كشف صندوق النقد الدولي عن فشل قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي في مواجهة تداعيات أزمة كورونا ، مشيرا إلى أن الجائحة أحدثت اضطرابا حادا في حياة المصريين، وأرزاقهم، وظروفهم الاقتصادية، وأسفرت عن توقف السياحة، وخروج قدر كبير من رؤوس الأموال، وتباطؤ التحويلات من العاملين في الخارج.
فشل السيسي

وقال الصندوق، في بيان له – بعد موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على طلب حكومة الانقلاب الحصول على مساعدة مالية طارئة قدرها 2,772 مليار دولار أمريكي، من خلال أداة التمويل السريع “RFI”-: "جاءت جائحة كورونا لتسبب اضطرابا آنيا حادا في الاقتصاد المصري يمكن أن يؤدي إذا ما تُرِك دون علاج إلى التأثير سلبا على استقرار الاقتصاد الكلي، وستساعد “أداة التمويل السريع” على تخفيف بعض احتياجات التمويل الأشد إلحاحا، بما في ذلك الإنفاق على الصحة، وتوفير الحماية الاجتماعية، ودعم القطاعات الأشد تأثرا وشرائح المجتمع الهشة".
وأضاف البيان أن "جائحة كورونا أحدثت اضطرابا حادا في حياة المصريين وأرزاقهم وظروفهم الاقتصادية. فقد أسفرت الصدمة العالمية عن توقف السياحة، وخروج قدر كبير من رؤوس الأموال، وتباطؤ التحويلات من العاملين في الخارج؛ ما أنشأ احتياجا ملحا لتمويل ميزان المدفوعات”، مشيرا إلى أنه "ستكون هناك حاجة لدعم إضافي عاجل من دائنين متعددي الأطراف وثنائيين لسد الفجوة المتبقية في تمويل ميزان المدفوعات، وتخفيف عبء التكيف، والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي الذي حققته مصر بعد جهد شاق".
اللافت طلب هذا القرض بالتزامن مع استيلاء السيسي على مبلغ 240 مليار جنيه خلال شهرين؛ حيث استولى على مبلغ 100 مليار جنيه المخصص لمواجهة فيروس كورونا، بالإضافة إلى مبلغ 8.5 مليار دولار من احتياطي النقد الأجنبي خلال شهري مارس وأبريل الماضين؛ حيث فقدت مصر 8.5 مليارات دولار من احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي خلال شهرين؛ حيث بلغ الاحتياطي في نهاية أبريل الماضي 37.037 مليار دولار، مقابل 45.5 مليار دولار في نهاية شهر فبراير الماضي.
تهاوي احتياطي النقد

وتوقع الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام استمرار تهاوي الاحتياطي النقدي طالما استمرت أزمة كورونا، مؤكدا خطورة تداعيات هذا التراجع على الاقتصاد المصري إذا لم تتم معالجته، خاصة أن الأسباب التي أدت إلى حدوثه لا تزال قائمة ومستمرة وتتعلق بتداعيات تفشي وباء كورونا، وقال عبدالسلام، عبر فيسبوك: "إن من أسباب هذا التراجع تهاوي أسعار النفط، وهو ما قد يغل يد دول الخليج عن تقديم مساعدات وقروض جديدة لمصر في الفترة المقبلة، كما يؤثر التهاوي سلبًا بحجم تحويلات المصريين العاملين في منطقة الخليج، وهي تحويلات تقدَّر بعدة مليارات من الدولارات سنويًّا، وكذا بالاستثمارات الخليجية في مصر، سواء المباشرة في المشروعات أو غير المباشرة في البورصة".
وأشار عبدالسلام إلى أن "أبرز أسباب تراجع احتياطي مصر الأجنبي هروب الأموال الأجنبية الساخنة من البلاد عقب تفشي كورونا وزيادة المخاطر الاقتصادية، وانسحبت هذه الأموال من الأسواق الناشئة الأخرى هربًا من المخاطر أو لتغطية خسائر في الخارج"، بالإضافة إلى تراجع إيرادات مصر من النقد الأجنبي من قطاعات حيوية مثل السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحويلات المغتربين وقناة السويس والبترول والغاز بسبب تفشي كورونا حول العالم، وما سببته من تداعيات كارثية على قطاعات السفر والطيران والسياحة وحركة التجارة وفرص العمل ونقص السلع وزيادة الأسعار وضعف الطلب على النفط والغاز.
وأضاف عبد السلام: "في حال استمرار هذا الوباء، فإن الاحتياطي المصري مرشح لمزيد من التراجع، خاصة مع الالتزامات المستحقة على الدولة من أعباء الديون الخارجية وتمويل فاتورة الواردات، وخاصة من الأغذية والأدوية والوقود"، مشيرا إلى أن هذه الالتزامات لن تقابلها زيادة في موارد البلاد الذاتية من النقد الأجنبي، وبالتالي يظل احتمال تراجع الاحتياطي الأجنبي قائما، إلا إذا بادرت الحكومة بالحصول على قروض جديدة من صندوق النقد الدولي أو من دول الخليج أو عبر طرح سندات دولية لتغذية الاحتياطي، كما جرت العادة في السنوات الأخيرة، وهو حلّ غير عملي، سبق أن حذرت منه طوال السنوات الماضية.
أزمات متلاحقة

ويأتي طلب القرض في وقت توقف فيه دعم الكفيل الإماراتي والسعودي لنظام الانقلاب في مصر، بالتزامن مع معاناة الجميع من تبعات فيروس كورونا، وكتب الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام: "في بداية أزمة كورونا تم تقدير خسائر الاقتصاد العالمي ببضعة مليارات من الدولارات، ثم تم رفع الرقم فجأة إلى 170 مليار دولار مع انتشار الوباء في الصين، ثم إلى تريليون دولار ثم 5 تريليونات، والآن بتنا نتكلم عن خسائر تقدر بنحو 9 تريليونات دولار، ولا يزال القوس مفتوحا لإضافة المزيد من الخسائر المالية، إضافة إلى الخسائر البشرية، وهي الأخطر، وكذا خسائر العمال، فهناك 1.25 مليار عامل يواجهون مخاطر عالية، منها التسريح وخفض الرواتب، إضافة إلى 3.3 مليارات عامل تأثروا بالفعل نتيجة إغلاق أماكن عملهم بسبب قرارات الدول إغلاق الاقتصاد والمصانع لتفادي انتشار كورونا".
وأضاف عبدالسلام: "عربيا، انضم 8 ملايين مواطن إلى شريحة الفقراء، بسبب تداعيات كورونا الخطيرة على الاقتصاد والدخول، ليرتفع العدد إلى 101.4 مليون فقير، إضافة إلى 52 مليونا يعانون أصلاً من نقص في التغذية، وملايين أخرى ينتمون للفقر المدقع الذين يواجهون صعوبة في تناول وجبة يوميا وليس ثلاث وجبات كما يفعل من حولهم. وهناك 5 ملايين عامل عربي تضرروا بشكل مباشر من أزمة وباء كورونا".