في ضرية جديدة موجهة للفلاحين وللزراعة المصرية، قررت حكومة الانقلاب رفع أسعار الأسمدة بنسبة تتجاوز الـ 40% وزيادة أعباء الفلاحين الذين يتحملون خسائر كبيرة بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، وهو ما دفع البعض منهم إلى التهديد بتبوير الأراضي الزراعية.
كانت اللجنة التنسيقية للأسمدة بوزارة زراعة الانقلاب قد أصدرت قرارا بزيادة سعر الأسمدة الأزوتية من 3200 جنيه إلى 4800 جنيه للطن، وطالبت الجمعيات التعاونية برد فروق سعر الأسمدة الموجودة في أرصدة الجمعيات بأثر رجعي لصالح وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب.
القرار أثار انتقاد مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي، خلال اجتماعه الأخير برئاسة ممدوح حمادة، واعتبره أعضاء مجلس إدارة الاتحاد غير قانوني وغير دستوري.
وقال الأعضاء إن "قرار زيادة أسعار السلع المدعمة لا يصدر إلا من خلال رئاسة مجلس وزراء الانقلاب، كما أن الأسمدة الموجودة في الجمعيات ملك لها وتم سداد أسعارها مسبقا، ولا يحق لأي جهة المطالبة برد فروق الأسعار.
غير قانوني
من جانبه أكد ممدوح حمادة، رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاوني المركزي، أن قرار زيادة أسعار الأسمدة والمطالبة برد فروق تلك الأسعار غير قانوني وصادر من غير جهة الاختصاص، موضحا أن اللجنة التنسيقية للأسمدة بوزارة زراعة الانقلاب تختص بمتابعة وصول حصص الأسمدة من المصانع إلى الجمعيات العامة، تمهيدا لتوزيعها على الجمعيات التعاونية الزراعية بالمحافظات .
وأعلن حمادة في تصريحات صحفية عن نيته لتقديم استقالته من عضوية اللجنة التنسيقية للأسمدة، احتجاجا على القرار غير المدروس بزيادة سعر الأسمدة والمطالبة برد فروق الأسعار، وما ترتب عليه من ضرر جسيم على الجمعيات التعاونية والمزارعين، مؤكدا أنه امتنع عن حضور اجتماعات اللجنة منذ أكثر من ثمانية أشهر، اعتراضا على قراراتها التي تأتي في غير صالح الفلاحين.
وأشار إلى أن أرصدة الأسمدة الموجودة حاليا في مخازن الجمعيات، أصبحت ملكية خاصة للجمعيات لكونها مدفوعة الثمن مسبقا.
شركات الأسمدة
وقال شعبان عبد المولى، عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي، إن "قرار اللجنة التنسيقية الخاص بزيادة سعر الأسمدة غير دستوري وغير قانوني، ولا يمكن تطبيقه بأثر رجعي".
وأكد عبد المولى في تصريحات صحفية، أن هذا القرار لا يراعي مصلحة المزارع الذي يمثل 57 % من تعداد الشعب المصري، منتقدا أعضاء لجنتي الزراعة والري في برلمان السيسي، لعدم اعتراضهما على القرار الذي يخدم مصالح شركات الأسمدة على حساب المزارعين".
غير مدروس
وقال وليد السعدني، رئيس مجلس إدارة الجمعية العامة للقطن وعضو مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي، إن "رفع أسعار الأسمدة قرار غير مدروس، وجاء من غير جهة اختصاص".
وأضاف السعدني في تصريحات صحفية أن نسبة الزيادة التي تخطت 40 % مُبالغ فيها، وتشكل عبئا كبيرا على الجمعيات المحلية والمزارعين، وهو ما يمنع الجمعيات المحلية من القدرة على القيام بدورها في توفير المستلزمات للمزارعين.
وأوضح أن الجمعية المحلية، لا تتحصل إلا على 23 جنيها عن كل طن، مشيرا إلى أن هذا المبلغ لا يكفي كمصاريف إدارية نظير تقديم الخدمة.
سوء التوزيع
وكشف محمد الخشن خبير صناعة الأسمدة أن أزمة ارتفاع أسعار الأسمدة تتكرر كل عام، لكن هذا الموسم لها طبيعة خاصة، موضحا أن سوء التوزيع جزء أساسي في وجود أزمة في هذا المنتج خلال السنوات الماضية، وربما بسبب وجود جهة واحدة فقط هي من تقوم بتوزيع مستلزمات السماد للمزارعين.
وقال الخشن في تصريحات صحفية إن "الأزمة العالمية التي أثرت على سوق الأسمدة الفترة الأخيرة مرتبطة بتفشي فيروس كورنا وتأثيره على السلاسل التجارية حول العالم كله، وحدوث حالة من التفتت، مؤكدا أن هذه الأزمة تسببت في زيادة الأسعار وتحمل الفلاح المصري جزءا من هذه الزيادة رغم ظروفه الصعبة".
وعن قرارات حكومة الانقلاب بشأن تفعيل تخصيص 55% من إجمالي إنتاج الشركات للجمعيات و10% للسوق الحر، وصف قرارات الانقلاب بأنها غير صحيحة.
وأضاف الخشن رغم مطالبتي في البداية برفع سعر الطن من 5 آلاف إلى 6 آلاف جنيه ، ورغم استجابتها لمطالبات أصحاب الشركات، خرجت علينا حكومة الانقلاب ببرنامج غير صحيح لحل الأزمة، يساهم في إبقاء سعرين بالسوق المصري سعر يدعم الجمعيات وسعر آخر حر.
وأشار إلى أن قطاع التعاونيات ممثلا في الجمعيات الزراعية المسئولة عن منظومة توزيع الأسمدة ليس لديه الميزانية الكاملة لسحب الحصة التي أقرتها حكومة الانقلاب وهي 55% من إجمالي إنتاج الشركات، معتبرا أن تخصيص 40% للجمعيات يقابله 15% للسوق الحر، يحقق المعادلة المطلوبة والتوازن في سوق السماد.
وأوضح الخشن أن قطاع التعاونيات يغطي احتياجات أراضي الدلتا والوادي من الأسمدة، في حين أن القطاع الخاص مسئول عن تغطية احتياجات المزارعين بالأراضي الجديدة والمستصلحة، مشددا على أن زيادة النسبة للسوق الحر أمر ضروري لتحقيق التوازن في منظومة التوزيع، وتلبية احتياجات كافة المزارعين بجميع المناطق، لأن هذا الأمر يحقق سيولة في مخزون الأسمدة، ويوحد أسعارها في منافذ البيع .
وأكد أن الحل الأمثل لأزمات الأسمدة المتكررة يتوقف على تحرير المدخل ودعم المخرج، لافتا إلى أن المزارعين غير قادرين على شراء السماد بالأسعار العالمية العالية جدا.