أزمة كل موسم.. انهيار أسعار “البصل” وتدني “القمح” يذبح الفلاحين

- ‎فيأخبار

مع كل فصل زراعي تتعالى أصوات الفلاحين وصرخاتهم من خراب بيوتهم وتدني عوائد الزراعة في وقت تتصاعد فيه أسعار التقاوي والأسمدة والأيدي العاملة والمعدات الزراعية وأسعار الوقود والنقل والمبيدات، مما يحول الفلاح لمجرد مزارع دون تحصيل أجرته السنوية، أي لا يغطي المحصول تكاليف الزراعة، مما يحطم أحلام وآمال الفلاحين في حياة كريمة، مما يضطر الآلاف منهم لبيع أراضيهم أو إهمالها والبحث عن عمل آخر أو الهجرة للمدينة بعيدا عن معيشة القرية أو الهجرة لخارج مصر، وهو ما يضرب الأمن الغذائي في مقتل.
المستفيد من كل ذلك هم مافيا وحيتان التجار وأصحاب الشركات من اللواءات وكبار رجال الأعمال وشركات الجيش التي تزاحم الفلاح في الإنتاج مستخدمة سلاح سخرة الجنود في الأعمال الزراعية والتجارية، ما يقلص تكلفة الإنتاج، ويحقق لهم أرباحا طائلة بينما لا يستطيع الفلاح منافستهم لانعدام أسس المنافسة بالأساس.
وبحسب خبراء زراعيين، يؤدي انخفاض أسعار البصل في مصر إلى مفاقمة معاناة المزارعين على أكثر من صعيد، إذ تُقدّر خسائر ‏هؤلاء بنحو 8 آلاف جنيه عن كل فدان بصل و5 آلاف جنيه ‏لفدان الثوم. ووفق بيانات رابطة مزارعي البصل والثوم ، تدني أسعار البصل والثوم هذا الموسم، مسجلة خسائر ‏للمزارعين تقدر بنحو 8 آلاف جنيه لفدان البصل و5 آلاف جنيه ‏لفدان الثوم، إذ يبلغ متوسط سعر البصل في أرضه 1500 جنيه للطن ‏وللثوم 4 آلاف جنيه، في الوقت الذي تتكلف فيه عملية الإنتاج ‏لكل فدان حوالى 25 ألف جنيه بمتوسط إنتاجية 15 طناً للفدان.‏
ويرجع السبب الرئيسي وراء تدهور ‏الأسعار إلى تراجع عمليات التصدير، إضافة إلى زيادة ‏المساحات المنزرعة عن الموسم الماضي.‏ يشار إلى أنه في الموسم الماضي بلغ سعر طن البصل للتصدير 6 ‏آلاف جنيه، والثوم 18 ألف جنيه، ما أدى إلى تحقيق أرباح ‏وصلت 40 ألف جنيه لكل فدان، لافتًا إلى أن المستفيد من هذه ‏الأسعار في الوقت الراهن هم التجار سواء من حيث السعر أو ‏الجودة.‏
من جهته، أوضح حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، أن تكلفة ‏شتلات البصل وحدها تصل إلى 10 آلاف جنيه لكل فدان ومع ‏التكاليف الأخرى من تجهيز وري وأسمدة ومبيدات وخلافه تصل ‏التكلفة الإجمالية إلى 25 ألف جنيه.‏ وتابع أنه مع حساب الأسعار الحالية (1100 جنيه للطن) وبمتوسط ‏إنتاجية 15 طناً للفدان، تكون خسائر المزارعين 10 آلاف جنيه ‏في كل فدان.‏
ورغم الارتفاع الكبير في تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي جاءت زيادة سعر توريد إردب القمح الواحد من 700 جنيه خلال حصاد الموسم الماضي إلى 725 جنيها حالياً، لتزيد أوجاع الفلاح المصري الذي بات في زمرة الفقراء والمعوزين.
وكانت وزارة التموين والمحافظات أعلنت تكثيف الاستعدادات لموسم الحصاد خلال الفترة من 15 إبريل حتى 15 يوليو. ويعد العائد المادي الضعيف، وتكلفة الإنتاج العالية حائلاً دون تحقيق هامش الربح المرجو من زراعة القمح. فيما يرى فلاحون أن سعر إردب القمح عند 800 جنيه سوف يكون مرضياً وعادلاً للمزارعين في ظل زيادة أسعار الأسمدة والمبيدات والعمالة.
ويمثل تدني أسعار توريد القمح خطورة كبيرة لكونه سيؤدى إلى عزوف المزارعين عن زراعة القمح، وبالتالي زيادة الاستيراد من الخارج مما يكلف الميزانية العامة للدولة أموالا طائلة.
وبحسب خبراء، فإن سعر أردب القمح عند 725جنيه أصاب المزارعين بحالة من الإحباط؛ إذ إنه ليس هناك فرق بين سعر حصاد العام الماضي والحالي، كما أن تكلفة زراعة فدان القمح وصلت إلى ما بين 10 و11 ألف جنيه، في ظل معدل إنتاج يصل إلى 17 إردبا للفدان، ويكون العائد ما يقرب من 12 ألف جنيه، أي بالكاد يغطي تكلفة الزراعة.
ولا تتناسب أسعار القمح مع الجهد والوقت وتكاليف إنتاج زراعته التي أصبحت كبيرة جداً، وهو ما يضطر بعض الفلاحين للقيام بتخزين القمح كنوع من الاستهلاك المنزلي، وبيع جزء منه للقطاع الخاص ومصانع المكرونة، أو تقديمه طعاما للمواشي والحيوانات والطيور، فيما تتوسع حكومة العسكر في سبوبة الاستيراد التي يستفيد منها لواءات الجيش وشركاتهم، بنظام الأمر المباشر.
وتتم زراعة ما يزيد على 3 ملايين فدان سنوياً تنتج ما يقرب من 9 ملايين طن قمح، وتستورد الحكومة ما يقارب مثلها من الخارج، لتتصدر مصر دول العالم في استيراد الأقماح من الخارج.
وذكرت الحكومة في بيانات رسمية لها، أنه تمت زيادة المساحات المنزرعة من محصول القمح إلى 3,418 ملايين فدان خلال الموسم الحالي لعام 2021، مقارنة بـ 3,402 ملايين فدان خلال الموسم الماضي لعام 2020، وذلك بزيادة قدرها 16 ألف فدان. وهكذا يضيع الفلاح المصري بين عشوائية الإدارة الزراعية وتجبر الحكومة في الأسعار وتردي ظروف الفلاح الذي بات يعاني الذبح يوميا بين متطلبات زراعة أرضه والعيش من محاصيلها التي باتت لعبة بيد أباطرة العسكر.