بعد فشل المحادثات بين الدول المصدرة للنفط "أوبك بلس"، ظهر للعلن الخلاف السعودي الإماراتي بشأن تمديد اتفاق خفض الإنتاج، وبدا واضحا دفاع كل طرف عن موقفه بشكل حاد في ظل مشهد عكس عمق الخلاف بين الجانبين.
وقالت السعودية: "إن العالم وضع الحلول في يدها هي وروسيا وإنها حرصت على مصالح كل الدول المنتجة عبر تمديد اتفاق خفض الإنتاج الذي حظي بقبول الجميع عدا دولة الإمارات"، وأكدت الأخيرة تعرضها للظلم وتعهدت بالدفاع عن حقوقها.
خلاف يتزامن مع توتر الأجواء بين الجارتين على إثر تعليق الإمارات رحلات شركاتها من وإلى السعودية حتى إشعار آخر، الأمر الذي عزته وسائل إعلام محلية إلى مستجدات الوضع الوبائي ما دفع المملكة إلى زيادة السعة المقعدية للرحلات بين الجانبين، كما يتزامن مع تعديل المملكة لقواعد الاستيراد من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي؛ لتستبعد به السلع المُنتجَة في المناطق الحارة أو التي تستخدم مكونات إسرائيلية من الامتيازات الجمركية التفضيلية في خطوة تمثل تحديا للإمارات.
وقال نهاد إسماعيل، الخبير في شؤون النفط والطاقة، إن: "هناك خلفية للتوترات بين السعودية والإمارات فالعلاقة الإماراتية السعودية تاريخيا علاقة أخوية استراتيجية وكلاهما عضو في الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، لكن في السنوات الأخيرة ظهرت تباينات بين الدولتين فبدأت الإمارات تنتهج سياسة مستقلة خارجة عن نطاق التحالف الاستراتيجي بينهما، وظهر ذلك خلال الحرب في اليمن وكذلك العلاقات التجارية مثل قرار السعودية في فبراير بشأن استقطاب الشركات الأجنبية التي تريد الاستثمار في المملكة ما اعتبرته الإمارات حربا تجارية ضدها".
وأضاف إسماعيل، في حواره مع برنامج قصة اليوم على قناة مكملين، أن "السعودية أعلنت مؤخرا عن تأسيس شركة خطوط جوية جديدة فسرّتها بعض الصحف على أنها لمنافسة الخطوط القطرية والإماراتية، ومؤخرا وقع الخلاف بشأن النفط واتفاقيات التخفيض بين الدول الأعضاء في منظمة أوبك التي تعد السعودية القائد الفعلي لها، وتهدف إلى استقرار السوق وتحقيق أسعار عادلة لجميع الأعضاء وتلبية الطلب العالمي".
وأوضح إسماعيل أن "الإمارات تلعب دور المتمرد المشاكس والمشاغب، وتحاول انتهاج سياسات مستقلة ورأينا ذلك في التطبيع مع الاحتلال والسعي لتشكيل تحالفات دولية، مضيفا أن الإمارات تشعر أنها مظلومة فيما يتعلق بالإنتاج النفطي لكن إذا تم الاستجابة لمطالبها فهذا يعني أن دولا أخرى في المنظمة قد تطلب نفس المعاملة، وتحدث فوضى في إنتاج النفط تؤدي إلى تخمة في السوق وانهيار الأسعار أو تفكك أوبك بلس".
وأشار إسماعيل إلى أن "الإمارات تقول إن القاعدة المرجعية لتقرير حصص التخفيض والإنتاج أنها غير مناسبة؛ لأن الإنتاج النفطي الذي بنيت عليه قاعدة التخفيض 3.1 مليون برميل يوميا، وهي تقول إنتاجنا الآن 3.8 مليون برميل لذلك يجب تزويد السوق وإنتاج 700 ألف برميل يوميا بغض النظر عما تفكر به الدول الأخرى في أوبك، مضيفا أن السوق يعاني من قلة الإنتاج بسبب انتعاش بعض الاقتصاديات من تداعيات كورونا وارتفاع الطلب الأمريكي والصيني على النفط".
ولفت إلى أن الإمارات تريد استعراض عضلاتها الآن لأنها تشعر أن اقتصادها قوي ولها حلفاء أقوياء مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، وتلعب دورا وتريد التمرد على الأخ الكبير السعودية التي تقود منظمة أوبك".
بدوره رأى محمد العمري، المحلل السياسي السعودي، "أن بذور الخلاف موجودة منذ فترة طويلة، مضيفا أن التحالف القائم بين السعودية والإمارات والذي وقعه الملك سلمان ومحمد بن زايد بُني على باطل وتآمر وكان متوقعا انهياره بعد تحسن العلاقات ورفع الحصار عن قطر".
وأضاف أن "الإمارات تشعر بتهميش سياسي بعد المصالحة بين قطر والسعودية وبين السعودية وتركيا، وأوضح أن الخلاف مع السعودية يعد وسيلة ضغط ويرجع إلى جذور تاريخية، فالإمارات تطالب بحق الشيبة وليس بحصص إنتاج معينة كذلك تطالب بعودة منطقة العِديد البحرية الفاصلة بين الإمارات وقطر والتي تم ترتيب وضعها قبل 30 سنة، ثم عادت الإمارات منذ 5 سنوات وأعادت وضعها في بطاقات الهوية وحدثت مشكلة بين السعودية والإمارات".
وأوضح أن "ما يجمع الإماراتيين والسعوديين نزاعات حدودية كبيرة تعود بين فترة وأخرى، لكن الآن ظهرت خلافات اقتصادية بين الدولتين، مضيفا أن الوضع الاقتصادي الإماراتي مستقر بينما الحكومة السعودية قد تواجه إفلاسا حقيقيا خلال الأشهر القليلة المقبلة بسبب ارتفاع نسبة التضخم والديون".
وأشار إلى أن "قرار السعودية تعديل قواعد الاستيراد من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي تسبب في مقاطعة شعبية بين الدولتين في الواقع الافتراضي أيضا، وقد أججها رداءة المنتجات الإماراتية التي يتم تصديرها للسعودية حتى وصلت إلى تزوير علامات تجارية كبيرة، وقد عزز هذه الخلافات الحرب في اليمن والمصالحة مع قطر وتركيا".
https://www.youtube.com/watch?v=aB1VFxt2Soo