تسبّبت تعليقات “آبي أحمد”، رئيس الوزراء الإثيوبي، عن “سد النهضة” والتلويح بحشد الملايين استعدادًا لأي حرب من طرف مصر أو السودان، وتصريحاته بوجود “مليون إثيوبي يمكنهم الدفاع عن السد”، و”إذا استخدمت الصواريخ سنستخدم القنابل”، في غضب عارم على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر رفضًا للموقف المخزي للسيسي، بعضها كان ساخرًا مما كان يفترض أن تعلنه مصر تجاه أزمة المياه المتعلقة ببناء السد الإثيوبي.
حيث رفض البعض التصريحات باعتبارها تهدف إلى الاستهلاك السياسي في إثيوبيا، بينما وصفها آخرون بأنها غير مسئولة من شخص فاز للتو بجائزة نوبل للسلام.
ووصف الدبلوماسي السابق، فوزي العشماوي، التعليقات بأنها “مزعجة”. ولم يكن هناك رد من حكومة العسكر.
واعتبر الصحفى قطب العربي، رئيس المرصد العربي لحرية الصحافة، أن “آبي أحمد” يستبق لقاءه المرتقب مع السيسي بالتلويح بالحرب دفاعًا عن سد النهضة، هذا ما كان منتظرًا من جيش مصر وليس إثيوبيا.
واتفق معه الصحفي عامر عبد المنعم قائلا: “إن لم تدافع الدول عن أرضها وحقها في الماء فما هي ضرورة وجود الجيوش والحكام؟”.
وساخرًا كتب سليم عزوز: “إذا لم يرتدِ السيسي البدلة الميري ويرد على رئيس وزراء إثيوبيا.. وجب على أبطال فيلم الممر أن يلبسوا البدل الميري ويعلنوا الحرب.. ما بدهاش”.
اجتماع موسكو
وقال الخبير المصري المقيم بالولايات المتحدة، محمود وهبة: إن إثيوبيا تبدأ بإثارة خيار الحرب على المياه.. السيسي عاجز وآبي أحمد يُنهي عليه بضربة قاضية قبل اجتماع الغد في موسكو”.
وأضاف أن “آبي أحمد يعرف أن السيسي عاجز عن حل أزمة سد النهضة التي خلقها ويقطع عليه الطريق بالتهديد بالحرب.. إثيوبيا ستحارب مصر بينما السيسي يطبطب”.
وتابع أن “السيسي مشغول بإنكار مسئوليته ويلوم تعرية مصر.. وبينهما تضيع مصر ومياه النيل”.
السيسي لن يجرؤ
وأشار المستشار وليد شرابي إلى أن “السيسي لن يجرؤ على أي عمل سياسي أو عسكري ضد إثيوبيا، لا لسبب إلا لأن إثيوبيا تملك لدى الاتحاد الإفريقي تحريك ملف الجرائم التي ارتكبها السيسي في انقلاب ٢٠١٣ على الرئيس الشرعي لمصر”.
وأضاف “من خلال علمي بالسيسي وعصابته فهم لا يملكون حتى مجرد التهديد بحرب كما فعل رئيس وزراء إثيوبيا، لكن سلاحهم يرفع فقط لمواجهة السلميين العزل من معارضيهم أو قصف معتصمين ومتظاهرين من بني وطنهم في قلب القاهرة”.
ليست المرة الأولى
وفي مطلع أكتوبر الجاري، جسّ رئيس وزراء إثيوبيا نبض الغضب المصري عندما صرح قائلا: “طلبات مصر الحالية بشأن النهضة تثير الضحك!”. وفي تعليق من وزير الخارجية بحكومة الانقلاب سامح شكري عن تواصله مع “آبي أحمد” قال لهم “اشربوا من البحر”.
“رضوان جاب الله” اعتبر أن تلك المرة كانت أوقع في الإهانة، وقال “قبضتم ثمن سد النهضة برفع تجميد عضوية مصر من الاتحاد الإفريقي والاعتراف العملي بالانقلاب ووقف إجراءات التحقيق في مذابح الانقلاب من قبل محكمة العدل الإفريقية.. من الذي بذل كل ذلك؟ إثيوبيا.. فلماذا لا يضحك منكم آبي أحمد؟”.
مزاعم صهيونية
ولا تنفي أي جهة أن إثيوبيا لديها منظومة دفاعية من تصنيع الاحتلال الصهيوني، يزعم الاحتلال أمس الثلاثاء، خلال صفحة “إسرائيل في مصر” الرسمية المعبرة عن سفارة الكيان الصهيوني في القاهرة، أن صواريخ المنظومة الدفاعية الصهيونية محض شائعات، وقالت الصفحة “ولكن على الرغم من العلاقات الجيدة التي تجمعنا بدولة إثيوبيا، إلا أن هذه مجرد شائعات، وأن إسرائيل تقف على مسافة واحدة، حيث إن العلاقات مع مصر على أفضل حال، ويوجد بعض المصادر الصحفية العالمية التي أعلنت أنه يوجد دولة أخرى هي التي باعت منظومة دفاعها إلى إثيوبيا!.
وختم الكيان الصهيوني بيانه قائلا: “نتمنى أن تحل المسألة المتعلقة بسد النهضة بين الجانبين المصري والإثيوبي”.
وكتب الصحفي عامر عبد المنعم أن “الهدف النهائي هو وصول المياه للكيان الصهيوني”، وقال: “الحصول على الماء للشرب والزراعة حق إنساني، لكنّ الشركات العابرة للقارات والمستثمرين الغربيين يريدون تحويل الماء إلى سلعة تباع”.
وأضاف “سد النهضة لن يحجز مياه الفيضان لتوليد الكهرباء فقط؛ وإنما سيبيعون لنا الماء، وهنا يأتي دور صندوق النقد الذي سيجعل الحكومة تتخلى للشركات الأمريكية والأوروبية عن مرفق مياه الشرب ومياه الري بالخصخصة، لتتولى الشركات التي تبني السد الآن بيع المياه للمصريين، ولن يكون للحكومة دور غير حماية هذه الاستثمارات.. التنازل الذي تم لإثيوبيا إنما نقل ملكية النيل لهذه الشركات الدولية التي يرعاها البنك الدولي، وهي التي ستوصل الماء لإسرائيل”.
زعيم نوبل
وخاطب رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” أعضاء البرلمان حول الوضع الحالي للبلاد داخل مباني البرلمان، في أديس أبابا الثلاثاء 22 أكتوبر، محذرا من أنه إذا كانت هناك حاجة إلى أن نذهب إلى الحرب حول مشروع سد متنازع عليه مع مصر، فبإمكان بلاده أن تستعد بملايين الأشخاص، لكنه يقول إن المفاوضات وحدها هي التي يمكنها حل المأزق.
واعتبرت الواشنطن بوست الأمريكية أن تصريح “آبي أحمد” هو أبرز ظهور علني له منذ فوزه بجائزة نوبل في 11 أكتوبر.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى انهيار المحادثات بشأن سد النهضة في وقت سابق من أكتوبر الجاري، حول بناء سد بقيمة 5 مليارات دولار، وهو الأكبر في إفريقيا، والذي اكتمل بحوالي 70٪ ومن المتوقع أن يوفر الكهرباء التي يحتاج إليها 100 مليون شخص في إثيوبيا.
ولفتت إلى تصريحات من الإعلام المؤيد لحكومة السيسي، بأن هذه القضية تعد تهديدًا للأمن القومي، وقد تستدعي القيام بعمل عسكري.
