“مفيش خطة”.. خبراء: حكومة الانقلاب فشلت في مواجهة كارثة السيول

- ‎فيتقارير

أثار انسحاب حكومة الانقلاب من المشهد خلال أزمة السيول، انتقادات المصريين فى محافظات الجمهورية، والذين أعربوا عن غضبهم واستيائهم من نظام العسكر لتجاهله الأزمة والضحايا والمصابين، وعدم اكتراثه بانقطاع الكهرباء والمياه وتوقف القطارات وخطوط المواصلات وانهيار الطرق والكباري، وعدم استعداد المستشفيات بالقدر الذى يمكنها من تلبية احتياجات المرضى والمصابين، بجانب عدم وجود مراكز إيواء للمتضررين، وعجز الحماية المدنية وهيئة النظافة وشركات مياه الشرب والصرف الصحي، وعدم وجود سيارات كافية لشفط مياه الأمطار، مما أدى إلى غرق منازل وعمارات في المياه وانتشار البرك والمستنقعات في الشوارع.

الفشل الانقلابي كشفته أحداث عديدة خلال اليومين الماضيين، منها انهيار “كومبوند دريم” لسوء إدارته وتحوله إلى “خرابة” في ظل اضطرابات الطقس، وأكد سكان الكومبوند أن المسئولين خارج الخدمة لا يتحركون لإنقاذهم وأعربوا عن استيائهم لفشل العاملين داخل الكمبوند في إيجاد حلول للأزمة.

وأشاروا إلى انقطاع الكهرباء منذ بداية الأزمة حتى الآن، مؤكدين أن هناك كميات كبيرة من المياه لم يتم رفعها بجانب تعطل شبكة الكهرباء بالكامل داخل الكومبوند.

وقال السكان، إن مسئولي الصيانة لم يردوا على أي مواطن لفشلهم في إدارة الأزمة، وحملوا شركة الكهرباء ووزارة الكهرباء بحكومة الانقلاب المسئولية عن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.

ونظم سكان الكومبوند وقفة احتجاجية أمام مقر اتحاد الشاغلين، ورددوا هتافات ضد أحمد بهجت، منددين بما يحدث داخل الكومبوند من فشل وإهمال وسوء تعامل مع سكان الوحدات، وطالبوا بسرعة تغيير الإدارة الحالية، التي تثبت يومًا بعد يوم أنها فشلت ولم تفلح في احتواء الأزمة وإدارة الموقف الحالي، وحل مشاكلهم المستمرة منذ بداية الأزمة حتى هذه اللحظة.

شبرا النملة

وسادت حالة من الغضب بين أهالي قرية “شبرا النملة”، التابعة لمركز طنطا، بسبب غرق شوارع القرية، ووجود تجمعات كبيرة لمياه الأمطار وتكوّن برك ومستنقعات.

وأكد أهالي القرية أن استمرار تساقط الأمطار وسوء الأحوال الجوية على مدار الـ٣ أيام الماضية، أدى إلى غرق المنازل وانهيار بعض العقارات وشلل تام بالحركة داخل القرية؛ بسبب التجمعات الكبيرة للمياه في الشوارع واضطرارهم للمكوث بمنازلهم.

وقالوا إن شوارع القرية عبارة عن مستنقعات، ولجأ البعض لفتح بالوعات الصرف، ولكن من كثرة المياه تراكم الوحل داخلها فمنع سحب المياه .

الإسكندرية

فيما شهدت الإسكندرية كارثة، حيث أغرقت الأمطار الرعدية الغزيرة- التي وصلت إلى حد السيول- عددا من مناطق المحافظة فى بحيرات من المياه، واجتاحت الإسكندرية عواصف وأمطار غزيرة استمرت 8 ساعات متواصلة، ما جعلها موجة الطقس الأسوأ على الإطلاق منذ بدء فصل الشتاء.

وغرقت منطقة سموحة بالإسكندرية، بعدما حولت الأمطار شوارعها وميدان “فيكتور عمانويل” إلى بحيرة كبيرة، حيث ارتفع منسوب المياه بها لأكثر من مترين.

وناشد قاطنو المنطقة المحافظة وشركة الصرف الصحي سرعة التحرك لكسح مياه الأمطار، فيما وصف بعضهم الوضع في شوارع سموحة بـ”الكارثي.”

كما غرق كورنيش البحر عند منطقة المندرة في بحيرات من مياه الأمطار، مما أدى لحدوث شلل مروري حاد بالطريق الذي يعتبر أحد الطرق الرئيسية الهامة.

وغرقت مناطق عديدة منها العجمي والكيلو 21، ولوران والفلكي والعوايد، فيما دفعت شركة الصرف الصحي بـ94 سيارة لسحب المياه المتراكمة من الشوارع.

وشهد طريق كورنيش الإسكندرية انهيار عقار بسبب العواصف والطقس السيئ، كما اصطدمت سيارة ملاكي بمظلة خشبية بمنطقة لوران على كورنيش الإسكندرية، ما أدى إلى تحطمها دون حدوث إصابات.

توقف القطارات

كما اضطرت هيئة السكك الحديد إلى وقف حركة القطارات عقب حادث تصادم قطارين فى المسافة بين رمسيس وإمبابة واصابة 13 شخصا من الركاب، وهو ما يكشف الإهمال الكبير الذى تعانى منه القطارات وعدم وجود أية استعدادات للتعامل مع الظروف الطارئة.

وكشفت هيئة السكك الحديد عن أن التصادم تم بين مقدمة قطار رقم ٩٨٩ بمؤخرة قطار ٩٩١ القدم من سوهاج إلى القاهرة، والذي كان محجوزا في منطقة برج النخيلي لاستلام أوامر التشغيل لدخول محطة القاهرة، ما أسفر عن وقوع بعض الإصابات.

وقررت الهيئة وقف جميع الرحلات على كافة خطوط السكك الحديد؛ نظرًا لسوء الأحوال الجوية وحفاظا على أرواح الركاب، إلا أنها أعلنت عودتها فى وقت لاحق بعد فحص نظم الإشارات والتأكد من سلامتها.

فشل واضح

من جانبه اعترف حسن عمر، عضو برلمان العسكر بفشل حكومة الانقلاب، مؤكدًا أنه رغم تحذيرات هيئة الأرصاد من موجة هطول الأمطار، إلا أن مسئولي المحافظات التي تضررت بسبب الأمطار، لم يتخذوا أى خطوات جادة من شأنها مواجهة الآثار المترتبة على سقوط الأمطار بغزارة.

وقال “عمر”، في تصريحات صحفية، إن ما حدث نتيجة الأمطار من غرق الشوارع والأنفاق وإغلاق طرق رئيسية، واحتجاز مواطنين داخل سياراتهم، هو فشل واضح لإدارة التعامل مع الأزمات بالمحافظات المضارة، مشيرا إلى أن تحرك المسئولين كالمعتاد جاء بعد وصول الأزمة إلى حد الكارثة، فما زال المسئولون ينتظرون حدوث الكارثة ثم يتحركون.

وأوضح أن المحافظين كان عليهم أن يستعدوا لمثل هذه الأمور، مثل نشر سيارات شفط المياه ونشر وحدات تدخل سريع لإنقاذ المواطنين حال تعلق أحدهم بسبب الأمطار، مشددا على أن ما حدث من المسئولين يتطلب تحركا سريعا لمحاسبة المقصرين منهم.

مبدأ رد الفعل

وأرجع أحمد توفيق، أستاذ إدارة الأزمات بالجامعة الأمريكية، الفشل الانقلابي في التعامل مع أزمة السيول إلى أنه «مفيش خطة»، مشيرا إلى أنه لا توجد خطة على أرض الواقع، وإلا لمسنا نتائجها بمجرد حدوث الأزمة، وأكد أن السيول ليس أزمة مفاجئة، ولكنها محددة التوقيت وحذرت منها الأرصاد سابقًا.

ووصف توفيق، في تصريحات صحفية، خطة حكومة العسكر لمواجهة الأمطار بـ”استخفاف”، لافتا إلى أنه حتى إن تواجدت الخطة فإنها مجرد خطة ورقية ليس لها أساس عملي، مفرقا بين الخطة والتوصيات التي تتحدث عنها حكومة العسكر وبين السيناريو المفترض اتباعه من تحديد ما يمكن أن تسفر عنه هذه الأمطار من خسائر.

وشدد على أن حل الأزمة قبل وقوعها أفضل بكثير من بعده، ولكن حكومة العسكر تعمل دائما بمبدأ رد الفعل.

وأشار توفيق إلى أن مجلس وزراء الانقلاب لم يلفت انتباهه أزمة السيول وكوارث الأمطار، مطالبا بضرورة توفير قائمين على إعداد تقرير مصور بأماكن هطول الأمطار والاستعدادات لمواجهتها، مشبها أزمة الأمطار بالامتحانات التي تستعد حكومة الانقلاب لدخولها، وتفشل في حل جزء صغير منه رغم أن أسئلته متوقعة.

وحول تكرار أزمة الأمطار والسيول هذا العام، قال ممدوح زيدان، خبير إدارة الأزمات والتنمية البشرية: نفتقد في مصر لإدارة متكاملة للأزمات، والمتمثلة في تأسيس منظومة قومية، تبدأ بالمركز القومي لإدارة الأزمات، مرورًا بمراكز إدارة الأزمات في الوزارات والمحافظات، وصولًا إلى أقل وحدة في المؤسسات كالمدارس والمستشفيات والمصانع والتي ينبغي أن تحتوي أيضًا على فرق لإدارة الأزمات

وأضاف زيدان، في تصريحات صحفية، أنه لو وجدت هذه المنظومة تستطيع العمل بشكل متكامل وتفاعلي يمكننا من تبادل المعلومات والعوامل المؤثرة على أي موضوع، مما يعزز القدرة على مواجهة الأزمة قبل حدوثها .