بعد بيان السعودية المشبوه.. الإمارات تضغط مجددا على الأزهر لإصدار بيان مناهض للإخوان

- ‎فيتقارير

كشفت تقارير إعلامية عن ضغوط إماراتية مؤخرا على شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، من أجل إصدار بيان مناهض لجماعة الإخوان المسلمين، كبرى الحركات الإسلامية في مصر والعالم، وطلب من شيخ الأزهر بصفته رئيسا لمجلس حكماء المسلمين، وهو المجلس الذي دشنته أبو ظبي منذ عدة سنوات ليكون ندا للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي كان يرأسه وقتها العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، ويرأسه حاليا العلامة المغربي الدكتور  أحمد الريسوني.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "العربي الجديد" اللندنية، فإن الضغوط الإماراتية على الأزهر وشيخه استهدفت وصم الإخوان بالعنف والإرهاب أو على أقل تقدير تأييد البيان الذي أصدرته ما تسمى بهيئة كبار العلماء السعودية مؤخرا والذي يصم الإخوان بالإرهاب. وكشف أن أبو ظبي تسعى لتوظيف المكانة التي يتمتع بها الأزهر في الدوائر الغربية من أجل تشويه صورة الإخوان، وكشف التقرير نقلا عن مصادر مطلعة أن الطيب تلقى اتصالات على مستويات رفيعة في دولة الإمارات، إلا أنه نجح حتى الآن في إقناعهم بموقفه، مؤكدا أنه رفض في وقت سابق إصدار فتوى عامة لتكفير تنظيم "داعش". وهي الفتوى التي عرّضته لهجوم عنيف من إعلام نظام السيسي، لكن بعد ذلك ثبتت صحة موقفه، نظرا لخطورة إطلاق فتاوى التكفير في المطلق.
رفض شيخ الأزهر

وبحسب التقرير فإن الطيب رفض الزج باسمه، أو اسم الأزهر في معركة سياسية بالأساس، الدين منها براء". وأوضحت مصادر مطلعة بمشيخة الأزهر أن "الطيب" سعى لإقناع الأطراف التي تحدثت معه في هذا الخصوص، بأن الزج بالأزهر في مثل هذه الصراعات، يضعف موقفه، في الوقت الذي تكون الحاجة إليه ملحّة. وشدّد على أن الأزهر رفض في أوقات سابقة أي توظيف سياسي لمواقفه، مشيرا إلى موقفه إبان فض اعتصامي رابعة والنهضة ورفضه العنف وإراقة الدماء. كما لفت إلى وساطته، حينئذ، لإنهاء الأزمة.
وبعد فشل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في إقناع الطيب، لم يجد مفرا من دفع مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي للخروج بموقف رسمي، أكد فيه تأييده الكامل لبيان ما تسمى بهيئة كبار العلماء في السعودية، الذي اعتبرت فيه جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا.
وبحسب التقرير فإن هناك حالة من القلق في أوساط الأزهر من حملة جديد يتعرض له شيخ الأزهر وهيئة كبار علمائه؛ وسط مخاوف من تخلي  أبو ظبي عن دعم شيخ الأزهر وهي التي ساندته في مواقف سابقة ضد نظام السيسي وكان آخرها تلك المتعلقة بنصوص الأزهر في التعديلات الدستورية الأخيرة، والتي استُبعد منها في اللحظات الأخيرة نصّ يتيح للسيسي إبعاد شيخ الأزهر من منصبه، بعد تدخل مباشر من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في ذلك الحين. كما تتهم أجهزة السيسي الأمنية بعض أعضاء هيئة كبار العلماء والمقربين من الطيب بأنهم ينتمون إلى الإخوان وأبرزهم الدكتور حسن الشافعي ووكيل المشيخة السابق الشيخ عباس شومان، لكن الطيب دائما ما ينفي هذه التقارير الأمنية.
وفي النصف الأول من نوفمبر 2020، أصدرت هيئة كبار العلماء السعودية بيانا زعمت فيه أن جماعة الإخوان المسلمين "تنظيم إرهابي وتعمل لحساب أجندة حزبية"؛ وكان من اللافت أن البيان صيغ بعبارات سياسية تفتقد إلى الصيغة الفقهية الشرعية، وعبَّر عن توجهات ومضامين "سياسية" تتطابق مع تصورات نظام عسكر مصر دون أن يبرهن على الاتهامات الجزافية التي ساقها ضد جماعة الإخوان المسلمين؛ وبالتالي فالبيان تكرار لنفس التوجهات والمضامين والتوصيفات المعلبة التي وردت في بيان وزارة الداخلية السعودية في مارس 2014م، والذي صنف جماعة الإخوان على أنها تنظيم "إرهابي"؛ في سياق دعم نظام آل سعود للانقلاب العسكري في مصر والعصف بكل ما له صلة بالديمقراطية وإرادة الشعب الحرة. كما يمثل بيان الهيئة تماثلا مع توجهات ولي العهد الذي وصف في مارس 2018 جماعة الإخوان بأنها "حاضنة للإرهابيين" كما هاجم الجماعة في مقابلة تلفزيونية في محطة "سي بي الأمريكية، متعهدا بـ"اجتثاث عناصر الإخوان المسلمين" من المدارس السعودية في وقت وجيز.

توظيف سياسي للمؤسسة الدينية

وبحسب علماء في علوم الفقه والشريعة، فإن بيان ما تسمى بهيئة كبار العلماء يمثل برهانا ساطعا على حجم التوظيف السياسي للمؤسسة الدينية والإسلام ذاته من أجل إضفاء مسحة شرعية دينية على مواقف سياسية هي محل خلاف كبير، وبذلك يجري "تديين السياسة" وصبغها بقداسة مزيفة عبر فتاوى وبيانات تنحاز للسلطة وتدور معها  ومع مواقفها حيث دارت بعيدا عن الموقف الشرعي الصحيح. كما يمثل برهانا على أن "المؤسسة الدينية" الرسمية في السعودية تحولت بدورها إلى ظهير سياسي وأدوات في يد سلطة الانقلاب تتلاعب بها كيف تشاء في سبيل تكريس سلطتها الباطشة وحكمها الاستبدادي بهدف إضفاء صبغة شرعية على نظام يمارس الظلم والطغيان في أوسع صوره، وبالتالي أمست المؤسسة الدينية أكثر من مجرد أدوات دعم للنظام؛ بل أضحت جزءا من الطغيان نفسه، وشكلا سافرا من أشكال التطرف الديني". وبالتالي فإن ما تحتاجه المجتمعات العربية والإسلامية عمليا ليس تحرير السياسة من الدين، لأن العلاقة بينهما ستبقى قائمة كما في أعرق الديمقراطيات في العالم كالمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرها،  وإنما تحرير الدين من قبضة السياسة، لأنها هي من تستخدمه عمليا في تبرير القمع والفساد، وكل ذلك في معرض رفضها الإصلاح السياسي الحقيقي حتى تبقى مغتصبة للحكم لأطول فترة ممكنة.