وسط تقارير تؤكد أن قضية سد النهضة لم تعد في أجندة اهتمامات المنقلب السفيه السيسي، بعدما كشّرت إثيوبيا عن أنيابها ونشرت قواتها العسكرية حول سد النهضة بمعاونة من الصين وروسيا والإمارات وإسرائيل؛ شددت إثيوبيا على أنها مستعدة لكل الخيارات، وسوف تقدم على استكمال بناء السد، الذي يبدأ الصيف المقبل الملء الثالث دون اتفاق مع مصر أو استجابة لأي من المطالبات المصرية.
يأتي ذلك وسط انشغال قيادات العسكر في مصر بتحصيل المليارات من الأنشطة الاقتصادية لمشاريع الجيش من استثمارات عقارية وإنتاج البيض واللحوم والكعك والبسكويت والتغذية المدرسية، وغيرها من الأنشطة التي تجلب الأموال وتزيد في حساباتهم البنكية.
وكان وزير الري بحكومة الانقلاب محمد عبد العاطي وجه مؤخرا رسالة للمواطنين قائلا "مش عايزك تطمن في موضوع سد النهضة، عشان تحافظ على المورد المائي وترشيد الاستهلاك، وأن كل نقطة مياه تتوفر هي استثمار للمستقبل، ندير المياه بالقطرة وكل نقطة تفرق".
وفي 24 أكتوبر 2021 كشف عبد العاطي، تراجع إيراد نهر النيل في مصر نتيجة إجراءات إثيوبيا الأحادية في ملء وتشغيل سد النهضة، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب أعدت خطة قومية قوامها 20 عاما (2017 – 2037)، بتكلفة تتراوح ما بين 50 و100 مليار دولار، من أجل إنشاء محطات معالجة مياه ثنائية وثلاثية، ورفع كفاءة منظومة الري، للحد من العجز المتوقع في حصة الفرد من المياه.
وأكد عبد العاطي بمناسبة افتتاح أسبوع القاهرة للمياه "مصر تعاني عجزا مائيا يقدر بـ90% من مواردها المتجددة، وتعيد استخدام نحو 35% من تلك الموارد لسد الفجوة الحالية، لا سيما أنها تواجه تغيرا في إيراد النيل نتيجة إجراءات ملء وتشغيل سد النهضة بصورة منفردة، من دون التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم، في ما يخص قواعد التشغيل".
97 ٪من احتياجات مصر من النيل
وقال عبد العاطي إن "مصر تقع ضمن المناطق شديدة الجفاف، وتعتمد على 97% من احتياجاتها المائية من نهر النيل، والإدارة السليمة والفعالة للمياه تتطلب تعزيز التعاون العابر للحدود، وتضافر جهود العالم للتعامل مع الموارد المائية، لأنه لا يوجد دولة قادرة على مواجهة هذه التحديات منفردة".
واعترف تقرير صادر عن وزارة التخطيط بحكومة الانقلاب بالآثار والتداعيات السلبية المحتملة لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي على الدولة المصرية.
وحدد تقرير التنمية البشرية في مصر لعام 2021، والصادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، جوانب أزمة المياه العذبة في مصر وتحدياتها المستقبلية، وخاصة في ما يتعلق بقضية السد الإثيوبي.
خفض نصيب الفرد من المياه والكهرباء
وذكر التقرير أن عملية ملء السد ستحدث تأثيرا خطيرا في مدى توافر المياه في مصر، كما ستؤدي إلى خفض نصيب الفرد من المياه، ومن ثم ستؤثر في مختلف الأنشطة الاقتصادية، لا سيما في حالة ملء إثيوبيا خزان السد على نحو غير متعاون.
وأورد التقرير أنه حال استغرقت عملية الملء 5 سنوات فقط، كما خططت إثيوبيا، سيزيد معدل النقص التراكمي لمياه السد العالي بأسوان إلى 92 مليار متر مكعب، موزعة على مدى عدة سنوات، وأنه سرعان ما سينخفض منسوب المياه في بحيرة ناصر إلى 147 مترا، ويتعذر تعويض الفاقد من المياه.
استغلال الأزمة لجلد المصريين
وعلى طريقة المنقلب، والنعامة، إذ يصب السيسي ونظامه عجز بقضايا الخارج على المواطن المسكين.
حيث استطرد التقرير في استعراض التداعيات السلبية، مؤكدا أنه سيكون لملء سد النهضة الإثيوبي الكبير وتشغيله تأثير سلبي في إنتاج السد العالي من الطاقة الكهرومائية، فمثلا حال استغرقت عملية ملء سد النهضة 5 سنوات ستصل التكلفة المرتبطة بانخفاض إنتاج السد العالي من الطاقة الكهرومائية بعد 10 سنوات من عملية الملء إلى نحو 16.4 مليار دولار، مما يعيق قدرة مصر على ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الموثوقة والمستدامة.
وهو ما يمثل تبشير بارتفاعات جنونية بأسعار الكهرباء أكثر مما تباع به الآن في مصر، على الرغم من أنها تُباع بالداخل بأسعار أقل مما تصدر به للخارج.
ووفقا للتقرير، تستخدم المياه لإنتاج 12726 جيجا واط في الساعة من الطاقة الكهرومائية، تمثل 5.6% من إجمالي الكهرباء المولدة، ويبلغ إجمالي قدرات الطاقة الكهرومائية 2832 ميجاواط، ويحظى السد العالي بالنصيب الأكبر منها.
اكتمال المرحلة الثانية
وأعلنت إثيوبيا، في يوليو الماضي، اكتمال المرحلة الثانية من ملء السد بنجاح، التي كان مخططا لها بمقدار 13.5 مليار متر مكعب من المياه، كما أعلنت بدء تجاوز المياه لجسم السد بما يكفي لبدء إنتاج الطاقة، من دون أن تعلن حجم المياه المخزنة خلفه.
تلك الحالة المضطربة في مصر بين دوائر الحكم والعسكر، تضع المزيد من التحديات والصعاب أمام المواطن المصري الذي عليه تحمل ارتفاع أسعار المياه والكهرباء والغذاء، فيما ينعم السيسي وعساكره بالمليارات، التي لا يريدون تركها أو التخلي عنها لوقت بسيط من أجل عمل عسكري محدود لتخريب جزء من السد لإخضاع أثيوبيا لمفاوضات جادة تعطي مصر حقوقها ، وهو ما يقذف بمصر في أتون الفقر والجوع ، في ظل خوار عسكري مقيت، لا يراه الشعب إلا كالنعامة التي تضع رأسها في الرمال من الخوف، من أثيوبيا، التي تعاني من الضعف الاقتصادي والعسكري المشهود، لدرجة أن تصل جماعات التيجراي المعارضة للقرب من العاصمة أديس ابابا ، محققة انتصارات سهلة على الجيش الأثيوبي، الذي لم يستطع المواجهة إلا بعد دعم الإمارات والصين لآبي أحمد بالمُسيّرات الجوية التي قلبت المعادلة بعض الشيء.