الرشاوى مقابل مخالفات المباني.. انهيار العقارات يكشف استمرار فساد المحليات

- ‎فيتقارير

انهيار وسقوط العقارات أصبحت ظاهرة يومية في الأونة الأخيرة بسبب فساد المحليات. وأصبح المصريون يستيقظون كل يوم على خبر سقوط عقار على رأس ساكنيه ووفاة بعض السكان وإصابة البعض الآخر، والبحث عن مفقودين تحت الأنقاض.

تكرار انهيار العقارات يعتبر كارثة حقيقية تهدد أرواح آلاف بل ملايين المواطنين تحول إلى ظاهرة معتادة؛ بسبب إهمال وفساد حكومة الانقلاب وفي المقابل يعلن نظام الانقلاب أنه سيقضي على العشوائيات وسيكفل حياة كريمة لأهالي القرى بحسب زعمه.

كانت منطقة الوراق بالجيزة قد شهدت انهيار عقار مكون من 4 طوابق وأسفر انهيار العقار عن مصرع صاحبه، الذي قام منذ عام رغم انتقاد الأهالي له بإضافة طابقين على العقار القديم الذي لا تتحمل قواعده هذا الارتفاع ويحتاج لترميم لأنه آيل للسقوط.

وفي مساء يوم الحادثة شعر سكان العقار باهتزاز الأساسات؛ ما دفعهم للمغادرة باستثناء مالك المنزل الذي مكث مع أسرته رافضا نصيحة الأهالي له بالإخلاء حتى انهار المنزل عليهم، وزعمت محليات الانقلاب أن العقار من المنشآت الآيلة للسقوط، وصادر له رخصة هدم منذ فترة طويلة.

وأدى سقوط العقار المنكوب بالوراق، لانهيار جزئي بعقار مجاور، وتم إخلاء العقارات المجاورة من السكان لحين معاينتها، وشكّل أحمد راشد محافظ الجيزة الانقلابي، لجنة هندسية لمعاينة العقارات المجاورة؛ لبيان مدى تأثرها بالانهيار وهو إجراء يندرج في إطار الشو الإعلامي دون بذل أي محاولة للبحث عن حل لمواجهة العقارات المخالفة وانقاذ العقارات الآيلة للسقوط على رؤس سكانها.

يشار إلى أن الإحصاءات الرسمية، تؤكد أن عدد العقارات المخالفة في محافظات الجمهورية وصل إلى 3 ملايين و200 ألف مبنى مخالف وبدون ترخيص على الأراضي غير الزراعية، بينما يوجد مليون و900 ألف حالة تعدي على الأراضي الزراعية وهو ما يكشف حجم الفساد الكبير في دولة العسكر.

 

دور المحليات

من جانبه أرجع الدكتور حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية وخبير المناطق العشوائية، أسباب انهيار العقارات إلى أن "المباني الحديثة التي تم إنشاؤها في السنوات الأخيرة لم تلتزم بأصول البناء وبالتالي تكون معرضة للسقوط في أي وقت، في حالة حدوث هبوط في التربة أو تسرب مصادر مياه إليها، بالإضافة إلى سوء إدارة ملف العقارات المخالفة من قبل المحليات في المحافظات المختلفة، والذي أثر بطريقة واضحة على زيادة المباني المخالفة وانهيار العقارات وارتفاع الأدوار المخالفة للعقارات".

واقترح عرفة في تصريحات صحفية، عدة إستراتيجيات تنفيذية لتطوير عمل الإدارات المحلية في 27 محافظة والمديريات التابعة لها تجاه ملف البناء لعدم انهيار المباني، بدايتها أن "يتم تعديل قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 البيروقراطي والذي يزيد من حدة العقارات المخالفة بطريقة غير مباشرة، ويؤدي إلى تدهور التخطيط العمراني في البلاد".

وشدد على أنه "يجب على المحافظين الجدد والقدامى تطهير الأحياء والمدن والمراكز والوحدات القروية من الفاسدين في الإدارات الهندسية، وإلغاء ندب الحاصلين على المؤهلات المتوسطة كمرحلة مؤقتة إلى حين نقل الإدارات الهندسية إلى وزارة الإسكان، منوها بأن هناك علاقة قوية بين ملف البناء المخالف وزيادة العشوائيات بشكل كبير".

 

تعديل القانون

وطالب عرفة، بتعديل قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 لوجود مواد مشتركة بين وزارة التنمية المحلية ووزارة الإسكان تتعلق بصفة مباشرة بمشكلة العشوائيات والبناء المخالف وهو ما لم تفعله وزارة الإسكان حتى الآن، مشددا على ضرورة الإسراع بتعديل قانون البناء رقم 58 لسنة 1979 الذي له علاقة مباشرة بتقسيم المحافظات الجديدة والذي يؤدي إلى انخفاض عدد المناطق العشوائية التي تتزايد يوما بعد يوم".

وكشف أن "قانون البناء الموحد به ثغرات عديدة تؤدي إلى وجود فساد من جميع الأطراف سواء من العاملين في الإدارات الهندسية بالوحدات المختلفة، و من بعض المواطنين الذين يعجزون عن الحصول على تراخيص البناء المختلفة نظرا لصعوبة الإجراءات من جانب آخر".

وقال عرفة إن "الحل يكمن في تعديل قانون البناء الموحد، وصدور تشريع قانوني جديد يسمح بحبس كل من المقاول أو المهندس الذي ينفذ أي إنشاءات مخالفة، علاوة على حبس صاحب العقار المخالف".

 

مواصفات البناء

وشدد الدكتور عبد الرحيم القناوي رئيس قسم التخطيط العمراني بكلية الهندسة جامعة الأزهر، على "ضرورة بناء العقارات بمواصفات معينة تتفق مع معايير البناء، مؤكدا أنه لم يتم الالتزام بهذه المواصفات في العقارات الآيلة للسقوط فهي غير مطابقة للمعايير السليمة للبناء وخارج الحدود البنائية".

وقال القناوي في تصريحات صحفية، يجب تطبيق حوكمة العمران، والذي يعتبر اتجاها جديدا للقضاء على الفساد وإنهاء التجمعات العمرانية والعقارات الآيلة للسقوط، موضحا أن الحوكمة تجعل لكل عقار كودا خاصا ومواصفات وبيانات يتم تسجيلها ومتابعتها ، وهو أمر مُطبق في جميع دول العالم، ويمنع انهيار العقارات ويحمي السكان من الموت".

وأضاف أن "الحوكمة العمرانية تقوم بعمل قواعد معلومات لجميع العقارات، وتوضح لكل هيئة المهام التي يجب تنفيذها، ويتم وضع مواصفات العقار والعمر الزمني له، كما أن هناك عملية صيانة دورية للعقارات للتأكد من سلامته الإنشائية".

وأكد القناوي أن "حوكمة العمران هي الحل السليم للتخلص من الصداع المزمن؛ بسبب انهيار العقارات، الذي نعاني منه بسبب فساد المحليات".