تصاعدت الحرب من جانب حكومة عسكر “30” يونيو ضد الإعلام الحر وشبه الحر في الفترة الأخيرة؛ وسط تكهنات بزيادة حدة هذه المواجهة خلال الأيام المقبلة على ما تبقى من حرية إعلامية.
وبحسب محللين ومراقبين، فإن الجنرال الديكتاتور عبد الفتاح السيسي يسعى لتكريس حكمه الاستبدادي من جهة عبر تمرير التعديلات الدستورية التي تتيح له الحكم مدى الحياة دون معارضة تذكر، إضافة إلى التعتيم على انحرافاته وتنازلاته عن الحقوق المصرية والسيادة المصرية من جهة أخرى، كما حدث في قضية تيران وصنافير والاتفاقيات العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تجعل الأجواء المصرية وقواعد الجيش العسكرية تحت إدارة وزارة الدفاع الأمريكية في أوقات الحروب.
اعتقال رئيس تحرير وإقالة آخر
ومؤخرًا شهدت الساحة المصرية عدة صور ومشاهد إعلامية مخزية جعلت مصر أضحوكة العالم التي يتندر عليها مقدمو البرامج الفكاهية في العالم؛ بدءا من تناول الإعلام الموالي للعسكر لمسرحية الرئاسة، ثم الترصد للصحف والمواقع التي فضحت أكذوبة المشاركة الشعبية والمشاهد المفتعلة مدفوعة الأجر.
وبعد المسرحية تم اعتقال رئيس تحرير موقع «مصر العربية» عادل صبري، على ذمة التناول الإعلامي للمسرحية، حيث فضح الموقع أكاذيب العسكر عبر ترجمة ما تكتبه الصحف الغربية والأمريكية عن المسرحية.
واليوم السبت، قررت النيابة استمرار حبسه 15 يوما وترحيله إلى الكيلو “10,5” بطريق الإسكندرية الصحراوي. الغريب أن النظام تجنب اتهامه بقضية نشر ترجمة تقرير عن “نيويورك تايمز” الذي فضح رشوة النظام لمواطنين بـ3 دولارات للمشاركة في المسرحية، وهي التهمة الرئيسية التي تم تغريم الموقع على أساسها من جانب المجلس الأعلى للإعلام الذي يرأسه مكرم محمد أحمد، فتم تلفيق تهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية وحبسه على ذمتها!.
كما تم تغريم صحيفة “المصري اليوم” الموالية للعسكر، 150 ألف جنيه بسبب مانشيت الخميس الماضي 29 مارس 2018، والذي فضح حشد الدولة للمواطنين للمشاركة في مسرحية الرئاسة. ثم تم الضغط على إدارة الصحيفة حتى تم فصل رئيس التحرير محمد السيد صالح، ومنع الصحيفة من نشر مقالات الكاتب العظيم عبد الناصر سلامة، أحد أفضل كتاب المقالات في مصر حاليا.
وشن نظام العسكر كذلك حربا على السوشيال ميديا؛ حيث تم اعتقال المدون الصحفي محمد أكسجين، صاحب صفحة “أكسجين مصر” على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، فجر اليوم السبت 7 أبريل 2018م.

«4» أسباب
وبحسب مراقبين، فإن السيسي يبدأ ولايته الثانية بمزيد من القمع والاستبداد والتضييق على حرية الإعلام ومصادرة الفضاء السياسي والإعلامي، ويستهدف الجنرال الديكتاتور من هذه الحرب في هذه التوقيت ومع بدء ولايته الثانية، عدة أهداف:
أولا: القضاء على أي صوت حر أو إعلام حر؛ من أجل تمرير التعديلات الدستورية المرتقبة على بعض مواد دستور 2014، خاصة المادتين (140، 226)، وإلغاء حظر تولي الرئاسة لأكثر من مدتين كل مدة 4 سنوات، بما يتيح للجنرال الديكتاتور الحكم مدى الحياة.
هذا هو الهدف الأبرز الذي يفسر هذه الهجمة الشرسة في هذا التوقيت على الإعلام الحر وشبه الحر. فالجنرال يريد تمرير هذه التعديلات في ظل وجود التشكيل الحالي للبرلمان الذي يهيمن عليه “ائتلاف دعم مصر” الذي أسسته الأجهزة الأمنية واختارت أعضاءه على الفرازة وفقا لمعايير هذه الأجهزة، بناء على الولاء المطلق والثقة المطلقة في الجنرال ونظام العسكر.
الهدف الثاني: هو التعتيم على فضائح الجنرال وتنازله عن السيادة المصرية سابقا ومستقبلا، حيث تنازل عن جزيرتي “تيران وصنافير” للسعودية رغم وجود أحكام قضائية نهائية بمصرية الجزيرتين، كما فرط في السيادة المصرية بالسماح للطيران الصهيوني بتدنيس الأجواء المصرية وقصف 100 موقع بسيناء، بحسب صحيفة نيويورك تايمز. إضافة إلى توقيع الجنرال اتفاقيات مشتركة مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تجعل الأراضي المصرية تحت سيطرة الأمريكان والروس.

الهدف الثالث: هو تكريس حكمه الاستبدادي، والعمل على منع أي أمل لانتفاضة وثورة شعبية أخرى كما حدث في 25 يناير 2011م. ولتحقيق هذا الهدف يسعى الجنرال إلى غلق منافذ التعبير عن الرأي، حيث تم غلق جميع الفضائيات الداعمة لثورة يناير والتيار الإسلامي والرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، كما تم حجب أكثر من 500 موقع إخباري، ومئات الصفحات وآلاف الحسابات على مواقع السوشيال ميديا، ثم اعتقال رئيس تحرير وإقالة آخر، كما تم وقف برامج ساخرة خوفا من تأثيرها على المواطنين وإثارة مزيد من الغضب على النظام الديكتاتوري الذي فشل في كل شيء.
الهدف الرابع: هو التعتيم على جرائم النظام الحقوقية، وانتهاكاته المتكررة لحقوق الإنسان، حيث كشف مركز النديم لحقوق الإنسان، في تقرير الأخيرة، عن أن نظام العسكر قتل 408 مصريين خارج إطار القانون في الشهور الثلاثة الماضية من عام 2018، ووثق كل هذه الجرائم، إضافة إلى جرائم الاختفاء القسري والإهمال الطبي المتعمد ضد المعتقلين السياسيين الذين يبلغون أكثر من 60 ألف معتقل.
ومستقبلا، يريد الجنرال التعتيم على فضائح صفقة القرن التي بدأت مؤشراتها تكشف عن تنازلات كارثية وتفريط غير مسبوق في السيادة المصرية، وتصفية القضية الفلسطينية خدمة للأمريكان والصهاينة.