قبل 6 سنوات و6 أشهر، وتحديدًا في 13 يونيو عام 2013، هتف أول رئيس منتخب الدكتور محمد مرسي مرددًا مرات عدة، في مؤتمر تضامني مع الثورة السورية، “لبيك يا سوريا”، ورفع بيده اليمنى علم الثورة السورية وباليسرى علم مصر.
في ذلك اليوم، شعر ملايين الأحرار في العالم أن الربيع العربي إلى انتصار؛ فالثورات بعضها أولياء بعض، كما الثورات المضادة بعضها من بعض، كما أحست كل الشعوب التواقة للحرية والانعتاق من قيود الاستبداد العربي أن الطيور أوشكت أن تحلق، وأن البلابل أوشكت أن تغرد أغنيتها المفضلة بعد أن أُسكتت لعقود استبدادية.
فقد جمعت شخصية الرئيس الشهيد محمد مرسي ومسيرته السياسية وسجله الاجتماعي والأكاديمي كل المقومات والصفات التي تجعل من أي نظام عسكري ديكتاتوري، ومن يرتبطون به من أحلاف إقليمية ودولية، يكنّون له العداء الشديد والخصومة المشبعة بالحقد المختلط بالمؤامرات، وكذلك الدسائس المغلفة بكل وسائل الغدر والخيانة العاملة على إزاحته من المشهد السياسي بأي ثمن، حتى لو كان هذا الثمن ممزوجًا بدماء الأبرياء وأنّات المعتقلين ومعاناة المطاردين والمنفيين، ولو كان الثمن قلب التوازنات في المنطقة بأكملها وإرجاعها إلى الوراء عبر إنفاق مئات المليارات حتى لا تفكر الشعوب في أن يخرج من بين ظهرانيها “مرسي جديد” يهدد منظومة الاستغلال والتبعية والاستبداد المستظلة برعاية غربية وصهيونية، لا يخدم مصالحها أن تختار شعوب الربيع العربي من يمثل مصالحها ويرعى حقوقها.
6 أشهر مرت على استشهاد الرئيس محمد مرسي، لكنّ روحه الثورية لا تزال تلهم الأحرار في المنطقة العربية ضد الحكام المستبدين.
تلك الروح ظهرت جليًّا عقب رحيله، حيث شكّلت حدثًا جديدًا في مسيرة الثورات العربية، وكان التفاعل العربي والعالمي مع استشهاده لافتًا، بداية من الدول العربية وانتهاء بالدول الأوروبية والعالمية .
وخلال فترة حكمه، تبنّى الرئيس مرسي الدفاع عن ثورات الربيع العربي والحراك نحو التداول السلمي للسلطة، والانتقال السياسي الديمقراطي، فرفض التعاون مع نظام بشار الأسد ومنع دخول ممثليه إلى مصر، وفتح الحدود على مصراعيها لاستقبال أهالي سوريا، وأقام مؤتمرًا لإعلان مساندته لثورتهم.
كذلك دعم الرئيس الشهيد الثورة الليبية، وأعلن عن فتح مجالات التعاون والتكامل والتشاور، والعمل المشترك مع ليبيا عقب نجاحها في الإطاحة بالطاغية معمر القذافي، وأكد أن ثورة الليبيين أسقطت الديكتاتورية وقضت على الظلم.
ثورة اليمن هي الأخرى لاقت دعمًا من الرئيس الشهيد، لا سيما بعد نجاحها في استحقاقاتها الانتخابية، وتولِّي عبد ربه منصور هادي رئاسة البلاد، مؤكدًا استعداد مصر بخبراتها لتقديم المساعدة المطلوبة فيما يتعلق بهيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية.
وبعد استشهاده ودّع عشرات الآلاف من الأحرار في بلد المليون شهيد الجزائر، الرئيس الشهيد محمد مرسي في وقفة تاريخية مع الشعب المصري بوسط العاصمة، مرددين شعارات وهتافات منددة بسياسات المنقلب عبد الفتاح السيسي وممارسات نظامه القمعي.
ثوار السودان كان لهم أيضا دور بارز في وداع الرئيس الشهيد، حيث أقيمت صلاة الغائب على روحه في معظم مساجدها، بالتزامن مع انطلاق مسيرات صوب السفارة المصرية بالعاصمة الخرطوم؛ تنديدًا بتدخل المنقلب السيسي في شئون بلادهم.
اللبنانيون والتونسيون كذلك حذو في ثورتهم حذو سابقيهم، فكان وداعهم للرئيس الشهيد على وقع هتافات غاضبة ضد المنقلب السيسي وعصابته، والمطالبة بالقصاص لشهداء الإجرام العسكري في مصر .
قناة “وطن” الفضائية بثت حلقة خاصة في ذكرى مرور 6 أشهر على استشهاد الرئيس محمد مرسي، استطلعت خلالها آراء عدد من الخبراء حول شخصية الرئيس مرسي وأهم إنجازاته.
وقال “زياد بومخلة”، عضو مجلس الشورى بحركة النهضة التونسية: إنَّ الرئيس الشهيد محمد مرسي طبع اسمه بماء الذهب في قلوب كل أحرار العالم، وليس فقط الأمة الإسلامية، بل كل المؤمنين بقيم الحرية والديمقراطية والتحرر وقيم الإنسانية العليا.
وأضاف “بومخلة”، في مداخلة هاتفية لتلفزيون “وطن”، أن الرئيس مرسي يعد أيقونة العالم العربي والإسلامي بما قدمه للأمة العربية والإسلامية، وليس أكثر من أن يقدم الإنسان روحه بسيطة في سبيل هذا المشروع العظيم الذي افتدى نفسه وآله وماله به .
وأوضح أن الأمة العربية والإسلامية الآن تفتقد مواقف الرئيس مرسي وحضوره الشامخ بيننا، خاصة بعد أن عاشت الأمة انكسارات متتالية بعد الانقلاب العسكري اللعين؛ لقيمةِ مصر أولا وقيمة الرجل الذي كان يتربع على عرش مصر ومشروعه الذي كان يهدف إلى نهضة مصر والمنطقة.
وأشار إلى أن الخط بات واضحًا أمام الشعوب العربية، فهي تعرف من يعمل لصالحها ومن يناصبها العداء، مؤكدًا أنَّ صورة الرئيس مرسي لدى الشعوب ناصعة البياض، وهو يمثل أيقونة تقود كل أنواع الحراك والتحرر في العالم العربي والإسلامي، وهو ما دفع الأنظمة الاستبدادية للعمل ليل نهار على تشويه صورة الشهيد محمد مرسي.
بدوره قال الدكتور ملهم الدروبي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين في سوريا: إن فوز الرئيس مرسي برئاسة مصر بانتخابات حرة ونزيهة كان نموذجًا أعطى الأمل للأمة كاملة، ومن بينها الشعب السوري، وأن هناك أملا حقيقيا يمكن أن يتحقق بانتخابات ديمقراطية.
وأضاف الدروبي أن أداء الرئيس مرسي خلال فترة حكمه كان أداء متميزا، وساند الثورات العربية، مضيفا أنه عقب الانقلاب العسكري عليه أيقن العالم بوجود مؤامرة على الديمقراطية وليس على الإخوان أو الرئيس مرسي، مؤكدًا أن سماح القوى الدولية بالانقلاب في مصر طعنة خنجر مسموم في ظهر الديمقراطية.
وأوضح الدروبي أن الرئيس مرسي شخصية قلما تتكرر؛ لما تميز به من أداء أكاديمي، ولمساته كانت بارزة في أعلى المستويات العلمية والأكاديمية، ووفاته خسارة فادحة للأمة العربية والإسلامية.
وأشار الدروبي إلى أن الصراع بين الحق والباطل قديم وأزلي إلى قيام الساعة، مؤكدا أن الرئيس مرسي قدّم دمه وحياته فداء للدعوة، وظلّ صامدًا ولم يضعف أو يستكين حتى آخر يوم في حياته.
من جانبه قال المهندس عبد الحميد الذنيبات، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالأردن: إن الرئيس مرسي بذل حياته من أجل تعزيز القرار المصري واستقلاله وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وأضاف الذنيبات أن الرئيس بذل جهدا كبيرا للحفاظ على استقلال مصر والشرعية، وما زال الناس يتذكرون قولته الشهيرة “ثمن الحفاظ على الشرعية حياتي أنا”، داعيا إلى تدشين حملة دولية للحديث عن إنجازات الرئيس مرسي عبر وسائل الإعلام المختلفة.
وأوضح الذنيبات أن نجاح ثورات الربيع العربي في بعض البلدان بدأ الكيد والتآمر لإبطال مفعول هذه الثورات، ووقف امتداد الربيع العربي لباقي البلدان العربية والإسلامية، ونشأ عداء غربي أمريكي عربي لثورات الربيع العربي، وتم تدبير مؤامرات لإفشال الربيع العربي كما حدث في مصر وسوريا.