هدية ترامب للسيسي قبل المغادرة.. تفاصيل محاولة فاشلة لوصم “الإخوان” بالإرهاب لإحراج بايدن

- ‎فيتقارير

قبل 5 أيام من مغادرته البيت الأبيض، وبعد محاولات فاشلة على مدار أربع سنوات لتصنيف جماعة الاخوان المسلمين "إرهابية" من جانب نواب في الكونجرس موالين لترامب، سعي ترامب لإهداء ديكتاتوره المفضل السيسي هدية بوضع حركة تدعى "حسم" ضمن المنظمات الإرهابية المصنفة أمريكيا، تنفي جماعة الاخوان علاقتها بها لإحراج إدارة بايدن الجديدة.

القرار الذي اتخذته وزارتا الخارجية والخزانة جاء في أعقاب فشل محاولات تصنيف جماعة الاخوان إرهابية من قبل إدارة ترامب، بسبب عدم وجود أدلة وخشية خسارة حلفاء عرب يشارك الإخوان في حكومات وبرلمانات هذه الدول مثل تونس والمغرب والأردن والعراق.

مراقبون يعتقدون أن القرار الأمريكي بتصنيف حركة "حسم" إرهابية وإلصاقها بالإخوان كان هدية ترامب قبل مغادرته منصبه للسيسي ودول الثورة المضادة التي طالبته بتصنيف الإخوان "إرهابية"، وقالوا إن غرضه إحراج إدارة بايدن للبناء على هذا القرار وصولا لإدانة الإخوان نفسها بأنها "إرهابية".

إدراج الخارجية الأمريكية حركة حسم ضمن قوائم الإرهاب بغية اتهام الإخوان لاحقا كان مجرد وفاء بوعد انتخابي قطعه الساقط في الانتخابات دونالد ترامب على نفسه قبل مغادرة البيت الأبيض لوضع الأمر على أجندة الإدارة المقبلة دون اتخاذ إجراء نهائي قد تعود عنه الإدارة الجديدة.

قرار رمزي

ولأن قرار إدارة ترامب رمزي ولا قيمة له، كما أنه يحمل تبرئة ضمنية للإخوان فلم يكن له الصدى الذي املته دول الثورة المضادة وعلي العكس فتحت إدارة بايدن ملف حقوق الإنسان والتعذيب في مصر وتوشك على ربط المعونة والمساعدات بملف حقوق الإنسان.

فقد سبق أن أدرجت الخارجية الأمريكية حركات "لواء الثورة" و"سواعد مصر (حسم) في 31 يناير 2018 على لائحة الإرهابيين العالميين المحددين بشكل خاص ونص إدراج 2018، على منع لواء الثورة وحركة سواعد مصر (حسم) من الحصول على الموارد التي يحتاجون إليها لشن هجمات إرهابية، وتجميد مختلف ممتلكاتهما ومصالحهما الخاضعة للولاية القضائية الخاصة بالولايات المتحدة، كما يحظر على الأمريكيين عموما الدخول في معاملات أو التعامل معهما.

وفشل هذا الإدارج في الربط بينها وجماعة الإخوان التي تنتهج النهج السلمي، ولم يستطع نواب ولا خارجية ترامب إدانة الجماعة.

إدانة السيسي

علي العكس من هذا المسعي الخائب لإدارة ترامب، سعت إدارة بايدن ونواب الكونجرس لإدانة السيسي وتجاهل محاولات اتهام الإخوان بالإرهاب.

فهناك قلق واضح في مصر من تولي بايدن الرئاسة وتحسب لقرارات ضد مصر في ظل دعوات الكونجرس لمراجعة العلاقات مع مصر وربط المساعدات بحقوق الانسان والحديث عن إنهاء أو إضعاف دور مصر المؤثر في المنطقة وخصوصا بعد التطبيع العربي.

وأغضب إعلان عضوان بالكونجرس الأمريكي تشكيل "تكتل حقوق الإنسان الخاص بمصر" بمناسبة مرور 10 سنوات على ذكرى ثورة 25 يناير، نظام السيسي لأنهما ، دون باير وتوم مالينوفسكي، المسؤولان السابقان في الخارجية الأمريكية، أكدا أنهما سيعملان لحشد الدعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لزيادة الضغط على الحكومة المصرية (الانقلابية).

وأثار انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي تحدث كثيرا عن حقوق الإنسان في حملته الانتخابية، مخاوف لدي نظام السيسي من حدوث تغير في الموقف بعد العلاقات الوثيقة بين الإدارتين الأمريكية والمصرية في عهد دونالد ترامب.

وزاد من حدة المخاوف تعيين أنتوني بلينكين، الذي انتقد علانية في وقت سابق سجل حقوق الإنسان في مصر، في منصب وزير الخارجية في إدارة بايدن.

محاولات فاشلة

وشهد الكونجرس الأمريكي خلال السنوات الماضية توصيات عديدة بإدراج جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية كلها تم تجاهلها بسبب صعوبة إثبات أن الإخوان جماعة إرهابية وعدم ثبوت أي هجمات من أتباعها على أمريكان وصعوبة تصنيفها إرهابية وهناك رؤساء حكومات عربية واجنبية من الإخوان وبرلمانات بها إخوان منتخبون في انتخابات حرة.

وسبق أن تقدم عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي عام 2015 طلبا لإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما بإدراج الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، وتم رفض الطلب.

وفي يناير 2020 أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، "استمرار نظر الإدارة الأمريكية الحالية، في تصنيف جماعة الإخوان المسلمين، كجماعة إرهابية"، برغم استحالة ذلك وفق خبراء واعضاء في الكونجرس.

وقال، في رده على سؤال حول ما إذا كانت الإدارة الأمريكية تنوي اتخاذ تلك الخطوة في الوقت الحالي، وذلك خلال جلسة حوارية له بمعهد هوفر بجامعة ستانفورد، إن الإدارة الحالية (إدارة الرئيس دونالد ترامب) مازالت تنظر في ذلك وتقيّم الخطوة، لضمان أن تتم ذلك "بصورة صحيحة".

ومنذ الكشف عن نية ادارة الرئيس اليميني المتطرف "ترامب"، بحث وضع جماعة الإخوان المسلمين في تصنيف المنظمات الإرهابية وفق التصنيف الأمريكي، والخبراء الأمريكان لا يكفون عن الكتابة عن هذا الأمر وتناولت كتابتهم أمران:

(الأول): أن هذا القرار، لو صدر، سيضر أمريكا وحلفاءها أكثر ما سيضر الإخوان.

(الثاني): أن مثل هذه القرارات ستؤدي لمحاربة الاعتدال وإنعاش المنظمات الارهابية الفعلية مثل داعش والقاعدة.

وتجمع الدراسات الأمريكية أن هذا التصنيف لن ينفذ في أمريكا لأسباب عدة وأنه سيلحق بستة محاولات سابقة لتصنيف الإخوان إرهابية؛ لأن التحقيقات والدراسات الرسمية ستنتهي لعدم انطباق صفة الإرهاب على الإخوان.

آخر وأهم هذه الدراسات كانت للباحثة في معهد كارنيجي "مشيل دن" التي عددت 9  أسباب وراء سعي ترامب لإعلان جماعة الإخوان المسلمين إرهابية.

وشددت دراسة "دن" على أن جماعة الإخوان المسلمين لا ينطبق عليها التعريف القانوني للمنظمات الإرهابية الأجنبية، ولا توجد أدلة موثوقة على أنها تستخدم العنف لتحقيق أهداف سياسية، وأنها لم تستهدف الأمريكيين عمدا.

أسباب قانونية ودبلوماسية

وتقول إن هناك أسباب قانونية ودبلوماسية وبراجماتية وحقوق مدنية تجعل مثل هذا التصنيف من شأنه تقويض الجهود المبذولة للحفاظ على الأمريكيين وجعلهم في مأمن من الإرهاب.

وتوضح أنه حتى المنظمات التي تدعي أمريكا أنها أصبحت عنيفة مثل حماس وحسم ولواء الثورة، تم تصنيفها بالفعل في امريكا على أنها منظمات إرهابية، ومن ثم فتسمية جماعة الإخوان المسلمين على أنها إرهابية "لن يعطي الولايات المتحدة أدوات إضافية لملاحقة هذه الجماعات التي تعتبرها عنيفة"، ولا علاقة لها بالإخوان رسميا.

وتقول دراسة معهد كارنيجي إن استهداف جماعة الإخوان المسلمين على نطاق واسع من شأنه أن يخلق سلسلة من المشاكل الدبلوماسية مع  الأحزاب السياسية ذات الجذور أو الصلات بجماعة الإخوان ممثلة في البرلمانات والحكومات في العديد من البلدان، كما أن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها إرهابية، سيلحق الضرر بمصالح الولايات المتحدة.

وتحدد الأضرار التي ستطال أمريكا فيما يلي:

  1. لا يسمح القانون الأمريكي بتصنيف جماعات أنها عنيفة بناء على الأيديولوجية فقط لهذه الجماعات وإنما بناء على أدلة عن ممارستها العنف، وهو ما لا تقوم به الإخوان، ما يعني ان الغرض من التصنيف سياسي.  
  2. انضمام أمريكا لدول عربية تصف الجماعات الموالية للإخوان على أنها إرهابية لأسباب سياسية، معناه تشويه الولايات المتحدة الشرعية الدولية ما يؤدي إلى تآكل مصداقية جهود مكافحة الإرهاب.
  3. تصنيف الإخوان سوف يدفع المسلمين في جميع أنحاء العالم لاعتبار ذلك عداء للإسلام لا الإخوان، وأن هذا التصنيف هو الأحدث في سلسلة من الخطوات المعادية للمسلمين من جانب إدارة ترامب، مثل حظر السفر واعتبار القدس إسرائيلية.
  4.  سيحتفل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والقاعدة بهذا الإعلان الأمريكي وتعتبره دليلا على حجتها القائلة بأن "النشاط السياسي اللاعنفي لا جدوى منه"، وسوف يستخدمون التصنيف في جهودهم لتجنيد شباب يائسين ومعزولين، كانوا يؤمنون ذات يوم بالسياسة السلمية.
  5. سيؤدي التصنيف إلى عواقب وخيمة على المسلمين في الولايات المتحدة، الذين يشكلون حاليا أقل من 2٪ من السكان، إذ يمكن لأي شخص يشتبه في أن له صلات بالجماعة أن يجري تجميد أصوله، أو ترحيله إذا لم يكن مواطنا، وسوف تضغط جماعات الإسلاموفوبيا، على مكتب التحقيقات الفيدرالي للتحقيق في كل مسجد أمريكي أو جمعية خيرية إسلامية بحثا عن صلات محتملة بمستشفيات وعيادات ومنظمات دينية تدعمها جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم.
  6. إن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين سيحول حتما موارد الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب بعيدا عن الإرهابيين الحقيقيين الذين يسعون فعلا لقتل الأمريكيين، مثل فروع الدولة الإسلامية والقاعدة.
  7. تسمية جماعة الإخوان المسلمين بأنها منظمة إرهابية أجنبية ستكون حيلة سياسية أمريكية تؤدي إلى نتائج عكسية تجعل جميع الأملريكيين أقل أمانا.

وقد حذر خبراء أمريكيون في السياسة والأمن بالشرق الأوسط من أن الهدف وراء سعي الرئيس الأمريكي ترمب، حينئذ، تصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها "منظمة إرهابية" تشويه وضرب الجاليات الإسلامية في أمريكا، واتخاذ هذا القرار ستارا لمهاجمة هذه الجاليات بشكل أساسي.

وفي تصريحات لقناة "إن بي سي نيوز" الأمريكية (NBCnews)، وصف الخبراء هذا التوجه الأمريكي بأنه "فكرة سيئة"، وحذروا من أن فرض قمع أمريكي على جماعة الإخوان المسلمين من شأنه أن يضع ضغوطا غير عادلة على المسلمين في الولايات المتحدة، ومعظمهم من غير أعضاء جماعة الإخوان.

ارتدادات عكسية

وبحسب دراسة سابقة أعدها "ناثان براون" لمركز كارنيجي لأبحاث السلام، 26 يناير2017، أكدت تصنيف "الإخوان" كمنظمة إرهابية ستكون له "ارتدادات عكسية" ويضر أمريكا قبل الجماعة لأنه من الصعب ولا يجوز ان تعتبر أمريكا حلفاءها من الأحزاب والسياسيين المؤيدين للإخوان المسلمين راعين للإرهاب.

فثمة أحزاب سياسية مشروعة في إندونيسيا وباكستان والمغرب وتونس والأردن والعراق والكويت واليمن، وحتى في فلسطين المحتلة عام 48، جذورها ضاربة في جماعة "الإخوان المسلمين"، وشطر كبير من هذه الأحزاب له علاقات يتعامل فيها مع الولايات المتحدة بأشكال مختلفة.

وفي المغرب وتونس تشارك أحزاب تحاكي "الإخوان" في المجالس التمثيلية التي تتعاون من كثب مع الولايات المتحدة، وهي أشد المدافعين عن حقهم في السعي إلى مشاريعهم من طريق السياسات الانتخابية.

كما استقبل حلفاء للولايات المتحدة، مثل تركيا وقطر والمملكة المتحدة، عدد كبير من المنتسبين لـ"الإخوان المسلمين"، كما أن عددا من قيادات الحزب الحاكم في تركيا، (العدالة والتنمية) والعديد من أعضائه، يعتبروا أنهم على قرابة فكرية مع "الإخوان المسلمين".