريون.

يقول سلطان: «اليوم اكتشفت نفس الأصوات التي تعتصم بالواقعية السياسية إياها، أن السيسي قائد عظيم، ليس هذا فحسب، بل اكتشفت أنه حقق في أربع سنوات ما لم يحققه مبارك في ثلاثين سنة… ولم يستشعر هؤلاء أي مشاعر حرج من تناقض خطابهم أمس مع مبارك، واكتشافهم عبقرية السيسي اليوم».

ويضيف «الطريف أن نفس تلك الأصوات التي كانت تغني لعبقرية مبارك وأنه لا بديل له يصلح لقيادة مصر، وأنه لا بد أن يمنح فرصته كاملة في القيادة، عادت لتمتطي صهوة الإعلام من جديد وتروج لحكاية أن السيسي لا تكفيه مدتان رئاسيتان، لا بد أن يعطيه المصريون وقتا كافيا لتحقيق طموحاته ومشروعاته، كم هذه المدة المطلوبة يا حضرات؟، لا أحد يقول لك شيئا، فالمسألة مفتوحة على التساهيل، ولو بقي السيسي في منصبه أربعين عاما أخرى فستسمع في نهايتها نفس المنطق ونفس الحجة».

ويحذر سلطان «مصر ليست بحاجة إلى صناعة فرعون جديد، يكفي ما فعله فيها الفراعين، وعلى محترفي النفاق السياسي لكل العهود وخبراء دغدغة مشاعر الحكام وتحريك شهوتهم للتمسك بالسلطة أن يتوقفوا عن سمومهم، لوجه الله ولوجه الوطن».

وفي مقال آخر، اعتبرهم سلطان “أهل الشر الحقيقيين والكهنة الفاسدين، وأغلبهم ملوثون، وملفاتهم منظورة أمام القضاء حتى الآن في وقائع فساد ونهب المال العام”، محذرا النظام من الاستجابة لمثل هذه الدعوات.

جريمة دستورية

ويشدد الدكتور فؤاد عبد النبي، الفقيه الدستوري، على أنه ليس من حق برلمان العسكر ولا رئاسة الانقلاب تعديل مواد الدستور الخاصة بانتخابات رئاسة الجمهورية ومدته الزمنية المحددة، أو تلك الخاصة بمدة مجلس النواب، بالإضافة إلى مواد الحريات والحقوق التى كفلها الدستور»، وأضاف أن “تعديل هذه المواد يمثل جريمة دستورية، يحق للنائب العام حسب الدستور، أن يحركها أمام القضاء، وهو أمر وصفه الدستور المصري في مواده، إذ منع بشكل بات تعديل المواد الخاصة برئاسة الجمهورية ومجلس النواب والحقوق والحريات، وبالتالي فطرح الدستور للتعديل من خلال الاستفتاء العام، لا يخص المواد المذكورة”.

يتفق معه الدكتور جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري، مؤكدا أن الدستور حدد بعض المواد الجامدة والتى ليس من حق مؤسسات الدولة وسلطاتها تعديلها، سواء على المستوى القريب أو البعيد، حتى فى حال موافقة الشعب على تعديلها”. موضحا أن: “أهم هذه المواد، متعلق بمدة ولاية رئيس الجمهورية، والتى حددها الدستور بأربع سنوات فقط، مع إمكانية ترشحه لولاية رئاسية ثانية، ويمنع بشكل بات ترشحه لفترة ثالثة، وتمثل مخالفة دستورية، كما يمنع الدستور تعديل هذه المادة وفقا لمواد أخرى داخله، مشيرًا إلى أن دساتير العالم مليئة بالمواد الجامدة، والتى تمنع تعديلها مع الوقت خوفًا من سيطرة فصيل على إدارة وشكل الدولة”.