محرر بريطاني شهير يتهكم من صمت الغرب الديمقراطي على اغتيال الرئيس مرسي

- ‎فيتقارير

تهكم الكاتب الصحفي المختص بشئون الشرق الأوسط روبرت فيسك من موقف الغرب الصامت تجاه اغتيال الرئيس الشهيد محمد مرسي داخل قفص المحكمة.

وعلق فيسك في صحيفة "الإندبندنت" قائلا: "رائع، لقد كان رد فعلنا على وفاة الرئيس محمد مرسي داخل قفص المحاكمة في القاهرة شجاعا، وربما من المرهق لي أن أعرض عبارات الحداد والتعازي والفزع والإدانات الساخطة التي تصم الآذان لوفاة الرئيس الوحيد المنتخب بشكل ديمقراطي في تاريخ مصر".

وساخرا قال: "لهذا تحية لنواب برلماننا وديمقراطياتنا التي تتشدق دوما بشعارات ضد الطغيان".

وأضاف الكاتب البريطاني أن الموقف الغربي من وفاة مرسي كان صامتا بشكل تام كما هو حال مرسي الآن في قبره فلا كلمة ولا تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي “من هؤلاء السياسيين الذين يقولون إنهم يمثلونا، كما لو أن مرسي لم يكن موجودا يوما ما، وكأن أشهرا معدودة قضاها في السلطة لم تحدث، وهذا بالتحديد هو ما يريد عبد الفتاح السيسي، عدوه وسجانه السابق أن تقوله كتب التاريخ".

لم يكن إرهابيا

وفي جمل جاءت متأخرة، قال "فيسك": "رغم ان مرسي كان الخيار الثاني لجماعة الإخوان المسلمين في الترشح لرئاسة الجمهورية وأن العام الذي قضاه في رئاسة البلاد كان قليل الإلهام، ومحبطا أحيانا ولوثته بعض القرارات الديكتاتورية "لكنه لم يكن رجلا شريرا ولم يكن إرهابيا ولم يعتقل أكثر من 60 ألفا من معارضيه كما فعل خلفه الذي يُشار إليه على أنه "رجل رائع" من قبل الرجل الرائع أيضا في البيت الأبيض".

وقارن محرر الإندبندنت بين موقف مرسي بعد الانقلاب عليه وموقف حسني مبارك في السجن؛ حيث زجوا بمرسي في السجن الانفرادي ومنعوه من لقاء أسرته ومن تلقي العلاج في ظل ظروفة الصحية المتردية بينما تلقى مبارك كل سبل الراحة والعلاج قبل أن يحصل على أحكام بالبراءة في أغلب القضايا التي حوكم فيها، مضيفا أنه بالرغم من كل ما لاقاه مرسي إلا أنه "سيبقى في أعين ملايين العرب والمسلمين شهيدا".

سقطت ميتة

وفي مقال آخر له نشرته له أيضا الاندبندنت قبل يومين داعب روبرت فيسك الاستعارات التصريحية وقال إن "الديمقراطية المصرية سقطت ميتة بجانب مرسي في القفص"، وأوضح أن الديمقراطية في مصر سقطت مع الرئيس المنتخب محمد مرسي في القصف نفسه، وإن مرسي يستحق لقب الرئيس بينما عبد الفتاح السيسي الذي انقلب على سلفه عسكريا يشكل إهانة لمصر وتدميرا لتجربتها".

ومنذ ذلك اعتبر الكاتب البريطاني روبرت فيسك أن موت الرئيس محمد مرسي كان متوقعا، ومثيرا للسخط، قائلا: "في رأيي الشخصي جريمة قتل, وبالنسبة لي، إذا توفيت داخل سجن طاغية – وحتى لو لم تكن أول رئيس مصري منتخب – فستكون بشكل أو بآخر قد تعرضت للقتل. ليس مهما إن كان السبب في ذلك هو الحبس الانفرادي، ونقص العناية الطبية أو العزل. ولا علاقة للأمر بكون المحكمة غير عادلة، وكون التهم سخيفة وغير مقنعة، والحكم مخزيا. فالسجين الذين يعيش في مثل هذه الظروف إنما هو سجين ينتظر الموت في كل يوم ما لم تفتح له أبواب الزنزانة، وهو الأمر الذي لم يكن ليحدث بالنسبة لرئيس مصر محمد مرسي".

الرئيس المستحق

وعلى غرار تعددت الأسباب والموت واحد أضاف "فيسك" أنه لا يهم إذا كانت وفاة مرسي ناتجة عن السجن الانفرادي أو منع العلاج أو العزل أو عن مدى ظلم المحكمة وتفاهة التهم ووطأة الأحكام، فالسجين ينتظر موته كل يوم في جميع الأحوال، وذلك إلى أن ينال الحرية التي لم تكن لينالها الرئيس مرسي".

وحدد أن الانقلاب هو القاتل، موضحا أنه يستخدم هنا الوصف الرسمي لمرسي (الرئيس)؛ لأنه يستحقه طالما أن الإطاحة به جرت عبر انقلاب عسكري، ويضيف: كما أن لقب قائد الانقلاب (السيسي) هو "الرئيس" كأمر واقع، فإن مرسي استحق هذا اللقب بشرف.

وأشار إلى أن مرسي فاز بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بنسبة تزيد قليلا على 51%، في حين حقق السيسي العام الماضي أكثر من 97%، وهي أرقام تحدث عن نفسها بنفسها، حيث إن الأول يمثل الديمقراطية ويمثل الثاني إهانة لمصر وتدميرا لتجربتها.

ماتت بالقفص

وقال المحرر البريطاني الشهير: إن "الديمقراطية الوليدة في مصر ماتت أخيرا في القفص، وإنه لا عجب إذن أن يتم دفن جثمان مرسي بسرية بالغة"، مضيفا أن الرمزية هي التي تهم، فعندما يموت الرئيس المنتخب أمام سجانيه في قفص يُستخدم لعرض المجرمين في قاعة المحكمة محروما – بحسب ابنه – حتى من جنازة عامة.

وتابع: "لا يسع أي شخص إلا أن يتخيل ردة فعل القضاة في آخر محاكمة لمرسي، عندما انهار أمامهم أرضا الرجل الذي انتخب رئيسا للبلاد عام 2012.. أن يكون القضاة مستعدين لمحاكمة الرجل وإرساله إلى حبل المشنقة، وفجأة يشهدون رحيله إلى خالقه، فهذا يثير أسئلة عن طبيعة تلك العقول القضائية".

واستدرك متسائلا: "هل يعقل أن يكونوا قد فوجئوا؟ فقد كانت عائلة مرسي تحتج لفترة طويلة إزاء قلة العناية الطبية، وكذلك فعلت منظمات حقوق الإنسان إزاء الرئيس الذي كان يعاني من الحبس الانفرادي 23 ساعة يوميا.

وأكد أن الإعلام الدولي وقادة العالم تجاهلوا إدانة كل تلك الممارسات، مضيفا أنه تم اعتبار مرسي من الماضي، وأن ظهوره أمام القضاء من فترة لأخرى كان يشكل مسلسلا مملا، إلا عندما يتحدث أو يحاول التحدث مع قضاته لخمس دقائق قبل أن يغادر للأبد.

وختم قائلا "مرسي لم يحظ سوى بثلاث زيارات عائلية فقط خلال ست سنوات حبس انفرادي، وإنه لم يكن يُسمح لمحاميه أو الطبيب بمقابلته، وإن الأدلة تشير إلى أن سجانيه كانوا على الأغلب يأملون بموته، وكذلك الأمر مع قضاته ومع الرجل الأوحد في مصر الذي لا يمكن معارضته".