قالت دراسة لموقع “الشارع السياسي“ بعنوان “توجهات السياسة المصرية في ضوء خطاب السيسي بالندوة التثقيفية الـ31 للجيش”، إن السيسي بدا مهزوزًا في أول ظهور مباشر له، في الندوة التثقيفية الـ31 للقوات المسلحة، وذلك عقب تظاهرات يوم 20 سبتمبر الماضي، بعد بيانه الاحتفالي بذكرى أكتوبر، والتي سمّاها “عيد القوات المسلحة”، بدلا من ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر. معتبرة أن تغيير تسمية الاحتفال السنوي بهذا الاسم جاء خشية إغضاب الصهاينة.
وأكدت الدراسة أن كثيرًا من كلمات السيسي كانت كاشفة لكثير من التوجهات المستقبلية لسياسته الداخلية، بعدما أشار في كثير من كلماته أمام قيادات الجيش الحاضرين، محاولا حشر نفسه داخل المؤسسة العسكرية، مصطفًا معها ورابطًا مستقبله بمستقبلها.
ورأت أن ما يعكس اهتزاز مكانته وثقته التي كان يتحدث بها، وخاصة عندما استنكر كلمات رددها المصريون في الفترة الماضية، كـ”ارحل”، مسترجعًا هزائم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وهو تفسير لموقف السيسي الرافض لأية تغييرات أمام الخارج أو أمام بعض الدوائر العسكرية والسيادية في داخل المؤسسات العسكرية أو خارجها.
الحوار غير مجدٍ
واعتبرت أن أبرز التوجهات المستقبلية المستنبطة من كلمات السيسي، تتمثل في أن “الحوار مع السياسيين غير مجد”، وهو ما يُعتبر انتصارا لفكر وتوجهات المخابرات الحربية ودائرة السيسي الأكثر قربًا منه، والمتمثلة في وجهة نظر نجله محمود، وكيل المخابرات العامة، والذي سبق وأن رفض أن تقدم الدولة تنازلات سياسية أو اقتصادية تظهر النظام وكأنه يتراجع أمام التظاهرات الشعبية التي انطلقت في 20 سبتمبر الماضي.
ورأت الدراسة أن هناك خلافًا في رأي محمود، ورئيس جهاز المخابرات عباس كامل، ورجح السيسي رأي نجله، حيث ذهب عباس إلى ضرورة إطلاق حوار سياسي مع المعارضين، بجانب إصلاحات اقتصادية، وتبنّته بعض الأذرع الإعلامية، والتي كان من ضمنها دعوة الإعلامي المقرب من جهاز المخابرات العامة عمرو أديب إلى ذلك.
استمرار القمع
وقالت الدراسة، إن السيسي لديه ربط استراتيجي بين التظاهرات الشعبية والعمليات “الإرهابية”، وهو نفس النهج القمعي الذي يعمل به السيسي منذ انقلابه العسكري، في إطار المواجهة العنيفة من قبل النظام ضد معارضيه، سواء كانوا سلميين أو ينتهجون العنف، وهو ما أوصل مصر إلى مرحلة من التردي المجتمعي والعنف الأمني الذي قتل أكثر من 3 آلاف مصري منذ الانقلاب العسكري، واعتقال أكثر من 120 ألف مواطن بالسجون.
وأضافت أن نهج القمع سيكون نهجا مستمرا للنظام في الأيام المقبلة، خاصة مع تزايد الاحتقان والغضب الشعبي في ظل عدم التنفيس السياسي والمجتمعي، وهو ما قد يؤدي لانفجار مجتمعي في الذكرى التاسعة لثورة يناير، وفق تقديرات بحثية.
وأشارت إلى أن رسالة السيسي السالفة تلقّفتها مؤسسات الأمن بصياغته كقاعدة للتعامل مع المعارضة السياسية، معتبرا أنه ربط غير منطقي، يستهدف خلط أوراق اللعبة السياسية لشيطنة معارضي السيسي، الذي يصر على تجاهل هموم ومطالب الشعب المصري.
وفي إطار موازٍ، لفتت الدراسة إلى أن السيسي يشوه الثورة باستمرار وكل المنتمين إليها، طالبا من المصريين عدم إعادة الكرّة مرة ثانية، بعدما كال التهم لثورة يناير التي عفّ عن ذكرها ذوو الأخلاق، محملًا إياها فشله في كافة المجالات.
تجاهل التحديات
وقالت الدراسة، إنه أمام التحديات الوجودية مثل سد النهضة الإثيوبي، ذهب السيسي لإطار مغاير، باحثًا عن بدائل للمياه التي فرط بها لصالح الإثيوبيين، من أجل مصلحة شخصية لنفسه بالاعتراف الإفريقي بانقلابه العسكري على غير ما هو متعارف عليه إفريقيًّا.
بل كشف عن سلسلة من المشروعات الخاصة بإطلاق محطات تحلية المياه، سواء مياه البحر، أو مياه الصرف الصحي بتكلفة تصل إلى 200 مليار جنيه، وهو ما قد يتضمن أيضا سلسلة من الأمراض تهدد صحة المصريين.
واستغل السيسي الحديث عن سد النهضة الذي يمثل أولوية عند المصريين ومصدرا للرعب والقلق لديهم، لتخويفهم من وسائل التواصل الاجتماعي.
العملية الفاشلة
وأكدت كلمات السيسي استمرار عمليات الجيش في سيناء، رغم الفشل الأمني وعدم القدرة على الحسم، ممهدًا لصفقة القرن، ومدعيًا أنه لا يوجد مهجّرون من هناك، رافضًا أي حوار مع السيناوية، ومتناسيًا عشرات الآلاف من المهجّرين من رفح والشيخ زويد الذين يقطنون في محافظات الإسماعيلية والشرقية ومناطق الصالحية الجديدة والعاشر من رمضان، وفي بورسعيد. بل تناسى المهجّرين من الأقباط الذين تركوا سيناء قسرا، ولا يسمح الجيش بعودتهم مجددا.
وخلصت الدراسة إلى أن الشعب المصري يبقى ووعيه المحرك الأساسي لدينامية المجتمع المصري في الفترة المقبلة، إذ أن الاستبداد والقمع سيستمران، وأن أحاديث الانقسامات داخل المؤسسات السيادية سيجري ردمها بقرارات انتقامية أو قمعية قد تصل إلى التصفية ما لم تجد ظهيرا شعبيا يتحرك ضد السيسي ويجبر الغرب على الانحياز لمطالب الشعب برحيل السيسي، أو يقدم مسوغا مفهوما لدى دوائر الحكم بإزاحة السيسي حفاظا على النظام، أو إعادة إنتاج نظام جديد بآليات جديدة كخطوة أولى، وصولًا لإزاحة تامة للنظام العسكري.
