صادم.. عالم كيمياء شردته الحرب في اليمن وقتله السيسي بالإهمال والفقر 

- ‎فيأخبار

في بلد مثل مصر تقع تحت خط القمع والديكتاتوريات بات لا يُستغرب أن تُكرّم راقصة وتقدم لها الجوائز ويُهان عالم كيمياء حيوية ويترك فريسة للجوع والتشرد، وإذا مرضت الراقصة فالعلاج على نفقة الدولة يأتي مسرعا، وإذا مرض العالم فمصيره مستشفى حكومي ينقصه كل شيء ولا يصلح لعلاج الحيوانات الضالة.

وفي قلب القاهرة التي تسلط القهر على أهلها، تمت أصغر صلاة جنازة من ثلاثة مصلين فقط، على عالم من أهل اليمن شردته الحرب فأتى إلى أم الدنيا فشرده العسكر، يمني واحد فقط وسائق عربة الموتى والحانوتي صلوا على جنازة الدكتور “عارف أبو عبد الرحمن” الذي وافته المنية مقهورا مشردا في مستشفى القصر العيني وحيدا دون مرافق.

 

مراسم الدفن

واستنكر حقوقيون وإعلاميون تخاذل سفارة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، عن القيام بواجبهم تجاه هذا الموقف، رغموجود مئات الآلالف من اليمنيين في القاهرة، من سياسيين ودبلوماسيين ونشطاء وجمع كبير من الطلاب.

وأرجع متابعون هذا الإهمال من قبل السفارة؛ لدكتور يمني خدم بلادة لسنوات، نتيجة فقر الرجل وبساطته وعدم وجود أحد من أقاربه على هرم حكومة هادي التي تديرها الرياض.

والدكتور عارف أبو عبد الرحمن من أبناء محافظة عدن، وهو أحد خبراء الكيمياء العضوية النادرين في اليمن، وهو خريج جامعة  هافانا في كوبا، وقد لازم الفراش مريضا لفترة طويلة، بمرارة وعوز، حسب مقربين من الفقيد، دون أن يحظى بأدنى مستوى من الرعاية من قبل حكومة الانقلاب بالقاهرة قبل يغادر الحياة وحيدا.

وسبق أن تُوفي يمني آخر قبل أشهر في مستشفى قصر العيني بالقاهرة وحيدا، وتكفل المستشفى بمراسيم الدفن، ثم طلبوا تصريحا من سفارة اليمن لكنها طلبت مبلغ ٢٠٠٠ جنيه مصري مقابل خدمات دفن حسب مصادر حقوقية.

 

بيع المستشفيات

ولم يكن الدكتور عارف عبد الرحمن – رحمه الله- وحده من عانى من انهيار قطاع الصحة للغلابة في مصر، فقد وصف مدير مركز الحق في الدواء، محمود فؤاد، بيع المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص، بأنه أمر مؤسف للغاية.

وقال إن “مصر فيها 450 مستشفى لعلاج الفقراء من خلال مظلة التأمين الصحي والعلاج على نفقة الدولة، وليس من المنطقي أن يكلف السفاح السيسي وزير الصحة ببيع هذه المستشفيات من أجل الحصول على “شوية فلوس” للدولة، ونترك الفقراء يعانون وحدهم.

وأضاف أن “مصر تعاني من أزمة دواء طاحنة تضرب كل أطرف القطاع الطبي من شركات ومرضى وحكومة ومستشفيات، ومن الأولى العمل على حل هذه المشكلة وزيادة الإنفاق السنوي على الصحة والبالغ 120 مليار جنيه فقط”.

وأوضح فؤاد أن هذا قرار بيع المستشفيات يضرب فكرة العدالة الاجتماعية في مقتل، مضيفا أن مبارك وعصابته لم يفعلوا ما قام به السيسي من امتصاص لدماء الفقراء بهذا الشكل العجيب، فعندما دعت هيئة المعونة الأمريكية عام 1995 إلى رفع الدعم عن الخدمات الصحية؛ لم تستطع الحكومة وقتها أن تقوم بذلك خوفا من الغضب الشعبي.

وختم بالقول “السيسي نسف كل الاتفاقيات الدولية بهذا القرار، ويفعل الآن ما تطلبه منه أمريكا بالحرف”.

وفي عام 2016 وجّه السفاح السيسي حكومة الانقلاب، إلى بيع مئات المستشفيات الحكومية التي لا تتوفر ميزانية لتجديدها أو تطويرها، للمستثمرين والجمعيات الخيرية لإدارتها بدلا من القطاع العام.

وقوبلت دعوة السفاح السيسي بموجة من الرفض الشعبي، حيث استنكرتها نقابة الأطباء ونشطاء ومدافعون عن حق المواطنين في العلاج، واعتبروها بداية لخصخصة قطاع الصحة بالكامل.

وكان السفاح السيسي قد وجه وزير صحة الانقلاب، إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وبيع مستشفيات حكومية لا تستخدم لنقص الأجهزة بها، مشيرا إلى أن هذه الفكرة ستوفر دخلا وعلاجا بديلا للمواطنين المحتاجين؛ ما دامت الحكومة غير قادرة على القيام بهذا الدور.

وحاولت وزارة صحة الانقلاب تهدئة المخاوف من هذه الخطوة، وزعمت أن الاقتراح مقتصر فقط على تطوير المستشفيات من خلال المستثمرين، وليس بيعها، ولكن كثيرا من المصريين لم يقتنعوا بتلك التصريحات لا سيما وهم قد جربوا أكاذيب العسكر.

 

حرب عبثية

وفيما يخص اليمن المكلوم بحرب مسعورة تشنها جارته السعودية والإمارات ضد ميلشيات الحوثي المدعومة من ايران، يبدو أن تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي التي وصف فيها الحرب بأنها عبثية نكأت الجراح القديمة بقوة، وزاد رد الفعل الخليجي عليها الطين بلة، وفتح أبواب السيناريوهات المختلفة على مصراعيها.

وتساءل الناشط السياسي أسامة عزت إسماعيل ، هل كان من المفترض أن يصف قرداحي حرب السعودية والإمارات على اليمن بالحرب الجميلة أو البناءة مثلا ؟”.

وأضاف “لا أقبل أبدا بأي إساءة للشعب السعودي، لكن هذه الحرب بالوكالة حطمت اليمن ، و قتلت الألوف من الأبرياء و حطمت مستقبل الملايين ، و ليس هناك عاقل يمجد في حرب أو يسكت عنها ثم يهاجم منتقديها مثلما فعل عمرو أديب الذي يثبت يوما بعد آخر ما هي حقيقته”.

وتابع “خطأ قرداحي ليس ضخما ، إن كان قد أخطأ تقنيا ، و هو ربما لم يرد سوءا بالبلاد التي شنت هذه الحرب ، بقدر ما تحدث عن ويلات الحرب التي تم بثها على الهواء مباشرة كأي إنسان يرى و يسمع و يشعر ، لكن للسياسة العربية حسابات أخرى معقدة و عويصة ، وقرداحي عمل بال MBC السعودية ، و لأنه تلقى أموالا نتيجة عمله فعليه كما يلمح عمرو أديب في مذهبه المالي الانتفاعي الواضح للأعمى أن يظل على الولاء المبين”.