كورونا مجرد غطاء.. طرد العمالة المصرية من الخليج “فتّش عن أشولة الرز”

- ‎فيتقارير

تواجه العمالة المصرية والأجنبية في الخليج أزمة غير مسبوقة، حيث أصبحت تعيش في جحيم لا يطاق بسبب تفشي فيروس كورونا من ناحية، وصدور قرارات من حكومات دول الخليج بتسريح الملايين من العمال، خاصة المصريين والهنود، عقب تدهور أسعار البترول بجانب احتجاز آلاف العمال في مخيمات تمهيدًا لترحيلهم، وبسبب تعليق حركة الطيران يهدد الزحام والتكدس حياة هؤلاء العمال بسبب فيروس كورونا.

فى المقابل لا يهتم نظام الانقلاب الدموي بهذه العمالة ولا يطالب بحقوقها، ويخضع لإملاءات أنظمة الخليج طمعًا في الحصول على المزيد من “أشولة الرز”.

يشار إلى أن هناك نحو 35 مليون عامل أجنبي يشكلون العمود الفقري لاقتصاد الخليج، فى حين يصل عدد العمال المصريين إلى 6 ملايين عامل وفق إحصاءات رسمية، يتركزون فى السعودية والإمارات والكويت، وبلغت تحويلات المصريين في الخارج 26.4 مليار دولار في العام 2019، بما يعادل 9% تقريبًا من إجمالي الناتج القومي.

ومع امتداد أزمة “كورونا” زمنيا تتفاقم أوضاع العمالة الوافدة، خاصة الهامشية منها، لا سيما مع وجود رغبة سياسية لدى حكومات الخليج للتخلص من العمالة الزائدة، وترحيل جنسيات بعينها بدعوى تسببها في تفشي الفيروس.

كذلك توفر تلك الإجراءات فرصة لدول الخليج؛ للحد من ارتفاع معدلات البطالة لديها، وتوفير فرص عمل لمواطنيها مستقبلا، ومعالجة الاختلالات في تركيبتها السكانية؛ ما يعني أن “كورونا” سيكون غطاءً لجني مكاسب أخرى داخلية.

خريطة العاملين

يشار إلى أن المملكة العربية السعودية تحتضن وحدها نحو 3 ملايين عامل مصري، في تخصصات مختلفة، أبرزها الطب والهندسة والصيدلة والتدريس والمقاولات ومهن حرفية متعددة، بينما تأتي الإمارات فى المركز الثاني ويعمل بها 765 ألف مصري، وتحتل الكويت المركز الثالث بنحو 643 ألف عامل مصري، ثم سلطنة عمان 560 ألفًا، وقطر 230 ألفا، والبحرين 210 آلاف مصري، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

من جانبه توقع معهد التخطيط القومي، عودة أكثر من مليون مصري من الخارج، خاصة من دول الخليج، بعد فقدان وظائفهم.

وأكد المعهد فى دراسة حديثة، أن هناك توقعات متشائمة بفقدان حوالي 1.2 إلى 2.9 مليون مصري في الداخل وظائفهم، جراء سياسات الإغلاق وحظر التجول ووقف أنشطة ترفيهية وتقليص عدد ساعات العمل، بسبب تفشي “كورونا”.

وأشار إلى أن ذلك سيرفع معدل البطالة خلال 2020 إلى 16% مقارنة بمعدل بلغ 8% في نهاية 2019.

مخيمات العمال

وحذرت منظمة العفو الدولية “أمنستي” من أن العمال المحتجزين في مخيمات معرضون للخطر، مشيرة إلى أن الزحام يجعل من التباعد الاجتماعي أمرا مستحيلا، وهو ما يهدد بتفشي فيروس كورونا بينهم.

وطالبت الحكومات والشركات الخليجية بالتحرك لحماية العمال الأجانب في مواجهة فيروس “كورونا”، منتقدة عدم تقديم الحماية الكافية للعمال الأجانب في الخليج، رغم اعتماد الحكومات والشركات الخليجية بشكل كبير عليهم.

وقالت المنظمة، إن العمالة في الخليج أكثر عرضة للإصابة بـ”كورونا” بسبب أماكن السكن المكتظة، والتأخير في دفع الرواتب، وخسارة الوظائف، إضافة إلى مشاكل الرعاية الصحية، والإجازات المرضية.

وشددت على خطورة نقص المعلومات عند العاملين الأجانب فيما يخص “كورونا” وأسباب انتشاره وطرق الوقاية منه، ووصفتهم بـ”العالقين”، وقالت إنهم لا يتلقون إلا القليل من الدعم.

وطالبت المنظمة بضرورة تحرك الحكومات والشركات الخليجية لتحسين حقوق العمالة الأجنبية، ووضع حد لأنظمة كرست سوء المعاملة والاستغلال.

وقالت: رغم أن معظمهم يأتون إلى دول الخليج بشكل قانوني، فإن الكثير منهم ينتهي بهم الأمر بالعمل بشكل غير قانوني، ويكسبون عيشهم من وظائف مختلفة، ويدفعون رسوما شهرية أو سنوية إلى “الكفيل”.

هيومن رايتس

كما حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من أن المساكن المكتظة ونقص الوصول إلى مياه نظيفة في بعض الأماكن قد يعرض حياة العمال للخطر.

وقالت هبة زيادين، باحثة في “هيومن رايتس ووتش”: إن “العمال الأجانب في الخليج يواجهون موقفًا سيئًا، مشيرة إلى أن نظام إدارة العمل يمنح أصحاب العمل سلطات واسعة على العمال المهاجرين، ويؤدي إلى إساءة معاملتهم واستغلالهم.

وطالبت زيادين، فى تصريحات صحفية، دول الخليج بضرورة فرض إجراءات للحد من انتشار فيروس كورونا في مساكن ومخيمات العمال وأماكن احتجازهم، موضحة أن طول فترة احتجاز العمال وعدم ترحيلهم الى بلادهم بسبب تعليق حركة الطيران يمثل أكبر تهديدا على حياتهم.

وقال الدكتور شريف سامية، أستاذ التخطيط والإدارة في جامعة عين شمس، إن الركود الاقتصادي في دول الخليج سيدفع إلى تسريح العمالة الأجنبية الأعلى أجرًا، ومنها بالطبع العمالة المصرية، والإبقاء على العمالة الأرخص كالهندية والبنجالية.

السعودية

تعمل السلطات السعودية فى إطار إجراءات مكافحة “كورونا”، وإلزام جمیع الشركات والمؤسسات بتطبیق الحجر المنزلي لمدة 14 یومًا للعمالة الوافدة من خارج المملكة على ترحيل الكثير من العمالة الموجودة على أراضيها.

وقالت الوكالة المعنية بالهجرة في الأمم المتحدة، إن السعودية أقدمت على ترحيل الآلاف من العمالة، مشيرة إلى أنها تعمل على التخلص من نحو نصف مليون إثيوبي بجانب عشرات الآلاف من المصريين.

الكويت

ويتعرض العمال الوافدون في الكويت لحملة تحريض وكراهية، ومطالبات بالترحيل، بعد اتهامات بأنهم تحولوا إلى بؤرة لتفشي فيروس كورونا.

وتفرض الحكومة الكويتية حظرًا كاملًا على منطقتي “جليب الشيوخ” و”المهبولة”، بعد تزايد أعداد الإصابات بـ”كورونا” بين العمال فيهما، خاصة من الجاليات الآسيوية.

وطالبت السلطات الكويتية الحكومات في مصر والهند بوضع آلية لإجلاء المخالفين من رعاياهما؛ نظرا للعدد الكبير للجاليتين في البلاد، وكثرة عدد المصابين منهم بـ”كورونا”.

وتسعى الكويت لاستغلال أزمة “كورونا” في التخلص من العمالة الوافدة الزائدة، وتقليص عدد الوافدين من 3.3 ملايين، إلى مليون ونصف المليون فقط، بما يعالج اختلالات التركيبة السكانية في البلاد (30% من المواطنين و70% من الوافدين).

الإمارات

وبشكل أكثر صراحة، أعلنت الإمارات رسميًا أنها ستراجع سياستها بشأن العمالة مع الدول التي ترفض قبول عودة مواطنيها، بما في ذلك من فقدوا وظائفهم أو اضطروا إلى أخذ إجازات نتيجة تفشي “كورونا”.

وتدرس أبو ظبي إيقاف العمل بمذكرات التفاهم المبرمة بين وزارة الموارد البشرية والتوطين والجهات المعنية في الدول غير المتجاوبة.

وتخطط حكومة الإمارات لوضع قيود مستقبلية صارمة على استقدام العمالة من الدول الرافضة لإجلاء رعاياها، وكذلك تطبيق نظام الحصص في عمليات الاستقدام.

ومنذ 3 أبريل الماضي، بلغ عدد الباكستانيين الذين سجلوا رغباتهم للعوة إلى الديار، أكثر من 20 ألف باكستاني، بعد أن انتهت إقامتهم، أو فقدوا وظائفهم.

ويبدو الوضع أكثر قتامة بالنسبة للعمالة الهندية، حيث تعتبر الجالية الهندية من أكبر الجاليات في الإمارات (نحو 2.8 مليون عامل هندي). وتقول نيودلهي إنها لا يمكنها إعادة أعداد كبيرة من رعاياها في وقت تحاول فيه كسر دائرة العدوى في البلاد، وتأتى العمالة المصرية بعد الهندية حيث تواجه هي الأخرى الطرد والتسريح.

البحرين

وفي المنامة، ومع تزايد حالات الإصابة بـ”كورونا” في أوساط العمالة الوافدة، تدرس الحكومة البحرينية مقترحا نيابيا يقضي بمنح العمالة السائبة مهلة لتصحيح أوضاعهم غير القانونية ومغادرة البلاد؛ لمنع انتشار فيروس “كورونا”.

ويعيش هؤلاء العمال في غرف صغيرة متهالكة، ومشيّدة من الألواح الخشبية؛ حيث يتكدس كل 9 أو 10 أفراد في غرفة واحدة، وتقدر بيانات رسمية عددهم بنحو 80 ألفا.

وخلال الأيام الماضية، كثفت السلطات المحلية من الحملات الاستباقية لفحص العمالة الوافدة في مساكنهم بعدد من مناطق المملكة.

وألزم تعميم إداري أصدره وزير العمل البحريني “جميل بن محمد علي حميدان” أصحاب العمل في القطاع الخاص بتوفير كمامات الوجه الوقائية، وإلزام جميع العمال باستخدامها في مواقع العمل.

وجرى إلزام الشركات والمؤسسات بتقليل عدد العمال في مواقع العمل، وعلى الأخص في غرف الاستراحة المخصصة للعمال، وغرف الانتظار، وغرف تبديل الملابس للعمال، إضافة إلى المركبات الخاصة بنقل العمال داخل المنشأة.

قطر

تعد المنطقة الصناعية القديمة في قطر، التي تضم تجمعات كبيرة للوافدين، نقطة انتشار للفيروس في البلاد.

ومنذ 17 مارس الماضي، فرضت السلطات القطرية إغلاقا لعدة كيلومترات من المنطقة الصناعية، التي تضم أيضا مخيمات عمالية ووحدات إسكان أخرى.

وتعتمد قطر، على نحو مليوني عامل أجنبي في الجزء الأكبر من قوتها العاملة، معظمهم من دول آسيوية مثل نيبال والهند والفلبين، وبعضهم من الدول العربية مثل مصر.

وقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الدوحة، إنها طلبت من السلطات القطرية التواصل مع السلطات المصرية بهدف نقل الرعايا المصريين العالقين في قطر.

عمان

تواجه وزارة الصحة العمانية تحديا مع بسبب انتشار الوباء بين العمالة الوافدة.

وإضافة إلى إغلاق العاصمة مسقط لمدة 12 يوما، وإعفاء الموظفين من الحضور إلى مقار العمل في الجهات الحكومية، تلزم السلطات العمانية مؤسسات ومنشآت القطاع الخاص بتقليل عدد العاملين إلى الحد الأدنى اللازم.

وتقضي الإجراءات العمانية إلى وقف التجمعات العمالية بأي شكل من الأشكال، واتخاذ الإجراءات القانونية بشأن من يثبت مخالفته لذلك.