طالبت وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال في لبنان، بالتحقيق في أحداث السبت التي أدت إلى إصابة العشرات من المتظاهرين ورجال الأمن .
يأتي هذا عشية الاستشارات النيابية الملزمة التي يُرجح مراقبون أن تقود إلى تكليف سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة .
ما فرص تكليف الحريري بتشكيل حكومة جديدة على ضوء مواقف القوى اللبنانية واستمرار الاحتجاجات؟ وما إمكانية أن يفتح التكليف المنتظر الطريق أمام مفاوضات ميسرة لتشكيل الحكومة المقبلة؟
الاستشارات النيابية
غداة ليلة هي الأعنف في لبنان منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية قبل شهرين، يحبس اللبنانيون أنفاسهم في انتظار انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة، المقررة اليوم الاثنين، حسب دعوة الرئيس ميشيل عون الاستشارات التي تأتي في أجواء انقسامات استثنائية في الساحة اللبنانية المنقسمة أصلا، تكتنفها الكثير من التكهنات، ابتداء من إمكانية حدوثها من عدمه، مرورًا بما قد تسفر عنه من حجم تأييد لرئيس الحومة المكلف، وليس انتهاء بموقف الشارع المحتج منها، وما ينتظر المكلف من طريق تفاوض طويل من أجل تشكيل حكومته.
شهران على بدء الاحتجاجات لكن الأزمة في لبنان لا يبدو أنها وصلت إلى ذروتها بعد، هذا ما يوحي به غموض وتعقيد المشهد عشية الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة، في ظرف استثنائي فريد من نوعه منذ سنوات، إذ يجري هذا المخاض السياسي في ظل حراك شعبي عابر للطوائف، مطالب أهله الواضحة بنت جسورًا وحّدت عدة شرائح من اللبنانيين، وحيرت طبقة سياسية حكمت باسمهم طويلا، فأفقرتهم كما يقول طيف واسع من المحتجين .
حيث صار للمعادلة السياسية في لبنان ميدانان: الشارع وكواليس الساسة، أما ما يريده الشارع فلا ينقصه الوضوح، سقفه رحيل الطبقة السياسية، وأداة ذلك الأولى حكومة انتقالية تتكفل بانتشال البلاد من حال قد ملّ حاله. ومن حيث شكل الحكومة المأمولة، فإن أكثر التوقعات تفاؤلا تقول إنّه ربما يعطى الحراك نصف ما يريد وتنال أطراف الطبقة السياسية نصف ما تسعى إليه، بمعنى تشكيل حكومة تتألف من خبراء وسياسيين، لكن في كل الأحوال ربما الحديث عن شكل الحكومة قد يكون سابقا لأوانه بوصفه جوهر عملية تأليف الحكومة، فهي عملية بدت أنها ستؤجل لما بعد التكليف، أي تسمية رئيس الحكومة.
الحريري أوفر حظًّا
وفي لبنان لا يقل التأليف وعورة عن التكليف، ففي الساعات القادمة ستطغى مسألة التكليف على حديث اللبنانيين لتفرز السؤال الأهم: من الذي سيُسمى رئيسا للحكومة؟ .
سعد الحريري يبدو أنه الأوفر حظًّا، فهو قد حاز غطاء الطائفة السنية وشرعية تمثيلها بعد أن جزمت بذلك دار الفتوى، وهذا ما يرجح أن ينال الحرير تفويضًا من النواب خلال الاستشارات التي سيجريها الرئيس ميشيل عون، لكن السؤال الرئيس الذي يُطرح: هل سيكون تفويضا ضعيفا نتيجة امتناع كتل نيابية وازنة عن تسمية الحريري؟ ذلك أن التيار الوطني الحر قد لا يعمد إلى تسمية الحريري، بينما قد يمتنع حزب الله عن تسمية أي مرشح، وذلك على الأرجح كي يأتي التكليف ضعيفا، بما يوفر مساحة لاستثماره طيلة فترة تكليف الحكومة لإرضاء حليفه زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل، وإمكانية أن تفضي هذه الجهود إلى قيام توافق بينه وبين الحريري.
السيناريو السابق ورغم ما يمتلك من مؤشرات تقوي فرص وقوعه، إلا أن سيناريوهات أخرى واردة، أحدها تأجيل جديد للاستشارات النيابية الملزمة، وأثقلها خلع باب يؤدي إلى عقم العملية السياسية لتنعكس في الشارع، وهو أكثر ما يتخوف منه مراقبون وخصوصا بعد ليلة بيروتية مؤلمة شهدت مواجهات اتُّهمت عناصر مندسة بإثارتها، وتسببت بعشرات الإصابات، وكأن هناك من يرى أنه ما زال هناك متسع للعبة الشارع في لبنانٍ نال كفايته من دماء أبنائه في 15 عاما من الاحتراب.