بعد الإعلان رسميا عن فشل مسار المفاوضات مع إثيوبيا بشأن كارثة سد النهضة التي تهدد الأمن القومي المصري بصورة مخيفة وغير مسبوقة، فلماذا لا يعلن الجنرال الحرب على أديس أبابا؟ فمجرد الشروع في بناء السد بهذه الكيفية والإصرار على ملء بحيرة السد، بدءا من الصيف المقبل في 3 سنوات فقط، هو في حد ذاته إعلان حرب من جانبها.
ما بعد سد النهضة
ويحذر الكاتب والمحلل الاقتصادي مصطفى عبدالسلام من عجز نظام العسكر أمام الابتزاز الإثيوبي، وقلة حيلته لوضع حد لهذه الأزمة التي تعصف بالأمن القومي للبلاد.
يقول عبد السلام: «الأمن المائي المصري في خطر ومعه الأمن القومي المصري، والدفاع عن مياه النيل مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى المصريين، هذه حقيقة لا مبالغة فيها، وبالتالي فإن السؤال: هل بقي أمام مصر وقت لتتحرك دفاعاً عن حصتها التاريخية البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وهل لا تزال القاهرة تملك أوراق ضغط في هذه المرحلة الحساسة التي ستخفض حصتها من المياه بمقدار يتراوح بين 5 و10 مليارات متر مكعب سنويا، وهل الوقت لا يزال متاحا لإمكان اللجوء إلى التحكيم الدولي أو إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن؟.
وفي مقاله اليوم الثلاثاء بصحيفة “العربي الجديد” بعنوان «مصر .. وما بعد سد النهضة»، يضيف عبدالسلام: «أخشى أن يكون الوقت قد تأخر كثيرا على طرح هذه الأسئلة، وأخشى كذلك أن يكون البديل المتاح أمام الحكومة المصرية هو مجرد تقديم شكاوى إلى المؤسسات الدولية، واللف على الأمم المتحدة ومجلس الأمن، في محاولة لإقناعهما بعدالة القضية المصرية في مياه النيل، وهنا يتحول ملف سد النهضة قضيةً فلسطينيةً جديدة».
حماية الوطن أم خط الجمبري؟
وبحسب الكاتب الصحفي سليمان عزوز، فإن «الجيوش لم تخلق لتكون على “خط الجمبري” أو لتزاحم في مجال استيراد لبن الأطفال، فمهامها قتالية أولاً وأخيراً. واللجوء إلى الحرب ليس تصرفاً غريبا، فالدول تحافظ على أمنها القومي بجيوشها، وإلا فما معنى وجود الجيوش، ومنحها الامتيازات، وتسليحها من “لحم الحي”؟!.
وعلى مر التاريخ كان للجيش المصري دور في الحفاظ على مياه النيل، وقد فعلها حكام غير مصريين أيضاً!.
وفي مقاله المنشور اليوم بصحيفة “عربي 21” بعنوان “هل السيسي “قليل الحيلة”؟”، يضيف عزوز: «إذا لم تتدخل القوة العسكرية الآن فقد يتعذر تدخلها مستقبلا إذا جاء حاكم وطني، لا يقبل الضيم ولا ينزل على رأي الفسدة، لأن قصف سد النهضة بعد الانتهاء منه من شأنه أن يغرق السودان وينهي على السد العالي».
ويتابع عزوز: «باعتبار السيسي رجل سلام، وباعتباره لم ير الحروب سوى فيديو رغم اغتصابه لرتبة المشير، وقد تفزعه فكرة الحروب، فقد كان أمامه أن يعرض الاتفاق على البرلمان ليرفضه، ثم على الاستفتاء الشعبي فيرفض فيكون اللجوء للتحكيم الدولي، واللافت أنه يتجاهل هذا المخرج تماماً، بل يتجاهل النص الدستوري بعرض الاتفاقات الدولية على البرلمان، ويندفع في الدخول في مفاوضات يدرك الجنين في بطن أمه أنها فاشلة، قبل أن تبداً!».
ويتهم الكاتب جنرال الانقلاب بالتآمر على الأمن القومي المصري لافتا إلى أن «البأس الشديد أن يعلن وزير الخارجية فشل المفاوضات، ثم تبدو السلطة “قليلة الحيلة”، فلا بدائل أمامها، فسوف ننتظر ليلتقي السيسي بالقيادة الأثيوبية الجديدة ليقال أن السابقة كانت متشددة لنجرب حظنا مع المعتدلين، ليتم الإعلان ربما أكثر من مرة عن فشل المفاوضات، والعودة إليها، إلى حين انجاز المهمة التي يوافق عليها السيسي فعلاً، بالانتهاء من بناء السد، عندئذ يتم وضع العربة أمام الحصان!». ويختم مقاله بتأكيد أنها «المؤامرة التي يشارك فيها السيسي وهو في كامل قواه العقلية، بيد أن مصر كانت بحاجة إلى “عسكري دكر”! لو كان مرسي في الحكم لما حدث ما حدث!».