كشفت أول موجة من الأمطار تشهدها مصر قبيل قدوم فصل الشتاء أكاذيب حكومة الانقلاب عن الاستعدادات التي اتخذتها المحافظات، لمواجهة السيول والأمطار حيث تسببت الأمطار في غرق الشوارع وانهيار العقارات وانقطاع الكهرباء والمياه ومهاجمة العقارب للمواطنين ووفاة معتقل و3 حراس بسجن الشلال؛ وهي الأمور التي جعلت المواطنين يعيشون في "حيص بيص" ولا يستطيعون الذهاب إلى أعمالهم أو قضاء حوائجهم.
كانت الهيئة العامة للأرصاد الجوية قد حذرت من حالة الطقس السيء خلال الأسبوع الجاري، وتساقط سيول وأمطار غزيرة على عدد من المحافظات، بالإضافة إلى الرياح والعواصف فيما زعمت حكومة الانقلاب أنها استعدت لمواجهة أي سيول وأمطار .
أمطار وثلوج
في سياق الطقس السيء شهدت محافظة أسوان هطول أمطار غزيرة وثلوج وانتشار أصوات الرعد وأضواء البرق في أنحاء المحافظة، في الوقت الذي غمرت فيه المياه الشوارع بعد الأمطار التي استمرت قرابة ساعتين وتحولت الأرض للون الأبيض نتيجة لتغطيتها بالثلوج
واضطر أهالي مدينة أسوان إلى التخلص من مياه الأمطار التي غمرت الشوارع بأنفسهم بسبب تقاعس الأجهزة التنفيذية والمحليات، وقامت مجموعات من الشباب بفتح بالوعات الصرف الصحي لشفط المياه من الشوارع.
وعبر عدد كبير من المواطنين بأسوان عن مخاوفهم من استمرار موجة السيول ، وتهدم المنازل وانتشار العقارب السامة .
وطالبوا بضرورة توفير الأمصال اللازمة بالمستشفيات، بعد وصول حالات اللدغ بالعقارب إلى 100 حالة ، وانهيار 7 منازل ، مؤكدين توقف محطات مياه الشرب وانقطاع التيار الكهربائي في عدة مناطق .
7 منازل
من جانبها تلقت غرفة عمليات محافظة أسوان بلاغات بانهيار 7 منازل وسقوط أشجار وأعمدة إنارة، بسبب حالة الطقس السيء التي شهدتها المحافظة وهطول الأمطار الغزيرة والتي صاحبها تساقط الثلوج حيث سقطت 3 منازل في منطقة عزبة المرشح، في كيما بمدينة أسوان، بالإضافة إلى منزلين وسط مدينة أسوان، ومنزلين في منطقة أبو الريش كما شهد الطريق الزراعي سقوط بعض الأشجار وأُغلقت بعض الشوارع في أسوان وتعرض عدد من السيارات لأعطال، بسبب ارتفاع مستوى المياه.
كما تعرض عدد كبير من أهالي محافظة أسوان للدغات العقارب، وتم نقل المصابين إلى مستشفى أسوان الجامعي لتلقي العلاج ، وانتشرت أصوات سيارات الإسعاف في مناطق متعددة من المدينة ما آثار حالة من الخوف والرعب بين الأهالي.
روض الفرج
وشهدت منطقة روض الفرج بالقاهرة انهيار عقار مكون من دور أرضي و4 طوابق حوائط حاملة وأسقف خرسانية ويحمل العقار رقم 10 شارع سيدي الحلي ميدان السوق القديم خلف مسجد سيدي الحلي.
وقرر خالد عبد العال محافظ القاهرة الانقلابي تشكيل لجنة هندسية لفحص المباني المجاورة للعقار المنهار وبيان مدى تأثرها من الانهيار مع رفع المخلفات الناتجة عن الحادث .
توقف الدراسة
مع حالة الطقس السيء بدأت وزارة تعليم الانقلاب تلمح إلى إمكانية وقف الدراسة وغلق المدارس وأكدت مصادر مسئولة بوزارة تعليم الانقلاب أنه تم توجيه المدارس بضرورة تطبيق كافة إجراءات الأمن والسلامة داخل المنشآت التعليمية والمدارس، تزامنا مع سقوط الأمطار في بعض المحافظات، مشيرة إلى أنه يتم تنظيم دخول الطلاب وخروجهم وتغطية أسلاك الكهرباء ومنع الطلاب من التجمع في الأماكن التي بها مياه مع سحب وشفط أماكن تجمع الأمطار، إضافة إلى تنظيم صعود الطلاب على سلالم مباني المدرسة وفق تعبيرها.
وقالت المصادر، إنه "في حالة وجود حاجة ملحة إلى تعطيل وتوقف الدراسة في مدرسة أو أكثر فإن قرار وقفها يرجع إلى المحافظ، لافتة إلى أن تعليم الانقلاب لن تصدر قرارا بوقف الدراسة في محافظة أو أكثر وإنما يتم تركها إلى محافظ الإقليم".
استشهاد معتقل
واستُشهد المعتقل إبراهيم علي آدم، من منطقة كيما بأسوان غرقا في زنزانته بمعسكر فرق الأمن في منطقة الشلال بمحافظة أسوان، بالإضافة إلى 3 من حراس السجن، نتيجة انعدام إجراءات السلامة والأمان بعد هطول الأمطار الغزيرة والسيول التي داهمت سجن الشلال خلال اليومين الماضيين، بالإضافة إلى إصابة نحو 20 معتقلا بضيق تنفس واختناق.
وحملت منظمات حقوقية وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب مسئولية الوفاة، وطالبت بالتحقيق في هذا الإهمال الجسيم، والإفراج عن المعتقلين السياسيين.
وأشارت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" إلى أن مكان معسكر قوات الأمن بالشلال في محافظة أسوان يقع بالقرب من الجبال؛ ما تسبب في حدوث سيول جارفة أدت إلى تفاقم الكارثة، حيث وصلت المياه في بعض غرف المعسكر إلى ارتفاع ثلاثة أمتار.
وذكرت الشبكة أن إدارة المعسكر تركت المعتقلين يواجهون الغرق وفروا إلى غرفهم البعيدة قليلا عن مبنى المعسكر، والذي يعد واحدا من أماكن الاحتجاز سيئة السمعة بأسوان، ودائما ما يحدث به تجاوزات كثيرة، ويستخدم كسجن للجنائيين والسياسيين، وكذلك كمكان احتجاز غير رسمي للمختفين قسرا من أبناء محافظة أسوان وغيرها من محافظات جنوب مصر .
وأضافت أنه رغم هطول الأمطار واحتمالية حدوث سيول جارفة باستمرار في محافظة أسوان وخاصة في منطقة الشلال، وانعدام إجراءات السلامة وعدم وجود شبكة صرف صحي كاملة في معسكر قوات الأمن تساعد في تقليل خطورة السيول، إلا أن السلطات تجاهلت أدنى معايير السلامة والأمان بشأن المعتقلين وتركتهم عُرضة للموت باستمرار استخدامه كمقر للاحتجاز.
استنفار في "الري"
في سياق الأكاذيب الانقلابية زعمت وزارة الموارد المائية والري بحكومة الانقلاب أنها رفعت درجة الاستعدادات والتدابير اللازمة، لمواجهة أخطار موسم السيول والأمطار الغزيرة بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية ، مشيرة إلى رفع حالة الاستنفار العام بكل أجهزة وقطاعات الوزارة من خلال خطة تشمل التنسيق التام بين الأجهزة المعنية لمتابعة حالة الأمطار بشكل دائم وفق تعبيرها.
كما زعمت ري الانقلاب أن مخرات السيول تعمل على نقل مياه الأمطار والسيول إلى نهاية المخرات سواء البحر الأحمر للجانب الشرقي أو اتجاه نهر النيل بالنسبة للجانب الغربي.
وأشارت إلى أنها كثفت في السنوات الأخيرة جهدها لتطهير مخرات السيول الرئيسية مثل وادي خريط بكوم أومبو ومخر السيل كيما أو الفرعية وعمل مخرات صناعية 38 مخر سيل وبعض السدود، لحماية المدن والقرى والاستفادة بجزء من هذه المياه.
وزعمت إيمان سيد، رئيس قطاع التخطيط بوزارة ري الانقلاب، أنه يتم تقدير كميات المياه والأمطار، باستخدام أحدث تقنيات للتعامل مع صور الأقمار الصناعية التي يتم تحديثها يوميا مع استخدام النماذج الرياضية المتخصصة لقياس توقيتات ومعدﻻت سقوط الأمطار.
وأشارت إيمان في تصريحات صحفية إلى أنه يتم متابعة معدلات الأمطار بالمحافظات بصفة دائمة وفق تعبيرها.
مخرات صناعية
في المقابل قال الدكتور عباس شراقي أستاذ الموارد المائية بكلية الدراسات الإفريقية جامعة القاهرة، إنه لا يمكن منع السيول لكن يمكن الحد من مخاطرها عن طريق إنشاء مخرات صناعية وتطوير المخرات الرئيسية والفرعية ومنع امتداد العمران إليها.
وطالب شراقي في تصريحات صحفية بضرورة المحافظة على المخرات من أي معوقات مثل إلقاء القمامة أو مخلفات المباني مؤكدا عدم وجود الإمكانات المطلوبة في كل المحافظات، لمواجهة مخاطر السيول والأمطار الغزيرة .
وأشار إلى أن سقوط أمطار رعدية غزيرة على أسوان وبعض جبال البحر الأحمر صاحبها برق ورعد وبرد وكتل ثلجية، جاء نتيجة انخفاض درجة الحرارة في الجو، وتُسبب هذه الأمطار سيولا، معربا عن أسفه لأن هذه الأمطار كشفت عن ضعف الاستعدادات لمواجهتها كما حدث في الأعوام الماضية.