في يوم 5 يونيو 2017 قررت كل من السعودية، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، وتبعتها حكومة اليمن، وجزر المالديف، وجزر القمر، قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر. وفي يوم 6 يونيو 2017، أعلن الأردن عن تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر، وإلغاء تصريح مكتب قناة الجزيرة في الأردن. كما أعلنت سلطات موريتانيا عن قطع علاقاتها الدبلوماسية رسميا مع دولة قطر. وفي 7 يونيو أعلنت جيبوتي عن تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع قطر.
فيما دعمت كلٌّ من تركيا والمغرب وإيران دولة قطر، فقدمت تركيا (مساعدات غذائية، ودبلوماسية، وعسكرية)، وقدمت إيران (مساعدات غذائية)، أما عمان فقدمت (مساعدات غذائية) بينما المغرب قدمت (مساعدات غذائية ووساطة سياسية(.
وكانت كلٌّ من السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة قد سحبت، في مارس 2014، سفراءها لدى قطر؛ بسبب ما وصفوه بعدم التزام الدوحة بمقررات تم التوافق عليها سابقًا بمجلس التعاون الخليجي، يعُتقد أن أبرزها هو الموقف القطري من الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي، ودعم قطر ثورات الربيع العربي، والتعاطي الإعلامي لقناة الجزيرة مع بعض الأحداث الذي تراها الدول المعتدية تحريضًا.
وفي مايو 2017، بثت وكالة الأنباء القطرية تصريحات لأمير قطر، انتقد فيها ما أسماه «المشاعر المعادية لإيران»، ولكن سارع المسئولون القطريون إلى إنكار التصريحات، متهمين قراصنة باختراق وكالة الأنباء الرسمية. لكن الانتقادات السعودية والإماراتية تصاعدت بشدّة بعد أن اتصل الشيخ تميم بالرئيس الإيراني حسن روحاني، ما اعتُبر تحديًا للمملكة.
الأحداث المؤدية إلى الأزمة
ويعتبر خبراء أن صفقة الأسلحة السعودية الأمريكية 2017، وقمة الرياض 2017، كانتا من العوامل المحفزة للأزمة، بجانب مفاوضات أبريل 2017، حيث شاركت قطر في صفقة بين أطرف سنية وأخرى شيعية في العراق وسوريا. وكان للاتفاق هدفان: الأول ضمان عودة 26 رهينة قطريا اختطفهم مسلحون شيعة جنوبي العراق، وظلوا في الأسر لأكثر من 16 شهرا. وكان الهدف الثاني السماح بوصول المساعدات الإنسانية والإخلاء الآمن للمدنيين. ووفقا لنيويورك تايمز، سمحت هذه الصفقة بإخلاء ما لا يقل عن 2000 معتقل مدني من الضحايا.
ووفقا لفايننشال تايمز، دفعت قطر لتأمين الصفقة 700 مليون دولار لمليشيات شيعية في العراق، و120-140 مليون دولار لهيئة تحرير الشام، و80 مليون دولار لحركة أحرار الشام الإسلامية، ما أثار غضب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
قمة الرياض 2017
كجزء من قمة الرياض 2017 في أواخر مايو 2017، زار العديد من قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية، وقدم ترامب دعما قويا لجهود السعودية المبذولة ضد الدول والجماعات المتحالفة مع إيران والإخوان المسلمين، وعقدت خلال زيارة ترامب صفقة أسلحة بين البلدين.
وفي مايو 2017، قالت الحكومة القطرية إن موقع وكالة الأنباء القطرية وغيره من منصات وسائط الإعلام الحكومية تم اختراقها. وطبقا لما ذكرته قناة الجزيرة القطرية، فإن القراصنة نشروا تصريحات وهمية على وكالة الأنباء القطرية الرسمية نسبت إلى أمير قطر، الذي أعرب عن تأييده لإيران، وحماس، حزب الله وإسرائيل.
ونقل عن الأمير قوله: “إيران تمثل ثقلا إقليميا وإسلاميا لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، مؤكدا أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة”.
نفت قطر تلك الأخبار ووصفتها بالكاذبة، وعلى الرغم من ذلك، فقد تجاهلت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية تصريحات الحكومة القطرية، وتناولت التصريحات المنسوبة للأمير على نطاق واسع في مختلف وسائل الإعلام العربية، بما في ذلك سكاي نيوز عربية و قناة العربية. واخترق مجهولون حساب وزير الإعلام البحريني خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة في تويتر في 3 يونيو 2017.
وأيضا في مايو 2017 تم تسريب رسائل من حساب البريد الإلكتروني لسفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة يوسف العتيبة، واعتبرت تلك المراسلات محرجة، لاحتوائها على مراسلات مع مؤسسة إسرائيلية تدعى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات. تم تغطية التسريبات من قبل قناة الجزيرة وهافينغتون بوست عربي، واعتبر ذلك استفزازا، وتعميقا للخلاف بين الجانبين. في 9 يونيو تعرضت شبكة الجزيرة الإعلامية لهجوم إلكتروني عبر جميع منصاتها.
وبعد تضييقات من دول الحصار والمصطفين معها، من تقليص أعداد الحجاج القطريين، وغيرها من الإجراءات، ومنع دخول الأغذية وإغلاق الموانئ والمطارات أمام وسائل النقل القطرية، وفي يوم 22 يونيو 2017 سلمت الكويت قائمة من 13 مطلبا من الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) لقطر، وأمهلت دول المقاطعة قطر 10 أيام لتنفيذها، وتم تسريب هذه المطالب، واتهم وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش قطر بتسريبها، بينما اتهم مدير مكتب الإعلام في وزارة الخارجية القطرية أحمد بن سعيد الرميحي الدول المقاطعة بتسريب المطالب.
المطالب وفقًا للتسريبات
إغلاق قناة الجزيرة
قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وطرد أي عنصر من الحرس الثوري الإيراني موجود على أراضيها، والامتناع عن ممارسة أي نشاط تجاري يتعارض مع العقوبات الأميركية على طهران.
إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر وإيقاف أي تعاون عسكري مع أنقرة.
قطع علاقات قطر بالإخوان المسلمين ومجموعات أخرى منها حزب الله وتنظيم القاعدة وتنظيم داعش.
امتناع قطر عن تجنيس مواطنين من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وطرد من سبق أن جنستهم، وذلك كجزء من التزامها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول.
تسليم قطر كل الأشخاص المطلوبين للدول الأربع بتهم إرهابية.
وقف أي دعم لأي كيان تصنفه الولايات المتحدة كيانا إرهابيا.
تقديم قطر معلومات تفصيلية عن كل وجوه المعارضة، من مواطني الدول الأربع، الذين تلقوا دعما منها.
التعويض عن الضحايا والخسائر كافة وما فات من كسب للدول الأربع، بسبب السياسة القطرية خلال السنوات السابقة، وسوف تحدد الآلية في الاتفاق الذي سيوقع مع قطر.
أن تلتزم قطر بأن تكون دولة منسجمة مع محيطها الخليجي العربي على كافة الأصعدة، بما يضمن الأمن القومي الخليجي والعربي، وقيامها بتفعيل “اتفاق الرياض لعام 2013″ و”اتفاق الرياض التكميلي 2014”.
تسليم قطر كافة قواعد البيانات الخاصة بالمعارضين الذين قامت بدعمهم وكذلك إيضاح كافة أنواع الدعم الذي قدم لهم.
إغلاق كافة وسائل الإعلام التي تدعمها قطر بشكل مباشر أو غير مباشر.
أن يتم إعداد تقارير متابعة دورية مرة كل شهر للسنة الأولى ومرة كل ثلاثة أشهر للسنة الثانية، ومرة كل سنة لمدة عشر سنوات.
\بعد نحو عامين ونصف من بدء المقاطعة، ظهرت بوادر تغير في الموقف نحو قطر وصاحب ذلك تقرير نشرته عدد من الوسائل الإعلامية عن زيارة سرية قام بها وزير الخارجية القطري محمد آل ثاني إلى السعودية في سبتمبر 2019، كما اتضحت ملامح التقارب بعد مشاركة كل من السعودية والإمارات والبحرين في كأس الخليج التي أقيمت في قطر، وسبق ذلك جهود كويتية قادها الشيخ صباح الأحمد للتوسط بين طرفي الأزمة، وقبيل انعقاد القمة الخليجية في 10 ديسمبر من العام نفسه، والتي جرى الاتفاق على عقدها في الرياض بدلا من أبو ظبي، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير أن السعودية وجهت دعوة لأمير قطر تميم بن حمد لحضور القمة، وأن تغير الموقف مع الدوحة مرهون بخطوات منها، فيما صرح في الوقت نفسه وزير الخارجية القطري محمد آل ثاني بأن “هناك مباحثات مع الأشقاء في السعودية ونأمل أن تثمر عن نتائج إيجابية”.
قطر الرابحة
وبحسب تقديرات استراتيجية، حققت قطر أرباحا مادية ومعنوية وسياسية، فأنجزت قفزة نوعية في مجال التنمية على كل الصعد، تكاد تحقق الاكتفاء الذاتي في إنتاج المواد الغذائية الموسمية، أي إنها توسعت في مجال الإنتاج الزراعي واستصلحت أراضي واسعة مستخدمة التقنية العلمية الحديثة سواء في البيوت الزراعية أو وسائل الري، صناعة الألبان ومشتقاتها وقد حققت فائضا في السوق المحلية، الأمر الذي دفعها للتصدير وتشهد أسواق الكويت وعمان بذلك الأمر، بالرغم من أن قطر كانت تعتمد في سد حاجاتها من الأغذية على دول الجوار وخاصة السعودية والإمارات.
وفي مجال الصناعة استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في هذا المجال “صناعة الإسمنت، والحديد، والألومنيوم، والعوازل الحرارية، وبعض المستلزمات الطبية وغير ذلك لا أقول إنها حققت الاكتفاء المطلق فيما ذكر أعلاه إلا إنها قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال، تقول بعض التقارير الاقتصادية إنها حققت فيما ذكر في مجال الصناعة ما يزيد عن 60% تقريبا من حاجة البلاد في مدة قصيرة من الزمن. لقد جدت الحكومة القطرية في وضع بنية تحتية جبارة وهي تحت الحصار الرباعي في فترة زمنية تكاد تكون معجزة.
وفي المجال السياسي، زار دولة قطر خلال “الألف يوم حصار” أكثر من أربعين رئيس دولة أو حكومة من أكثر من أربعين دولة، وتراجعت دول عن قرارها القاضي بحصار دولة قطر، وأعادت علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة بعد أن تيقنت بأن التهم التي قدمتها كل من الرياض وأبوظبي ضد قطر لا أساس لها من الصحة.
كما أن الأمم المتحدة اختارت العاصمة القطرية الدوحة مقرا لمكتبها لمكافحة الإرهاب، وهذه شهادة أممية أخرى تبرئ قطر من تهمة الإرهاب وتمويله التي روجها أركان الحصار الثلاثة على قطر “الرياض، أبوظبي، والبحرين” ورابعهم مصر.
وفي مجال التعليم، احتلت قطر المرتبة الأولى على العالم العربي حسب تقرير المنتدى الاقتصادي في دافوس، وجاءت الإمارات في المرتبة العاشرة، والبحرين في المرتبة 33، والسعودية في المرتبة 54 من أصل 140 دولة. ويبقى الخاسر الأكبر هم الذين يحاصرون قطر، وقطر ربحت المجتمع الدولي.