كل يوم يثبت نظام السيسي الانقلابي أن بوصلته فاسدة وأن تقديره للأمور وتحركاته يجري صياغتها من عواصم أخرى خارج مصر، بل وخارح مصلحة المصريين واستقرارهم وأمنهم وسلامتهم.
وعلى الرغم من الكارثة الكبرى التي تنتظر الشعب المصري وتهدد بعطشه ومرضه وجوعه وفقره فوق فقره القائم، ببدء إثيوبيا ملء سد النهضة بعد ثلاثة شهور من الآن، وفي يونيو المقبل، رغم ذلك يواصل السيسي ونظامه سياسة التصريحات الدبلوماسية التي لن تحمي حقوق المصريين المائية التي ردمها السيسي في مارس 2015 عنندما وقع اتفاق المبادئ مع إثيوبيا لتنطلق بأسرع مما يتخيله السيسي لإكمال بناء السد الذي يعطش مصر ويشرد نحو 20 مليون أسرة مصرية.
وعلى مسار آخر وكاشف لاختلال بوصلة أولويات السيسي، يتسارع السيسي في تحركاته العدوانية في ليبيا، وضد حكومة معترف بها دوليا، ليعمل ضد اتفاقاتها وقراراتها، داعما فصيلا إرهابيا لا يستقبله إلا تحالف الثورة المضادة؛ حيث يقوم السيسي وبدعم إماراتي، تشكيل فرقة عمليات خاصة بحرية “كوماندوس” مؤلفة من عشرات المقاتلين الليبيين، من أجل تنفيذ عمليات ضد مصالح بحرية تركية في المياه الإقليمية الليبية، بهدف عرقلة وقطع الطريق أمام المساعدات العسكرية التي تقدمها أنقرة لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس عبر البحر المتوسط.
وتحدثت تقارير إعلامية عن بدء تدفق عدد من المقاتلين الليبيين إلى شرق ليبيا الأسبوع الماضي بعدما تم تدريبهم من قبل القوات البحرية المصرية في إحدى القواعد لهذا الغرض.
هذه المجموعة والتي تقدر بخمسين مقاتلاً ستكون بمثابة نواة لفرقة عمليات خاصة بحرية، ستلحق بها دفعة أخرى لا تزال تتلقى تدريبات مكثفة بإحدى القواعد البحرية المصرية.
وبحسب المصادر نفسها، فإن الإمارات بصدد تزويد ميليشيات شرق ليبيا بـ”لنشات” (زوارق) بحرية متطورة، لقيامها بالمهمات المحددة لها.
كما سيقوم خبراء عسكريين مصريين بالإشراف على تلك العمليات قبل تسليم المهمة بالكامل لضباط بحرية ليبيين يعملون تحت رقابتهم حاليًا.
في غضون ذلك، أكدت المصادر وجود تزايد كبير في أعداد المرتزقة التابعين لشركة فاغنر الروسية في ليبيا، مشيرةً إلى أن أعدادهم تجاوزت 1500 مقاتل.
ورجحت المصادر أن يتحول دور عناصر فاغنر، فور حدوث تفاهمات روسية تركية، على أن يتوقفوا عن المشاركة في الأعمال القتالية مقابل الانخراط في عمليات التأمين لمناطق النفط والمرافق الحيوية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعرب، يوم الجمعة الماضي، عن اعتقاده بأن نظيره الروسي فلاديمير بوتين سيقدم على خطوات إيجابية بخصوص مرتزقة فاغنر الروس في ليبيا. ونقلت وكالة “الأناضول” عن أردوغان قوله في حديث مع الصحفيين، أثناء عودته بالطائرة من العاصمة الروسية موسكو، أن المسئولين الأتراك تلقوا أنباء إيجابية بخصوص مرتزقة فاغنر بدون الإفصاح عن تفاصيل إضافية.
وتابع: “نتمنى تطبيق هذه الأمور على الأرض، وفي حال طبقت سيكون عملنا وعمل (رئيس حكومة الوفاق فائز) السراج يسيرًا في ليبيا”.
في هذه الأثناء، كشف المتحدث باسم قوة حماية مدينة الزاوية عبد الرحمن الطاهر أول من أمس السبت عن ضبط خلية موالية لحفتر ومكونة من 60 شخصا في منطقة بوصره شمال مدينة الزاوية (تقع غرب العاصمة طرابلس على بعد نحو 48 كيلومترا)، ولفت إلى أن هدف تلك المجموعة التي تضم مقاتلين من مدن صرمان وصبراتة والزاوية، إثارة القلاقل وتمهيد الطريق لميليشيات حفتر.
وهكذا يزرع السيسي الأشواك ويفجر الأوضاع في ليبيا على عكس اتجاه التفاهمات الدولية والمؤتمرات الدولية لرأب الصدع ووقف الاقتتال والاحتراب الأهلي في ليبيا.
ويحاول السيسي في تحقيق انتصارات في ليبيا على لحساب الإمارات والسعودية الذين يسعون لمجابهة المد الديمقراطي في المنطقة الغغربية والوصول لإفساد التجربة الديمقراطية في تونس أيضا عبر دعم تفجيرات سياسية وأمنية في تلك الدول التي لم تسلم من شرور ومخططات الإمارات التي صاغها الصهاينة والأمريكان لقلقلة الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة العربية.
ولعل الأغرب في مواقف السيسي العاملة وفق الأجندة الإماراتية أن الإمارات ذاتها تدعم مشوع سد النهضة الإثيوبي وقدمت مليارات المساعدات والودائع الدولارية في البنوك الإثيوبية، دون أن يعترض السيسي الشريك الأساس في تجويع شعبه وقتل مواطنيه في الداخل والخارج.