بعد انهيار أسعار الوقود عالميًا.. هل سيخفّض الانقلاب البنزين والغاز ومشتقات البترول؟

- ‎فيتقارير

أثار انهيار أسعار النفط الأمريكي إلى أكثر من 300%، خلال تداولات الاثنين، وتسجيله "سالب 37 دولارًا للبرميل عند التسوية"، العديد من التساؤلات حول أسباب هذا الانهيار، ومستقبل أسعار الوقود في مصر خلال الفترة المقبلة، ومدى إقدام عصابة الانقلاب في مصر على خفض أسعار الوقود محليًا بنسبة تتلاءم مع هذا التراجع القياسي في الأسعار العالمية.

أسعار الوقود محليًا

وتحولت العقود الآجلة للنفط الأمريكي تسليم مايو إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ مع امتلاء مستودعات تخزين الخام، وذلك بالتزامن مع تفاقم مشكلة تخزين النفط، وامتلاء السعة التخزينية، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكلفة التخزين بشكل لم يسبق له مثيل، حيث إن سعر تكلفة إنتاج النفط الأمريكي 48 دولارا للبرميل، ويتم تداوله في السوق عند مستويات 20 و22 دولارا للبرميل، أي بأقل من نصف تكلفة إنتاجه، وهو ما يعني أن شركات إنتاج النفط الأمريكي تواجه أزمة عميقة ستكبدها خسائر غير مسبوقة.

انهيار أسعار النفط عالميا خلال الفترة الماضية، زاد من مطالبات المصريين بخفض أسعاره محليا بنفس النسبة، إلا أن المفاجأة كانت بقيام حكومة الانقلاب، الأسبوع الماضي، بإصدار قرار بخفض أسعار الوقود محليا بقيمة 25 قرشا للتر، حيث أصبح سعر بنزين 80  حوالي 6.25 للتر بدلا من 6.5 جنيه، فيما أصبح سعر بنزين 92 (7.5 للتر بدلا من 7.75 جنيهات)، وأصبح سعر بنزين 95 (8.5 للتر بدلا من 8.75 جنيهات)، فيما كانت السنوات الماضية تشهد زيادة في الأسعار بنسب كبيرة.

وتسبّبت الزيادات المتتالية في أسعار الوقود محليا خلال السنوات الماضية في ارتفاع أجرة كافة وسائل المواصلات، وارتفاع أسعار السلع والخدمات بالسوق المحلية، ما تسبب في زيادة معدلات الركود والفقر بمختلف المحافظات، دون أن تقوم حكومة الانقلاب بزيادة رواتب ومعاشات المواطنين بنسبة تتلاءم مع زيادات الأسعار، ودون أن تقوم بدورها في مراقبة الأسعار بالأسواق.

أسباب انهيار الأسعار

وكتب الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام، عبر صفحته على فيسبوك: "انهيارات في أسواق النفط العالمية تهدد اقتصاديات دول كبرى؛ النفط الأمريكي يهوي لأقل من صفر دولار للبرميل ويخسر 306% قبل انتهاء تعاملات اليوم، وخام برنت يخسر نحو 10% من قيمته، والأسباب عدة منها تراجع الطلب على النفط بسبب كورونا، وعمليات التخزين التي تمت خلال الفترة الماضية، مع تهاوي الأسعار واشتعال الحرب النفطية بين السعودية وروسيا؛ إضافة إلى ضخامة حجم مخزونات النفط العائمة على متن الناقلات والبالغة 160 مليون برميل".

وسخر الكاتب الصحفي سليم عزوز من طريقة إدارة قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي لملف الوقود في مصر. وكتب عبر صفحته: "وأنت تقرأ أن أسعار النفط قد تهبط للصفر، تذكر أن السيسي وقع عقدًا مع إسرائيل لاستيراد الغاز الإسرائيلي لخمسة عشر عاما قادمة.. عزيزي نتنياهو ازدهار الاقتصاد الإسرائيلي مسئوليتنا! مبروك عليكم الحاكم العسكري".

وحول تداعيات انهيار النفط الأمريكي على العالم العربي، قال المحلل المالي محمد عايش: إن العالم العربي وخاصة الدول المنتجة للنفط يتجه إلى أسوأ أزمة اقتصادية منذ الاستقلال، مؤكدا أن العالم العربي أمام أزمة مزدوجة تتعلق بالنفط وتتعلق بفيروس "كورونا" الذي عطل عجلة الاقتصاد بشكل شبه كامل في المنطقة العربية، مشيرا إلى قيام السعودية خلال الأسابيع القليلة الماضية، باقتراض 7 مليارات دولار، كما فعلت الإمارات الأمر ذاته، واستدانت البحرين مليار دولار، وقررت سلطنة عُمان خفض إنفاقها العام بواقع 1.3 مليار دولار، وأعلن الأردن أنه يبحث عمن يقرضه 640 مليون دولار.

تداعيات التراجع

وأشار عايش إلى أن دخول دول الخليج في "كساد كبير" يعني بالضرورة أن ملايين العاملين من العرب هناك سوف يعودون إلى بلدانهم لتتفاقم أزمة أخرى في عالمنا العربي، وهي أزمة البطالة، مستطردا: "إذا ما أضفنا ذلك إلى أزمة كورونا فإننا سنجد أنفسنا أمام مستقبل لا نستطيع إلا أن نسأل الله فيه العفو والعافية"، مشيرا إلى أن أزمة الحصة السوقية التي أدت الى "حرب أسعار" انتهت بإغراق الأسواق بالنفط الذي يضخه المنتجون، ما يعني أن شهر أبريل كان كفيلا بإغراق الأسواق بالنفط، في الوقت الذي تراجع فيه الطلب بصورة حادة بسبب أزمة "كورونا".

أما ثاني تلك الأسباب فتكمن في أن أزمة "كورونا" أدت إلى ركود عالمي بدأ بالفعل، وهو ما أدى وسيؤدي مستقبلا إلى تراجع الطلب العالمي على النفط، وهذا يجعل من اتفاق "أوبك+" الذي سيؤدي إلى خفض الإنتاج بواقع 9 ملايين و700 ألف برميل يوميا اتفاقا لا قيمة له في السوق، ذلك أن صندوق النقد الدولي يتوقع تراجع الطلب العالمي على النفط بواقع 29 مليون برميل يوميا، أي أنه في أفضل الأحوال وبعد خفض الإنتاج لا يزال ثمة فائض في المعروض بواقع 20 مليون برميل يوميا.