إهمال حكومة الانقلاب يتسبب في مصرع الكثير من الأبرياء، نتيجة عدم تغطية أسلاك أعمدة الإنارة في شوارع محافظات الجمهورية، خاصة في فصل الشتاء حيث تزيد حوادث الصعق مع سقوط الأمطار والسيول والعواصف، نتيجة ملامسة هذه الأسلاك.
ومع الإهمال والتجاهل الرسمي انطلقت مبادرات شعبية بالعديد من المحافظات لإنقاذ أرواح المصريين، خاصة الأطفال، أثناء تساقط الأمطار، عبر تغليف أعمدة الإنارة بالبلاستيك اللاصق، حيث بادر الأهالي إلى ذلك لتدارك الخطر الناجم عن الاقتراب من أعمدة الإنارة وقت سقوط الأمطار.
وانتشرت صور تظهر مبادرات من هذا النوع على مستوى المحافظات، منها قرية الدلنجمون بالغربية، وطلحة بالقليوبية وشارع مراد والبحر الأعظم بالجيزة، وشوارع التليفزيون بالأقصر، حيث تم تغليف الأعمدة بالبلاستيك، بجهود ذاتية من الأهالي للحفاظ على أرواح أبنائهم .
ورغم ذلك يستيقظ المصريون كل يوم على كارثة مروعة، يروح ضحيتها أبرياء بدون ذنب، حيث تصعق أعمدة الإنارة ومحولات الكهرباء أطفالا في عمر الزهور وشبابا في مقتبل أعمارهم وشيوخا حاولوا الاتكاء على هذه الأعمدة ،أملا في لحظات من الراحة فإذا هي تنهي حياتهم .
حوادث الصعق
في محافظة الشرقية، لقيت الطفلة مروة صادق 9 سنوات، مصرعها لملامستها عمود كهرباء بالقرب من مسكن أسرتها، ولقي طفل مصرعه للسبب ذاته بمركز ديرب نجم.
وفى الغربية لقي طفل مصرعه بقرية "سملا"، التابعة لمركز قطور صعقا، كما لقي شخص آخر مصرعه متأثرا بالصعق الكهربائي، بقرية القنى التابعة لمركز مطوبس، بعد ملامسته عمود إنارة.
ولقيت طالبة بالصف السادس الابتدائي من سكان قرية قصر بغداد التابعة لمركز كفر الزيات، مصرعها صعقا بالكهرباء لنفس السبب.
كما لقي محمود محمد شاهين 22 عاما مهندس، مصرعه أثناء عبوره بجوار عمود إنارة أثناء هطول الأمطار بمحافظة الدقهلية.
وفى البحيرة، لقي لطفي عبدالجواد أبوالخير 37سنة مصرعه، صعقا بالكهرباء أمام منزله بسبب مياه الأمطار بقرية حفص الكوم الأخضر مركز حوش عيسى، كما لقيت عروس مصرعها إثر إصابتها بصعق كهربائي أثناء ملامستها عمود إنارة بجوار منزلها بإحدى قرى مركز الدلنجات .
وفي كفر الشيخ، توفي إبراهيم رزق عزيز، طالب بالصف الثاني الإعدادي بمدرسة كمال الشاذلي التابعة لإدارة مطوبس التعليمية، بعد تعرضه لحادث صعق كهربائي، أثناء ركوبه على ظهر حمار، ما أدى لوفاته على الفور.
وهذه هي الوفاة الرابعة في كفر الشيخ بسبب الصعق بعد وفاة 3أشخاص، اثنان منهما كانا في طريقهما للعمل، وتسببت الأمطار على مدينة دكرنس بمحافظة الدقهلية، في نفوق حمار صعقا من عمود إنارة عامة، بينما نجا صاحبه من الموت، والذي تمكن من الابتعاد.
اعتراف بالفشل
من جانبها اعترفت فايقة فهيم، عضو مجلس نواب السيسي بانتشار حوادث صعق الكهرباء في شوارع محافظات الجمهورية خاصة مع سقوط الأمطار والسيول .
وقالت فايقة فهيم في تصريحات صحفيه إنها "تقدمت بطلب إحاطة لرئيس وزراء (الانقلاب)، ووزيري الكهرباء والتنمية المحلية (بحكومة الانقلاب) حول انتشار حوادث الصعق بالكهرباء، بسبب أعمدة الإنارة وعدم تدخل الجهات المعنية".
وأشارت إلى أن هذه الحوادث ليست جديدة على فصل الشتاء، محملة (حكومة الانقلاب) المسئولية عن فقد العديد من الأرواح، معظمهم من الأطفال بسبب تعرضهم للصعق من أعمدة الإنارة، بجانب حوادث قتل الماشية .
وطالبت، الجهات المعنية باتخاذ ما يلزم للتعامل مع كهربة أعمدة الإنارة، وحل هذه المشكلة في أسرع وقت، حرصا على حياة المواطنين، بجانب تفعيل خط للشكاوى السريعة وتوجيه حملات للصيانة الفورية، وتكليف مسئولي الكهرباء بالتفتيش الدوري على أعمدة الإنارة.
شركات الكهرباء
وزعم مصدر مسؤل بوزارة التنمية المحلية بحكومة الانقلاب أن الوزارة تشدد دائما على المحافظات بتشديد الرقابة على صيانة الأعمدة وغلق أبوابها حفاظا على أرواح المواطنين.
وقال إن "شركات الكهرباء بالمحافظات مسئولة عن تركيب الأعمدة وتوريدها ضمن ميزانية المحافظات، وأن دور المحافظات هو التنسيق بين الأجهزة والشركات وتوجيها كما حدث في أزمة الأمطار بالقاهرة الكبرى بتحرك شركة المياه مع المحافظة لحل الأزمة وكذالك الأمر بالنسبة لشركات الكهرباء".
وأشار إلى أن كل محافظة تتبع شركة توزيع كهرباء تكون هي المسئولة عن أعمال صيانة الكهرباء وفصل الكهرباء في الأزمات والطوارئ، زاعما أنه ليس من دور الوحدات المحلية التدخل فنيا أو إصلاح أعطال أو قطع التيار أو توصيله.
قواعد خرسانية
في المقابل طالب سامي مختار رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم، بضرورة الأخذ في الاعتبار أن هناك فرقا بين إنارة الطرق السريعة، وإنارة الشوارع والميادين الداخلية، موضحا أنه لا يجوز وضع أعمدة إنارة عالية على الطرق السريعة ويجب الاستعانة بالطرق الحديثة للإنارة والمثبتة في الأرض.
وحول إنارة الطرق الداخلية، قال مختار في تصريحات صحفية إنه "يجب استخدام الأعمدة المصنوعة من الألومنيوم دون طلائها، لكونها أخف ولا تصدأ بمرور الوقت ولا تتآكل من عوامل الجو وبالتالي لا تكون عرضة للسقوط".
وأوضح أن غالبية أعمدة الإنارة إما تكون من الحديد العادي الذي يصدأ أو الحديد الزهر الذي يتآكل بمرور الوقت بسبب العوامل الجوية.
وعن طرق التثبيت الواجب اتباعها في وضع أعمدة الإنارة على الطريق، شدد مختار على ضرورة عمل قواعد خرسانية مثبتة جيدا أسفل الأرض، بمسافة معينة لتثبيت العمود أعلاها جيدا وبشكل آمن.
مواصفات محددة
وقال الدكتور سيف الدين فرج، خبير الاقتصاد والتخطيط العمراني، إن "طريقة تثبيت عمود الإنارة الصحيحة تكون أولا بوضع قاعدة خرسانية في الأرض لتثبيت العمود عليها وفقا لمواصفات محددة، إضافة إلى أهمية مراعاة ارتفاع العمود".
وأضاف فرج في تصريحات صحفية أنه كلما كان ارتفاع العمود عاليا كان عرضة للسقوط، عند حدوث عواصف او تصادمات.
وأشار إلى أن الطول المناسب للعمود يتم تحديده بشكل يتناسب مع عرض الطريق وسرعته.
عزل العمود
ووجه صابر هاشم، مهندس كهربائي، عدة نصائح لتحقيق الهدف المطلوب من عزل أعمدة الإنارة، حيث نصح بـعزل العمود مسافة نصف متر تحت العمود، لأن المياه المحيطة ستكون بها ماس كهربائي، وكذلك فك العمود وعزله بطريقة صحيحة، بالإضافة إلى إبلاغ شركة الكهرباء على الفور قبل التعامل مع العمود.
وقال هاشم في تصريحات صحفية إن "المشكلة الكبرى في سرقة الكهرباء، لأن اللص يرفع العزل من على الكابل وبالتالي يلمس جسم العمود، وبالتالي مهما تم عزل عمود الإنارة من الخارج إلا أنه يكون مكهربا".
ووصف المحاولات التي يلجأ إليها المواطنون لحماية أنفسهم من صعق الأعمدة بأنها غير مجدية.