بعد محاولات نسف “قمة كوالالمبور”.. هل يقف “بن سلمان” وراء الأزمة السياسية بماليزيا؟

- ‎فيتقارير

يتساءل كثير من النشطاء عن الأسباب التي دفعت رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد إلى تقديم استقالته للملك الماليزي، ولكن الأكثر إلحاحا في تساؤلاتهم عن الضغط السعودي الإماراتي مع إمكانية الإبدال بينهما في الأولوية في إيقاع تلك الأزمة، لا سيما بعدما كشف موقعMiddle East Eye عن تفاصيل “خطة السعودية السرية”، لنسف نتائج القمة الإسلامية التي أثارت استياء الملك سلمان ومحمد ابنه.

 

وحي الهجوم

وفي دول القاع الديمقراطي التي لا تجد فيها ما يسد رمق الحرية، ينصب محور حديثها على الفرح بكل ما يقع في معسكر الأعداء من أزمات، وهذا هو وضع السعودية مع تركيا ابتداء، وما يستتبعها من دول كماليزيا وقطر، بل حتى إيران التي شاركت في قمة كوالالمبور.

تحليلات الأقلام السعودية تختفي لعدم وجود أي رصيد لنجاح محمد بن سلمان في الخطة الماليزية، لا سيما وأن مهاتير نفسه، باعتباره شخصية تاريخية، أعلن قبل يومين 26 فبراير، استعداده للعودة لرئاسة الوزراء إذا قبلت الأحزاب المتضامنة في ائتلافه الحكومي التنحي لتقبل بحكومة كفاءات.

المساحة التي لعبت عليها اللجان الإلكترونية والصحفيون الرسميون في الأزمة كانت رقصة تراثية لمهاتير محمد مع سيدة في احتفال عام، ورغم اكتشاف أن السيدة هي حفيدته لم يتوقف الغمز واللمز لرجل مع وحدة العالم الإسلامي رغم ميوله الشخصية العلمانية، فزوجته التي حضرت إلى جوار زوجة الرئيس التركي ظهرت حاسرة الرأس، وهو في العادة سلوك غير معتاد من الإسلاميين كما يتهم الإعلام السعودي “مهاتير”.

ومن أمثلة هذا الهراء ما ذكره الباحث السعودي المنحاز لمحمد بن سلمان، فهد ديباجي، فكتب “قمة كوالالمبور الإسلامية لم تجنّب ماليزيا زلزالا سياسيا داخليا. من يعادي السعودية يلفظه التاريخ وتلعنه الشعوب الإسلامية. مهاتير سار خلف وهم الإخوان ومشروعهم فسقط داخليًا وخارجيًا”.

وقال محلل منحاز آخر: “ما هي إلا أيام قليلة فتثبت الأحداث توقعي بالتحليل على أنه الأدق والأكفأ.. قلت قبل أيام إن سقوط مهاتير محمد له صلة مباشرة بتآمره على السعودية.. ورغم كل مخططاته يسقط.. وكان تخطيطه وبالا عليه.. لم تنفعه رقصته مع حفيدته”.

 

تجاهل باكستان

وأمام صدمة زيارة الرئيس الباكستاني لقطر وزيارة تركيا السابقة لباكستان، لم ينطق المحللون السياسيون حول هذا التطور، فعمران خان التقى زعماء القمة الإسلامية بكوالالمبور تباعًا.

وظهر في تحليلات سابقة أن “خان” شعر بخيبة أمل من المملكة، على ضوء رفض الجانب السعودي طلبا باكستانيا بعقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي لمناقشة قضية كشمير؛ على خلفية قرار الهند إلغاء الوضع الخاص بمنطقة جامو وكشمير، وهو ما دفعه للتفكير جديًا بالنظر في تحالفه مع الرياض، والمضي نحو تعزيز علاقاته مع قطر وتركيا وماليزيا.

وزار خان، مطلع فبراير الجاري، ماليزيا في محاولة لوقف التدهور في علاقة البلدين؛ بعد غيابه عن القمة.

ولم يدم الانتظار طويلا حتى سمع رئيس الوزراء الماليزي، مهاتير محمد، تفنيد نظيره الباكستاني ما وصفها بانطباعات خاطئة لدول إسلامية- وهي مواقف الإمارات والسعودية التي دفعته لإلغاء مشاركته في القمة- إذ أكد رغبته في تنفيذ الأجندة التي توصلت إليها القمة.

وخلال الزيارة قال خان: إنه “أصبح واضحا الآن أن قمة كوالالمبور لم تكن تهدف إلى تقسيم الأمة، والنتائج التي توصلت إليها توحد الأمة، وبالطبع كنت أتمنى الحضور”.

وبعد اعتذار خان عن عدم حضور القمة الإسلامية المصغرة في ماليزيا زار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 13 فبراير الماضي، ضمن أعمال مجلس التعاون الاستراتيجي بين تركيا وباكستان.

وفي 27 فبراير، زار رئيس الوزراء الباكستاني العاصمة القطرية الدوحة، بحث خلالها مع أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، العلاقات الثنائية بين البلدين وأوجه تعزيزها، بجانب عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وقال مراقبون إن زيارات “خان” يخيم عليها أجواء من توتر العلاقات- نسبيًّا- بين إسلام أباد والرياض؛ وذلك على ضوء قضية كشمير.

ومن ناحية أخرى فيما يتعلق بالبنك المركزي، فقد هددت السعودية باكستان بسحب أموالها، ونظرًا لأن باكستان تواجه ظروفًا اقتصادية صعبة، فقد اضطرت لاتخاذ هذا الموقف بعدم حضور المؤتمر.

 

تقرير كاشف

واطّلعت “ميدل إيست آي” أخيرا على تفاصيل “خطة السعودية السرية” لنسف نتائج القمة الإسلامية في كوالالمبور. وقال الموقع البريطاني، إن فكرة اجتماع الدول الإسلامية الكُبرى بقمة كوالالمبور في ديسمبر2019 أثارت قلق السعودية، إذ إنّ القمة أُقيمت خارج نطاق منظمة التعاون الإسلامي التي تترأسها المملكة، لدرجة أنّها جهّزت حملةً إعلامية للتقليل من أهمية القمة.

وجمعت وزارة الإعلام السعودية سلسلةً من الرسائل التي “أُمِرَت” المنظمات الإعلامية، والمُعلّقون المحليون بنشرها. كما استهدفت الصحف، والمواقع، والقنوات التلفزيونية في بلادٍ مثل باكستان وإندونيسيا وعددٍ من الدول العربية.

هجوم السعودية على القمة الإسلامية في ماليزيا جاء تحسبًا من أن يكون هذا الاجتماع على حساب قمة التعاون الإسلامي، وهو ما سيسحب البساط من تحت أقدام المملكة. وبحسب وثيقة الوزارة، التي حصل عليها الموقع البريطاني، فإنّ أهداف الحملة هي: تسليط الضوء على دور منظمة التعاون الإسلامي في خدمة أهداف الأمة الإسلامية، والتقليل من شأن قمة ماليزيا، وإلقاء الضوء على حجم المساعدات التي قدّمتها السعودية لدول العالم الإسلامي، خاصةً فلسطين.

عمران خان خلال مؤتمرٍ صحفي عُقِدَ الشهر الماضي، وإلى جانبه مُضيف قمة كوالالمبور مهاتير محمد، رئيس الوزراء الماليزي قال: “شعر بعض أصدقائنا المقربين بأنّ المؤتمر سيُفرِّق الأمة، ولكن ذلك لم يكُن الغرض من المؤتمر. وأعتقد أنّ الدول الإسلامية هي المسئولة عن تثقيف الدول الغربية وغيرها وتعليمها معنى الإسلام الحقيقي”.

المملكة طلبت من صحفييها أن يكتبوا أنّ عقد قمةٍ مُصغّرة في ماليزيا خارج إطار عمل منظمة التعاون الإسلامي قد “يُشجّع على تكوين تكتُّلات مُشابهة بين الدول الإسلامية الأخرى التي لم تتلقَّ الدعوة. وربما تُغرى تلك الدول بعقد مؤتمراتها الأخرى. ومن ثم، تضيع الجهود والمساعي لإصلاح هيكل المنظمة”.

وطلبت الوثيقة السعودية تسليط الضوء على انسحاب عمران خان من القمة، وترديد أن “غياب الدول الإسلامية المحورية عن قمة ماليزيا، وإلغاء مشاركة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان وخفض مستوى المشاركة إلى رئيس الوزراء، هي أمورٌ تعكس عدم اقتناع دولةٍ كان لها دورٌ فعال في الإعداد للقمة بأنّها قد تُحرِزُ أيّ نجاحات خارج إطار منظمة التعاون الإسلامي”.

وكشف الموقع البريطاني عن أن القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية والصحف السعودية تبنت طبيعيا الرؤية والخطة السرية، وعددا من المنظمات الإعلامية الأجنبية التي ستستهدفها الحملة الدعائية وشملت صُحف Dawn وDaily Jang و Nawa-i-Waqtفي باكستان، وصُحف ومواقع الرأي والدستور وعمون بالأردن، وغيرها من القنوات والمنافذ الإخبارية في دولٍ مثل مصر والسودان والعراق ولبنان وإندونيسيا والهند.