بسبب عسكرة الاقتصاد.. هروب 21 مليار دولار من “الاستثمارات الأجنبية” خلال شهرين

- ‎فيتقارير

كشف الصحفي الاقتصادي، مصطفى عبد السلام، عن سحب المستثمرين الأجانب حوالي 21.6 مليار دولار من مصر خلال شهري مارس وإبريل، في أكبر موجة خروج للاستثمارات والأموال الساخنة منذ أكثر من ست سنوات، بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا.

وأشار إلى أن الأموال الساخنة التي تدخل الدولة بحثا عن أرباح عالية وسريعة، سرعان ما تهرب تاركة خلفها أزمات في سوق الصرف والموازنة العامة والاحتياطي.

تهاوي سعر الجنيه

وتسبَّب هذا في استمرار تراجع سعر الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، حيث ارتفع سعر الدولار وسجل  15.89 جنيه للشراء، 15.99 جنيه للبيع، مقابل سعره أمس 15.82 جنيه للشراء و15.92 جنيه للبيع، وارتفع سعر صرف اليورو أمام الجنيه المصري وبلغ 17.66 جنيه للشراء، 17.86 جنيه للبيع، مقابل سعره أمس 17.55 جنيه للشراء، 17.75 جنيه للبيع.

وارتفع سعر صرف الجنيه الإسترلينى أمام الجنيه المصري، وبلغ سعره 19.82 جنيه للشراء، 20.07 جنبه للبيع، مقابل سعره أمس 19.49 جنيه للشراء، 19.76 جنبه للبيع، وارتفع سعر صرف الريال السعودى أمام الجنيه المصرى اليوم، وسجل سعر الريال 4.14 جنيه للشراء، و4.26 جنيه للبيع، مقابل سعره أمس 4.13 جنيه للشراء، و4.23 جنيه للبيع، وارتفع سعر صرف الدينار الكويتى أمام الجنيه، وسجل سعره 50.18 جنيه للشراء، و51.89 جنيه للبيع، مقابل سعره أمس 50.04 جنيه للشراء، و51.66 جنيه للبيع.

وكانت بيانات المصرف المركزي المصري قد أشارت إلى بلوغ قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي خرجت من مصر خلال العام 2019 نحو 8.5 مليار دولار، وهو أعلى معدل لخروج تلك الاستثمارات المباشرة، أي التي ترتكز على المشروعات الإنتاجية والخدمية منذ العام 2012، وبالمقارنة بقيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخارجة عام 2018 والبالغة 6.5 مليار دولار، فقد زادت بالعام الماضي بنحو 2.1 مليار دولار بنسبة نمو 32%.

هروب الاستثمارات الأجنبية

وبلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية الخارجة خلال الربع الأول من العام الماضي 2.1 مليار دولار، وفي الربع الثاني 2.2 مليار دولار، وفي الربع الثالث 1.9 مليار دولار، لكنها مع الربع الأخير من العام الذي أعقب مظاهرات العشرين من سبتمبر زادت إلى 2.3 مليار دولار.

وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، نقيب الصحفيين الأسبق، إنه من “المعروف أن من بين متطلبات مؤشر جاذبية الاستثمار بدول العالم، مؤشر البيئة المؤسسية والذي يتعلق بالاستقرار السياسي وغياب العنف، ومدى المشاركة والمحاسبة وسيادة القانون ومدى السيطرة على الفساد، وهي أمور أصبحت محل انتقاد من قبل جهات دولية خلال السنوات الأخيرة، ولعل آخرها التعديلات على قانون الطوارئ بالشهر الحالي، والتي نصت على تولي قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وأعطت للضباط ولضباط الصف اختصاصات مأموري الضبط القضائي، كما أعطت النيابة العسكرية اختصاص التحقيق في الوقائع التي يتم ضبطها بمعرفة القوات المسلحة”.

وأوضح الولي أن “الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في مصر، أي المتعلقة بشراء الأجانب للأسهم والسندات وأذون الخزانة المصرية، فقد حققت خلال العام الماضي تدفقا موجبا بنحو 10 مليارات دولار بسبب مبيعات الحكومة المصرية سندات بالأسواق الخارجية بحوالي 7 مليارات دولار، بخلاف مشتريات الأجانب لأذون الخزانة المصرية، لكن الصورة انعكست خلال الربع الأول من العام الحالي، حيث صرح وزير المالية بخروج حوالي 14 مليار دولار خلال شهر مارس  الماضي، من أدوات الدين المصري منها 10 مليارات دولار، في ضوء خروج المستثمرين الأجانب من الأسواق الناشئة عقب تداعيات انتشار فيروس كورونا على اقتصادات العالم والتراجع الشديد للبورصات”.

وأشار الولي إلى تصريح محافظ المصرف المركزي بخروج استثمارات للأجانب خلال الشهر نفسه بنحو نصف المليار دولار، وقبل أيام صرح وكيل المصرف المركزي ببلوغ قيمة أموال الأجانب الخارجة خلال شهري مارس وأبريل 17 مليار دولار، الأمر الذي أدى إلى تراجع قيمة الاحتياطي من العملات الأجنبية خلال شهري مارس وأبريل، وتحول صافي الأصول من العملات الأجنبية بالبنوك إلى سالب في شهر أبريل الماضي، لافتا إلى أنه إذا كانت دول الاتحاد الأوروبي تمثل حوالي ثلثي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواصلة لمصر، فإن الآثار الحادة للفيروس عليها ستؤدى لتراجع قيمة استثماراتها المباشرة بمصر خلال العام الحالي، وهو الأثر نفسه للدول العربية الخليجية التي تقدم عادة حوالي خُمس الاستثمارات الأجنبية الواصلة لمصر، في ضوء تراجع أسعار البترول وحالة الانكماش التي ستصيب اقتصاداتها بالعام الحالي.

فشل العسكر

وأضاف الولي أن الأثر يمتد للولايات المتحدة التي تقدم عادة حوالي 8% من الاستثمارات المباشرة الواردة لمصر، وهكذا يصل نصيب باقي دول العالم خارج الاتحاد الأوروبي والعرب والولايات المتحدة 9% فقط من الاستثمارات المباشرة الواردة لمصر، مشيرا إلى أن المخاطر تزداد على الاقتصاد المصري نتيجة تراجع كلا النوعين من الاستثمارات الأجنبية سواء المباشرة منها، أو غير المباشرة المتعلقة بمبيعات أذون الخزانة والسندات والأسهم؛ نظرا لوجود نقص آخر موازٍ في موارد العملات الأجنبية، نتيجة توقف السياحة ونقص تحويلات العمالة المصرية سواء العاملة في دول الخليج العربي أو في غيرها، وتأثر قيمة الصادرات نتيجة تراجع الطلب في الأسواق الخارجية، وتأثير تراجع التجارة الدولية على إيرادات قناة السويس.

وأكد الولي أن زيادة خروج تلك الأموال سينعكس حتمًا على زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، مهما حاول المصرف المركزي تثبيت السعر، خاصة وأن التدفقات الخليجية المؤقتة التي كانت تساعد على إعلان رقم متماسك للاحتياطي من العملات الأجنبية أواخر الشهور لم تعد متاحة بالقدر نفسه مع تراجع سعر النفط بشكل كبير، وسحب تلك الدول من احتياطياتها بشكل كبير واقتراضها من خلال إصدار سندات دولية، في الوقت الذي تتزايد فيه تكلفة الدين الخارجي والتي بلغت العام الماضي أكثر من 13 مليار دولار بنمو 9 % عن تكلفة الدين الخارجي في العام 2018، وتوزعت تكلفة الدين الخارجي في العام الماضي ما بين 9.3 مليار دولار للأقساط و3.8 مليار دولار للفوائد.

وبالنسبة للاقتراض الخارجي، فقد أشار الولي إلى بلوغه حوالى 113 مليار دولار بنهاية العام الماضي، واستمر على نحو تمثل في اقتراض 2.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي مؤخرا، والسعي لاقتراض 5 مليارات أخرى من الصندوق، إلى جانب السعي لاقتراض 4 مليارات دولار من مؤسسات دولية وإقليمية أخرى لسد الفجوة الدولارية، وهو ما سيتسبب في ازدياد نصيب تكلفة الدين من مدفوعات النقد الأجنبي.