قراءة في دور المقاول محمد علي وإعلانه اعتزال السياسة.. الأسباب والأبعاد

- ‎فيتقارير

أعلن الفنان والمقاول “محمد علي” عن إغلاق صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتزال العمل السياسي، والعودة إلى حياته في امتهان العمل الحر والتمثيل، نافيا أن يكون قد أصيب باليأس بعد فشل الحراك الذي دعا إليه بالأمس، لكنه قال إنه فعل ما بوسعه من أجل كشف فساد عبد الفتاح السيسي وقيادات الجيش التي تحكم البلاد، مضيفا أن المصريين شاهدوا حملات الاعتقال والقمع التي يشنها السيسي ونظامه ضد مختلف فئات الشعب، مشددًا على أنه لا يستطيع فعل أكثر من ذلك.

وفي مقطع فيديو قصير على غير عادته، أعلن عن اعتزاله العمل السياسي وإغلاق صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، وأرجع “علي” أسباب قراره إلى عدم استجابة المصريين لدعوته بالخروج في مظاهرات مناهضة للنظام في ذكرى الثورة.

اعتزالٌ بدا مفاجئًا كما كان الظهور مفاجئا، لكن 5 أشهر على ولادة ظاهرة المعارض محمد على حركت مياها آسنة في بحر السياسة المصرية، حيث كشف عما قال إنه وقائع فساد لرأس السلطة في مصر، فاضطر الأخير للرد عليه، ثم لقيت دعوته للتظاهر في 20 سبتمبر الماضي استجابة محدودة بدت مفاجِئة للنظام ذاته قبل معارضيه.

ربما كانت هذه الصفحة الأخيرة في ظاهرة المقاول الذي شغل الرأي العام في مصر شهورا وربما لا، بعدما انطلقت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى عودته، ذهب علي، والمؤكد أن النظام أو رموزه الإعلامية على الأقل سعيدة بقراره هذا.

ذهب محمد علي وترك أسئلة معلقة أمام المعارضة المصرية بشتى ألوانها، أسئلة عن أهدافهم وخططهم عن شراكتهم، والمستقبل الذي يرسمونه لأنفسهم ولشعبهم ولوطنهم.

بدوره وجه الإعلامي حمزة زوبع التحية إلى محمد علي؛ لأنه دخل إلى ملعب مليء بالفخاخ، وواجه نظامًا بكاميرا موبايل، واستطاع تحريك المياه الراكدة بعد أن استجاب له الشعب، وواجهت سلطات الانقلاب دعوته بكل وسائل القمع والبطش.

وأضاف زوبع، في مداخلة عبر برنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة مباشر”، أن عدم امتلاك محمد علي خبرة سياسية أو تجربة ثورية جعلته يرفع سقف توقعاته، في ظل مواجهة سلطة غاشمة، مضيفا أنه فعل شيئًا إيجابيًّا يفتقده كثير من الساسة في مصر، عندما قدم استقالته واعتزل العمل السياسي، ليقول للآخرين “إذا لم تستطع تقديم شيء أفسح المجال لغيرك”.

وأوضح زوبع أن محمد علي أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذا النظام ليس بهذه القوة، لدرجة أنه وحده استطاع تحريك شريحة من الشعب، وجعل النظام يقف على أطراف أصابعه طوال هذه الفترة، مطالبًا إياه بالثبات وعدم اليأس؛ لأن كل الأحرار ومؤيدي الثورة في العالم العربي يحتاجون إلى جهودك حتى ولو عن طريق الفن الذي يجيده.

وأشار زوبع إلى أن إعادة إنتاج ثورة 25 يناير في ذكراها أمر صعب؛ بسبب تغير العوامل المحيطة والتغيرات السياسية التي حدثت، لكن الثابت هو بقاء الفكرة والحلم والثورة بشكلها، وهذه الأفكار ستظل راسخة وموجودة ويمكن إعادة إنتاجها؛ لأنها محفورة بالأذهان، لكن في نفس الوقت يصعب استنساخ نفس الأشخاص ونفس التوقيت.

وأرجع زوبع عدم استجابة الشارع لدعوة محمد علي للتظاهرات في ذكرى الثورة، إلى حملة القمع التي شنتها أجهزة السيسي في 20 سبتمبر، مضيفا أن الشعب نزل إلى الشارع سابقا عندما شعر بوجود تنظيمات وحركات ثورية في أرض الميدان، فكانت رسالة طمأنة، لكن في غياب هذه القوى والتنظيمات لا ثورات.

بدوره قال الكاتب الصحفي سليم عزوز: إن الفارق بين محمد علي قبل 20 سبتمبر وبعده يرجع إلى تصورات الناس التي كانت تعتقد أن محمد علي خلفه جهة سيادية تسعى لانقلاب عسكري، فقرروا الركون إلى المنزل لأن الانقلاب سيحدث سيحدث سواء شاركوا أو لم يشاركوا.

وأضاف عزوز، في حواره مع برنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة مباشر”، أن محمد علي لم يخاطب معسكر المعارضة المصرية في الخارج منذ البداية؛ لأن هذا المعسكر رافض للانقلاب العسكري منذ وقوعه، لكنه خاطب شريحة أخرى في الشارع المصري وجدت أن هذا الشخص يمثلها يتكلم لغتها وليس شيخًا أو سياسيًّا، هذه الشريحة البسيطة التي انخدعت في السيسي منذ البداية، ثم وجدت هناك خطابًا منها وعليها يفضحه.

وأوضح عزوز أن المتظاهرين الذين اعتقلوا في تظاهرات 20 سبتمبر من هذه الشريحة غير المسيسة، والذين يمثلون “ملح الأرض”، كانت تنتظر خروج قيادة إلى الشوارع في 25 يناير للتحرك، لكنها تعجز عن اتخاذ خطوة قيادية في هذا الشأن بعد القمع والتنكيل الذي حدث بمن نزلوا أول مرة.

رأى عزوز أن السيسي لم ينجح في القضاء على التنظيمات والحركات الثورية بعد، فقد كان متصورا أن حركة كفاية انتهت في 2004، وتصورنا أن الإخوان بعد إسقاطهم في مجلس الشعب 2010 أنهم انتهوا، وأيضا القضاة بعد انتفاضتهم وسيطرة الأجهزة الأمنية على الأوضاع لم يستسلموا، كما أن البرادعي عندما عاد إلى الساحة انقلب عدد من أتباعه عليه وشككوا فيه، لكن في لحظة معينة تجد أن التوقعات خابت وتغير المشهد واندلعت الثورة.

ولفت إلى أنه في 28 يناير 2011، كان يسير بصحبة الكاتب الصحفي عادل صبري في وسط البلد، عقب صلاة الجمعة، وتصورا أنه لن يحدث شيء، وفجأة ظهر ما يقرب من 20 شابا قادمين في شارع عماد الدين من جهة مسجد الفتح يهتفون “الشعب يريد إسقاط النظام”، فانضم إليهم عشرات الأشخاص الذي كانوا يتسوقون من داخل المحلات، وعندما وصلت التظاهرة إلى ميدان طلعت حرب كانت مليونية مكتملة.