أعلن كاتب السيناريست العلماني الداعم للحكم العسكري وحيد حامد، عن وقف الجزء الثالث من مسلسل “الجماعة”، الذي يتناول فيه رؤيته الذاتية لنشأة جماعة الإخوان وقراءته للأحداث من زاوية علمانية، حيث يعمل على تشويه الجماعة والتشهير بها باستمرار.
وعزا حامد توقفه عن استكمال الجزء الثالث من المسلسل (المثير للجدل)، إلى أن شركة الإنتاج تقاعست عن التواصل معه، الأمر الذي فسره مراقبون بأنّ داخل الدائرة القريبة من صناعة القرار في النظام السلطوي من له رأى آخر، يحول دون حتمية استكمال باقى المسلسل.
فشركتا الإنتاج، سواء فى الجزء الأول أو الثانى، ترقبتا ضوءا أخضر من سلطة 30 يونيو لاستكمال الجزء الثالث من المسلسل، لكنَّ شيئا من ذلك لم يحدث؛ ففى مثل هذه الأمور لا يكفى أن تضخ أموالاً لتقديم مسلسل له أبعاده السياسية والفكرية المتعلقة بالسلطة، وتشتبك أحداثها في كل مشاهدها مع النظام العسكري الممتد منذ 1652، بل صوت الأجهزة في مثل هذه الحالة هو الأعلى.
فلماذا أوقف نظام العسكر استكمال المسلسل؟
كان يفترض للجزء الثالث أن يتناول فيه حامد مرحلة الرئيس الراحل أنور السادات، ورصد التغيرات الكبرى التي أحدثها في سياق الحكم بعد رحيل الديكتاتور عبد الناصر، إثر الهزيمة الساحقة في عام 1967، والتي لم يرصدها الكاتب في الجزء الثاني الذي توقف عند مشهد إعدام الكاتب والمفكر الإسلامي الكبير سيد قطب.
كان يتعين على الكاتب رصد إخراج الإخوان من السجون والمعتقلات بعد عشرات السنين، ومشهد هدم الرئيس الأسبق السادات حائط سجن طره كدليل على بدء مرحلة جديدة من الحريات.
وهذه المشاهد تناقض الوضع الراهن الذي يعتمد فيه النظام على السجون والمعتقلات، حيث أنجز الجنرال عبد الفتاح السيسي بناء أكثر من 19 سجنا على مستوى الجمهورية، حتى تحولت مصر إلى سجن كبير. كما اعتقل الجنرال عشرات الآلاف من الأبرياء، على رأسهم الرئيس المنتخب وأركان حكومته، وبذلك فإن مشاهد إخراج المعتقلين من السجون والانفتاح نحو الحريات قليلا في جوهره إدانة للنظام القائم منذ 30 يونيو، حيث تأسس النظام على انقلاب عسكري وسفك الدماء.
الأمر الآخر أن الكاتب ورغم تشويه المستمر للإخوان والتشهير بهم، زيف الأحداث التاريخية حتى تخدم نظرته العلمانية وتمجد السلطة العسكرية، إلا أنه حتما سيضطر إلى رصد مشاهد تظهر بطولة الإخوان وانتشارهم الكبير خلال عهد السادات، ومواقف فضيلة المرشد الأستاذ عمر التلمساني عند واجه السادات وشكاه إلى الله أمام الملأ ورصدته كاميرات وشاشات النظام.
فهل يقبل العسكر بأدوار درامية تبرز هذه المواقف؟
الغريب في الأمر أن الكاتب كان سيحمل الإخوان مسئولية اغتيال السادات رغم أن الجماعة لا علاقة لها مطلقا بالحادث الذي نفذه ضباط ومجندون بالجيش كانت لهم أفكار قريبة من تنظيم الجهاد، لكن عسكر 30 يونيو الذين تدخلوا كثيرا في الجزأين الأول والثاني لحذف عشرات المشاهد التي رأوا فيها دعاية للجماعة لا يقبلون إلا بالكذب المطلق من أجل اغتيال الجماعة وتاريخها وأفكارها.
مصادرة لحرية الإعلام
رغم رفضنا للمسلسل وتناوله للأحداث وفق هوى الكاتب العلماني؛ إلا أن وقف المسلسل يعكس حجم السيطرة الشاملة من جانب المؤسسة العسكرية والنظام السلطوي على مجمل الأوضاع في البلاد، بصورة لا تقبل إلا الخضوع المطلق والاستسلام أمام أوامر وتوجيهات الأجهزة الأمنية.
وقبل 30 عاما تدخل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة، القائد العام للقوات المسلحة والرجل القوى فى تلك السنوات عام 87، لوقف مسلسل (صاحب الجلالة الحب)، والذى كان يعرض فى شهر رمضان، حيث كانت بعض التقارير تشير إلى أن المسلسل لا يتناول مرحلة النكبة فى 48، ولكنه يلقى بظلاله على هزيمة 67، وأن حسين فهمى يلعب دور المشير عبد الحكيم عامر، بينما نبيلة عبيد تؤدى دور برلنتى عبد الحميد، وإن كانا على الشاشة يمثلان شخصيات تنتمى لعهد الملك فاروق.
المسلسل مأخوذ عن قصة لمصطفى أمين، سيناريو وحوار أحمد صالح، وأخرجه حسن الإمام، فى 30 حلقة صورها سينمائيا، بينما الذى سمحت به الرقابة هو 28، بعد أن حذفت كل مشاهد محاكمة الضباط وقبلها السهرات الماجنة التى كانوا يشاركون فيها.
ما تردد وقتها أن أبو غزالة قال إنهم يتطاولون على الجيش، وعاتب صفوت الشريف، وزير الإعلام، وقال له كيف وهو عسكرى سابق يسمح بذلك، فكان رد صفوت أن المسلسل ينتقد الجيش فى 48، فقال أبو غزالة إنه فى النهاية جيش مصر.