“بايدن” يفتح الملف الحقوقى للانقلاب.. هل تهز الانتخابات الأمريكية عرش السفاح؟

- ‎فيتقارير

مع انطلاق صافرة سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية بين الرئيس الحالى الجمهورى دونالد ترامب ومرشح الحزب الديمقراطى جو بايدن تسود حالة من الخوف والرعب فى دهاليز نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبد الفتاح السيسي تحسبا لخسارة ترامب الداعم لانقلاب العسكر وفوز بايدن، الذى وجّه فى أكثر من مناسبة انتقادات لـ"السيسي" وانتهاكاته الإجرامية لحقوق الإنسان وأكد أنه "لا مزيد من الشيكات الفارغة لديكتاتور ترامب المفضل".
فى المقابل اعتبر ترامب السيسي "ديكتاتورا مفضلا وقائدا عظيما قضى على الفوضى"، لكنه رغم ذلك وصف السيسي بالقاتل السخيف، واستخدم في حقه كلاما نابيا حسبما نقل كتاب "الخوف" للصحفي الأميركي الشهير بوب وودورد.

لماذا يخاف السيسي من الانتخابات الأمريكية؟ ولماذا يعلق كل آماله على ترامب؟ وهل عصابة العسكر لا تدعم بايدن بملايين الدولارت كما دعمت ترامب بـ 600 مليون دولار فى انتخابات الرئاسة الأمريكية السابقة عام 2016؟

حقوق الإنسان
المرشح الديمقراطي جو بايدن كان قد أطلق تحذيرا شديد اللهجة لنظام الانقلاب، مؤكدا أن انتهاكاته المتكررة لحقوق الإنسان لن تقابلها إدارته بالتجاهل والصمت كما تفعل إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب.
وغرد بايدن -الذي تمنحه استطلاعات الرأي تقدما كبيرا على الرئيس ترامب- بالقول: "أخيرا عاد محمد عماشة إلى وطنه بعد 486 يوما في سجون العسكر لحمله علامة احتجاج. إن اعتقال وتعذيب ونفي النشطاء مثل سارة حجازي ومحمد سلطان أو تهديد عائلاتهم وهو أمر غير مقبول… لا مزيد من الشيكات على بياض للدكتاتور المفضل لترامب".

جاءت تغريدة بايدن الحادة في لغتها وطبيعتها، بمناسبة عودة المواطن الأمريكي ذي الأصول المصرية محمد عماشة إلى مطار دالاس بولاية فيرجينا، بعد اعتقاله أكثر من عام في سجون السيسي، بسبب حمل لافتة في ميدان التحرير مكتوبا عليها "الحرية لجميع السجناء.

كما انتفض بايدن عقب وفاة مصطفى قاسم، مواطن أمريكي من أصل مصري أثناء سجنه فى معتقلات العسكر. وكتب تدوينة عبر موقع "تويتر": أتضامن مع أسرة مصطفى قاسم، وأصلي لها في هذا الوقت العصيب. الأميركيون المحتجزون ظلما في أي مكان في العالم يستحقون دعم حكومتنا الكامل، وبذل الجهود الدئوبة لضمان إطلاق سراحهم.
وبهذه التغريدة كشف بايدن مبكرا عن تطابق مواقفه مع مواقف الحزب الديمقراطي التقليدية، خاصة تلك التي اتبعتها إدارة الرئيس باراك أوباما بين عامي 2008 و2016.

قانون ماجنتسكي
وتأييدا لحملة بايدن ضد انتهاكات العسكر لحقوق الإنسان دعت صحيفة واشنطن بوست الكونجرس إلى تطبيق قانون ماجنتسكي على نظام السيسي الانقلابى احتجاجا على اعتقال وتعذيب المواطن الأميركي المصري الأصل مصطفى قاسم الذي توفي في سجن طرة.
وقالت الصحيفة إن الكونجرس أقر قانون ماجنتسكي لتوقعه حدوث انتهاكات مثل تلك التي حدثت في روسيا حيث اعتقلت حكومة الرئيس فلاديمير بوتين المحامي الروسي ماجنتسكي وأساءت معاملته إلى أن توفي في السجن، وعاقب الكونجرس جميع المسئولين الروس المشاركين في انتهاك حقوق ذلك المحامي.

وأوضحت أن قاسم (54 عاما) اعتقل قبل ست سنوات وتعرض للضرب الشديد والحبس في سجن طرة سيئ السمعة بعد أن اعترضته الشرطة وأخاه غير الشقيق عند خروجهما من أحد المتاجر بالقاهرة واعتقلت قاسم عندما أبرز لها جواز سفره الأمريكي وأفرجت عن أخيه.
وأضافت واشنطن بوست أن قاسم الذي يعاني من أمراض السكر والقلب حُكم عليه في سبتمبر 2018 بالسجن 15 سنة في محاكمة جماعية شملت 738 شخصا دون تقديم أي دليل ضده، ودخل في إضراب مفتوح عن الطعام استمر 15 شهرا وتوفي على اثره.

أكثر أمانا
من جانبها قالت أيمي أوستن هولمز باحثة في معهد ويلسون بواشنطن وأستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأميركية بالقاهرة، إنه إذا كان الرئيس الأمريكي القادم يدافع بالفعل عن حقوق الإنسان ويقف في وجه الطغاة، فسنكُون جميعا أكثر أمانا، وليس فقط أولئك الذين يقبعون في السجن ولم يفعلوا شيئا سوى ممارسة حقهم في حرية التعبير.

وشددت أيمي فى تصريحات صحفية على ضرورة مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان سواء فى مصر أو غيرها من جانب الادارات الامريكية ايا كانت جمهورية أو ديمقراطية.

الشارع المصري
وأكد الدكتور حسام الشاذلي، أستاذ إدارة التغيير والتخطيط الإستراتيجي بجامعة كامبريدج البريطانية، أن استمرار ترامب في البيت الأبيض هو الأفضل للسيسي، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لم ترَ في تاريخها القريب أي رئيس يغمض الجفن عن القتل والاعتقال والاختطاف والتهاون في كل حقوق الإنسان كما فعل ترامب مع السيسي.

وقال الشاذلي فى تصريحات صحفية أن الولايات المتحدة لم تعرف رئيسا داعما لسياسات الكيان الصهيوني في المنطقة – بما فيها قرار نقل السفارة للقدس – كما فعل ترامب، ولا في دعمه لقرارات التطبيع كذلك، ولا رئيسا يصف السيسي بديكتاتوره المفضل.
وأشار الى أن بايدن هو الأقل تفضيلا لدى السسي، خصوصا أن بايدن وضع في ملامح سياساته الخارجية أمورا تخص مصر مثل ملف الحريات والإفراج عن المتعقلين والحريات وغيرها.

وأضاف الشاذلي: لكن لا يجب أن يخفي علينا أن السيسي أظهر دائما أنه على استعداد لتقديم كل فروض الطاعة اقتصاديا وسياسيا حتى يحافظ على كرسيه، وهذا ما سيفعله إذا ما فاز بايدن وأوضح أن فوز بايدن قد يصنع مشاكل للسيسي لكن رد فعل المصريين والشارع المصري هو من سيقرر إن كان للإدارة الأمريكية الجديدة دور فاعل في الضغط على نظام الانقلاب من عدمه، وطالب بعدم التمادي في التوقعات نحو بايدن وقراءة رسائله للمسلمين وكذلك هجومه على الرئيس التركي أردوغان، فضلا عن كونه من أكثر السياسين الداعمين للوبيات المساندة للكيان الصهيوني.

ثورة 25 يناير
وأكد محمد حامد باحث في العلاقات الدولية، أن السيسي يرى في بايدن إعادة لانتخاب باراك أوباما من جديد، مشيرا إلى أن فوز ترامب يفترة جديدة يمثل قوة له ولمصالحه مع الولايات المتحدة.
وكشف حامد فى تصريحات صحفية أن نظام العسكر لم يعد يرى علاقته مع واشنطن مرتبطة باتفاق السلام مع الكيان الصهيوني وضبط إيقاعه، أو كونه حجر زاوية ونقطة استراتيجية في خط الأمن القومي الأمريكي، بسبب علاقاته مع تل أبيب وحسب، بل تغيرت نظرية العلاقات المشتركة بسبب ثورة 25 يناير 2011.

وأوضح أن العلاقات المصرية الأمريكية أصبحت ترتبط بالتعاقد مع شركات العلاقات العامة وشركات اللوبي والضغط، لتلميع صورة السيسي التي وجدت في هذه الاستراتيجية نجاحا، وذلك عقب خسارتها الاستراتيجية كدولة في غياب وجود يد طولى وقوية في واشنطن، ما أدى إلى الإطاحة بنظام المخلوع حسني مبارك عام 2011.
واعتبر حامد أن شركات اللوبي والضغط التي يتسلح بها مظام السيسي هي التي سترسم علاقات السيسي مع واشنطن خلال الحقب المقبلة، حتى لو أتت إدارة أمريكية ليست على هوى نظام الانقلاب.