قبل المراجعة الأممية.. الانقلاب “قلقان” من محاكمة المدنيين عسكريا

- ‎فيتقارير

على غير العادة، أبدى المجلس القومي لحقوق الإنسان – وهو مؤسسة من المفترض أن تكون مستقلة، إلا أنها تحولت لبوق لنظام السيسي_ في تقريره السنوي السبت الماضي، قلقه من إحالة بعض المدنيين إلى المحاكم العسكرية بدلًا من المثول أمام قاضيهم الطبيعى!!.

وذكر التقرير، أن المجلس رصد خلال الفترة من مايو 2018 حتى يوليو 2019، تضييق المجال العام من خلال تدابير وإجراءات ذات طبيعة تقييدية أوجدت إحساسًا عامًا بتراجع هامش الحريات على نحو كبير. لافتا إلى  الدولة اتخذت  عدة خطوات، زاعما أنها لمعالجة هذه الإشكاليات، ومن أهمها: «تعديل قانون التظاهر، وإصدار قانون الجمعيات الأهلية، وتعديل قانون النقابات، وتشكيل المؤسسات الإعلامية»، لكن المجلس المعين من جانب سلطات الانقلاب أضاف أن البلاد بحاجة إلى إرادة معلنة للدولة بإفساح المجال أمام حريات التعبير والتجمع والتنظيم، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لمجلس النواب ومجلس الشيوخ والتمهيد لانتخابات المجالس المحلية،

المطالبة بالحريات!

وعلى صعيد حرية الرأى والتعبير، أوضح أن «هناك انطباع سائد بأن السلطة لا ترحب بممارسة التظاهر والاحتجاج السلمي، يخلط في الذهن بين توقيف المعارضين السياسيين في قضايا تتصل بدعم الإرهاب من جهة وحرية النشاط السياسي والمعارضة من جهة أخرى».

وطالب المجلس السلطة على تيسير التجمعات السلمية، مع حث هذه التجمعات على الالتزام بالقانون بدلًا من توقيف المخالفين وحبسهم احتياطيًا وإبقائهم محبوسين قيد التحقيقات والمحاكمة ما دامت أفعالهم لا تنطوي على عنف وخروج عن السلمية، منددًا بالملاحقة القضائية لعدد من المعارضين الحزبيين خلال فترة إعداد التقرير، والتي تمتد من مايو 2018 حتى يوليو 2019.

وانتقد التقرير كذلك الإجراءات المُتخذة من جانب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، معتبرًا أنها «تميل إلى تقييد الحريات»، خاصة ما تجلى فى لائحة الجزاءات التى وضعها المجلس، وتضمنت تعبيرات فضفاضة تتيح إمكانية سحب التراخيص ومنع البث والحجب للمؤسسات الإعلامية والمواقع الإلكترونية، وتدابير تفرض نوعًا من الرقابة غير الصحية على ما يُتداول، واتخاذ إجراءات عملية فى تفعيل ذلك من خلال حجب بعض الصحف والمواقع الإلكترونية.

ونشرت الجريدة الرسمية في الثالث من شهر مارس الجاري، قرار رئيس الوزراء بحكومة الانقلاب بالتصديق على اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة والإعلام الصادر في الأول من سبتمبر 2018.

وبحسب تقرير «القومي لحقوق الإنسان»، فإن المجلس تلقى عددًا من الشكاوى بشأن الوفيات بشبهة التعذيب في الاحتجاز، وذلك بسبب أن العقوبات المقضي بها بحق المُدانين بجرائم التعذيب التى خلصت إليها بعض المحاكمات منذ نهاية 2018 لم تكن رادعة.

وأرجع المجلس في تقريره لعام 2020، السبب في إفلات رجال الشرطة من العقاب في جرائم التعذيب، إلى عدم تضمين القوانين الحالية لفئات كثيرة من الضحايا، مفسرًا ذلك بأن المشتبه بهم أو أقارب المتهمين الذين يُعتدى عليهم للضغط على المتهم لا ينطبق عليهم وصف المتهم الذي يحظر القانون الاعتداء عليه، فضلًا عن وجود  أماكن احتجاز غير خاضعة لأي إشراف من جانب السلطات القضائية، مثل مستشفيات الأمراض العقلية، مشددًا على ضرورة استقلال مصلحة الطب الشرعي (التابعة لوزارة العدل) عن الحكومة لتقوم بدورها في توجيه قضايا التعذيب، وتزويد المجلس بالإمكانيات التي يحتاج إليها للنهوض بمسؤولياته على أكمل وجه.

إمساك العصا من المنتصف

وفيما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، سلط التقرير الضوء على مؤشرات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن ارتفاع نسبة الفقر المسجلة من 27% في 2018 إلى 32% في 2019، معتبرًا أنها تمثل دليلًا على عدم تحقيق برامج الحماية الاجتماعية للمأمول منها..

وفي محاولة لامساك العصا من المنتصف، أشاد المجلس في الوقت نفسه ببرنامج الإصلاح الاقتصادي وجهود الدولة التي أسفرت بحسب التقرير عن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وخفض عجز الموازنة وتعظيم الإيرادات، خاصة تعزيز البيئة الجاذبة للاستثمارات رغم تحديات الاضطراب الإقليمي.

وذلك على عكس الواقع وشهادات المؤسسات الدولية ، ووصول إجمالي الديون وفوائدها لمعدلات عالمية كبيرة انعكست سلبا على حياة المواطنين.

وشهد العام الماضي توترًا في العلاقة بين المجلس القومي لحقوق الإنسان وبين السلطة، فسبق وصرح رئيس المجلس محمد فايق، في حوار نشرته «الشروق» في 24 يوليو الماضي، بأن المجلس «ممنوع من زيارة بعض السجون المصرية ولا يعرف ما يحدث داخلها»، وهو ماتلاه انتقاد المجلس في بيان، صدر في الثالث من أكتوبر الماضي، توقيف المواطنين وتفتيش محتوى هواتفهم المحمولة قسرًا بدعوى الحفاظ على الأمن والتصدي للإرهاب، خلال الفترة التالية على مظاهرات 20 سبتمبر الماضي التي ألقت خلالها السلطة الانقلابية القبض على ما يزيد عن أربعة آلاف شخص، وهو ما ردت عليه وزارة الداخلية في بيان صحفي، وقتها،  أكدت خلاله التزامها بالقانون في حالات ضبط المواطنين وتفتيش هواتفهم، في حين شنّت صحف ووسائل إعلام حملة هجوم على المجلس ورئيسه، ، حيث تلقي مسؤولون بعدة وسائل إعلامية تعليمات بالهجوم على فايق، ومن ضمن ما نُشر بناءً على هذه التعليمات أن «المجلس القومي لحقوق الإنسان يضع نفسه والدولة في حرج ويفتي بغير علم..ونتساءل هل السبب السن أم الزهايمر؟».

إلا أن بعض المراقبين اعتبروا تقرير المجلس القومي، مجرد محاولة لتبييض وجه السيسي وأدائه الحقوقي والأمني ، حيث اعتمد التقرير سياسة : “كل شيء والعكس” حيث يشيد باداء الدولة وينتقد القمع الامني!، كما يستنكر الفقر والبطالة ويشيد بالبرامج الاقتصادية للسيسي.

وهو ما يبدو أنه تمهيد لتبييض انتهاكات السيسي وجرائمه قبل الرد المصري المقرر خلال شهر مارس الجاري على توصيات المراجعة الدورية لملف مصر الحقوقي في الأمم المتحدة.