أزمة جديدة تهدد إيرادات قناة السويس.. خط بري لنقل البضائع بين الإمارات وتركيا

- ‎فيتقارير

على الرغم من العلاقات الحميمية التي تجمع نظام الانقلاب والإمارات، إلا أن إستراتيجة المصالح الإماراتية التي تتقدم على أي شيء، منحت الإمارات حرية القفز بين الأقطاب والقوى السياسية، فقبل شهور دخلت الإمارات في توافقات مع الصهاينة لبناء وتشغيل خط بري وبحري لنقل النفط الإماراتي والخليجي من الإمارات إلى إسرائيل عبر السعودية، بإنشاء خطوط نقل بالأنابيب، وصولا إلى إسرائيل ثم نقله عبر خط سكك حديد أشدود عسقلان على البحر المتوسط ، ما يحرم قناة السويس من نحو 60% من عوائدها من نقل النفط الخليجي إلى أوروبا.

وفي 15 نوفمبر الماضي، وقّعت تركيا والإمارات اتفاقا بشأن طريق شحن بري لنقل البضائع بعيدا عن قناة السويس ، في ظل ارتفاع قياسي في استثمارات أبو ظبي في أنقرة.

وكانت العلاقات التركية الإماراتية قد شهدت تحسنا كبيرا في الأشهر الأخيرة بعد قطيعة استمرت أكثر من ثماني سنوات، وجاءت زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد لأنقرة في 18 أغسطس الماضي، كبداية لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وناقش معه القضايا الإقليمية والاستثمارات الإماراتية في تركيا.

وأعقب ذلك زيارة محمد بن زايد  لتركيا ولقائه الرئيس التركي رجب أردوغان الأسبوع الماضي.

ما يؤكد تغير المشهد بشكل كامل، حيث تحولت القطيعة السياسية والاقتصادية الشاملة بين البلدين إلى تعاون، وثيق انعكس بشكل مباشر في استثمارات اقتصادية في مختلف القطاعات.

 

مسار الطريق الجديد

وجرى توقيع أنقرة اتفاقين منفصلين مع كل من أبو ظبي وإسلام آباد، بشأن تدشين طريق شحن جديد لنقل البضائع، وفعّلت أنقرة اتفاقية "دفتر النقل البري الدولي" (TIR التير) مع الإمارات وباكستان، والتي ستوفر مزايا الوقت والتكلفة للشركات المصدرة، خاصة في ظل أزمة الحاويات وارتفاع أسعار الشحن البحري عقب جائحة كورونا.

وبحسب موقع إرم نيوز الإماراتي، أن مسؤولي وزارة التجارة التركية تباحثوا مع المسؤولين الإماراتيين خلال الزيارات الميدانية، كما قدموا الدعم اللازم لشركة النقل التي ستنقل أولى الشحنات عن طريق البر، خاصة في ظل عدم وجود اتفاقية ثنائية للشحن البري بين تركيا والإمارات، إلا أن التوقيع بين وزارتي النقل في البلدين سيُسهم في تطوير المسار الجديد.

ويشمل مسار خط الشحن الجديد، نقل الحاويات المحملة بالبضائع من ميناء الشارقة في الإمارات إلى ميناء بندر عباس في إيران، ومنه تُنقل برا إلى معبر جوربولاك البوابة الحدودية لتركيا مع إيران.

ومن المعبر الحدودي، يتم نقل البضائع إلى مدينة إسكندرون التركية، وإضافة إلى ذلك، تم إجراء أول عملية نقل البضائع برا بين طهران وإسلام آباد، مرورا بإسطنبول في أكتوبر الماضي، في إطار اتفاقية دفتر النقل البري الدولي.

وفي مطلع أغسطس الماضي، قامت شركة فينيكس الإماراتية للسكوتر بالاستحواذ على شركة "بالم" التركية الرائدة في مجال النقل الخفيف (السكوتر الكهربائي) مقابل 43 مليون ليرة تركية (نحو 5 ملايين دولار)، فيما يعتبر أحدث الاستثمارات الإماراتية في تركيا.

وبالعودة إلى الخط البري الجديد لنقل البضائع بين الإمارات وتركيا، مرورا بإيران ووصولا إلى باكستان وغيرها من الدول في آسيا وأوروبا، نجد أن طريق الشحن البحري من الشارقة إلى مرسين التركية والذي يستخدم معبر قناة السويس يستغرق 20 يوما، بينما يستغرق المسار الجديد من 6 إلى 8 أيام، إضافة إلى أن الشحن البحري من باكستان الذي كان يستغرق شهرا، أصبح اليوم يستغرق 10 إلى 12 يوما عن طريق البر.

وبدأت بالفعل الرحلة الاستكشافية للمسار الجديد من مدينة رأس الخيمة في الإمارات، حيث تم اقتناء سلع من ضمنها الألومنيوم والسيليكا، وتمت عملية نقل الشحنات من ميناء الشارقة في الإمارات إلى ميناء بندر عباس في إيران عن طريق الشحن البحري في الخليج العربي، وبعد ذلك، تم تسليم الشحنات المرسلة إلى تركيا عبر بوابة غوربولاك الحدودية ومن هناك إلى مدينة إسكندرون التركية.

 

قناة السويس تنزف

وسيؤثر هذا الطريق البري الجديد بالطبع على قناة السويس، التي تمثل أحد أهم مصادر الدخل القومي المصري من العملات الأجنبية، رغم أن حجم هذا التأثير لا يزال غير محدد، في ظل بداية العمل على خط الشحن البري الجديد بين الإمارات وتركيا قبل أيام قليلة فقط.

وكانت أزمة السفينة إيفرجيفن التي جنحت في قناة السويس، وعطلت الملاحة لمدة أسبوع أواخر مارس الماضي، قد أثارت أحاديث كثيرة حول سعي بعض الدول في المنطقة لإيجاد بدائل للممر البحري المصري.

إذ أن قناة السويس، التي تفصل إفريقيا عن الشرق الأوسط وآسيا، تعد واحدة من أكثر طرق التجارة ازدحاما في العالم، ويمر عبرها حوالي 12% من إجمالي التجارة العالمية، وبالإضافة إلى نقل النفط، يُستخدم الشحن البحري في الغالب لنقل بضائع استهلاكية مثل الملابس والأثاث ومكونات التصنيع وقطع السيارات.

وبحسب بيانات من مجلة لويدز ليست (Lloyd's List)، المختصة بالشحن، تقدر حركة المرور المتجهة غربا عبر القناة بحوالي 5.1 مليار دولار في اليوم، وحركة المرور المتجهة شرقا بحوالي 4.5 مليار دولار في اليوم.

ومع تفعيل الخط الجديد للملاحة البرية بين الإمارات وتركيا تفقد قناة السويس جزءا كبيرا من عوائدها ، التي باتت تنزف في ظل الكثير من الطرق البديلة التي تظهر يوما بعد الآخر.

وهو ما يكشف أيضا مدى الابتزاز الإماراتي لمصر وسعيها لتعظيم أرباحها بالمنطقة على حساب مصر التي يجري تقزيمها يوما تلو الآخر، سواء عبر إثارة المشاكل لها في ملفات المياه والطاقة والملاحة ، ورغم ذلك يصر السيسي على الانصياع لأجندة الإمارات في المنطقة.