خبراء: ربط النيل الأبيض بنهر الكونغو إهدار وشبكة حصاد أمطار كفيلة بالتعويض

- ‎فيأخبار

أبدى خبراء ومراقبون في مجال مياه النيل والسدود والهندسة الإنشائية للأنفاق العابرة دهشتهم من الطرح الذي يروجه إعلام الانقلاب عن إمكانية زيادة مياه النيل الأبيض يشكل 15% من حصيلة نهر النيل عن طريق ربطه مع نهر الكونغو من خلال أنفاق ، وطرح المراقبون مشروعات بديلة ويسيرة وبسيطة التكاليف إذا ما قورنت بالربط العميق عن طريق أنفاق بين مياه نهر الكونغو ومياه النيل الأبيض ومن ثم نهر النيل.
وكشفوا أن المشروع يمكن تنفيذه وأن كمية مياهه التي يساهم بها  في الكونغو لا تساوي عشرات الملايين من الأمتار المكعبة سنويا، وأن هذا الرقم لا يستحق التفكير بالأساس وأقل من رقم تنفيذ شبكة لحصاد الأمطار بمحافظة الأسكندرية.
الباحث والصحفي هاني إبراهيم المختص بشؤون المياه ونهر النيل، عبر فيسبوك "Hany Ibrahim" قال إن "ربط الكونغو ببحيرة تشاد تم طرحه في 2018 بسبب تراجع بحيرة تشاد من 25 ألف كم مربع عام 1960 إلى 1500 كم ، حاليا وكانت الفكرة من خلال نهر أوبانغي أهم رافد لنهر الكونغو، ويساهم بحوالي 170 مليار متر مكعب سنويا من إجمالي 1200 مليار متر مكعب حجم إيراد نهر الكونغو ، وكانت تكاليف الربط حوالي 15 مليار دولار من خلال مسار معين وشق قنوات هدفها توصيل 100 مليار متر مكعب سنويا لبحيرة تشاد وبمساهمة من بنك الصين والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقية وشركات إيطالية وفرنسية تحت رعاية اليونسكو".
وأوضح أن الكونغو رفضت لأسباب من بينها، أن النظام البيئي يتغير ويسبب أضرارا، وأن لديها فعليا مخطط سدود على نهر الكونغو وأي كمية مياه تنقص لها ثمن، لأنها ستعطل مسيرة التوليد الكهربي من الكونغو، وأن 100 مليار متر مكعب لو فرطت بهم لتشاد، كم تساوي قيمة الكهرباء التي تصل للكونغو؟ ولذلك توقف المشروع.

فريق النيل والكونغو
وأوضح أن الفرق بين حوض نهر النيل ونهر الكونغو ، عبارة عن سلسلة تلال وجبال بين الحوضين على مساحة كبيرة جدا ، سواء بين الكونغو وأوغندا أو بين الكونغو وجنوب السودان .

وأضاف أن الحاجز الطبيعي المرتفع بكل ببساطة أمطار تسقط عليه جانب منه  ينحدر باتجاه النيل  فتذهب المياه إلى حوض النيل ، والجانب الآخر ينحدر باتجاه الكونغو فتذهب إلى حوض الكونغو .

وأشار إلى أن الإمكانية الوحيدة لربط النهرين توجد بالقرب من جنوب السودان ، لكن عبارة عن رافد إذا أُتيح نقل مياهه إلى النيل سوف تتفاجىء أن كمية مياهه التي يساهم بها  في الكونغو لا تساوي عشرات الملايين من الأمتار المكعبة سنويا رقم لا يستحق التفكير بالأساس وأقل من رقم تنفيذ شبكة لحصاد الأمطار بمحافظة الإسكندرية .

ونبه إلى أنه في حالة تقدم تكنولوجيا شق الجبال وتنفيذ الأنفاق سواء من خلال الحاجز مع جنوب السودان ، سوف تضيع كميات كبيرة من المياه في منطقة السدود" منطقة المستنقعات " بجنوب السودان ، أما لو من خلال حوض فيكتوريا في أوغندا سوف تضيع أيضا كميات كبيرة ، بسبب معدلات البخر الكارثية في فيكتوريا والتي تصل إلى 97 مليار متر مكعب سنويا بخلاف ضياع آخر في منطقة السدود .

ودعا إلى أنه بدلا من ربط الكونغو بالنيل، تتم الاستعاضة بمنطقة السدود في جنوب السودان، من خلال تطهيرها، وشق قنوات مع تكريك النيل الأبيض، وإقامة خزان على بحيرة ألبرت، حينها تتوفر 30 مليار متر مكعب بالمتوسط تضيع في منطقة السدود ونيل ألبرت .

إهدار أموال 
أما الخبير دكتور مهندس محمد حافظ، ‎أستاذ هندسة السدود وهندسة السواحل بعدد من الجامعات الماليزية، فعلق على المشروع المطروح من خلال إعلام الانقلاب ونقل تعليقه تكنوقراط مصر، بعد أن أشار في تعليق سابق إلى استحالة تنفيذ ربط حوض النيل الأبيض بحوض نهر الكنغو، بسبب فرق المناسيب التي تزيد عن 200 متر بين الحوضين ، مما نضطر لإنشاء عدد 5 أو 6 محطات رفع مياه لضخ قرابة 200 مليار متر مكعب سنويا ليصل لنا منها قرابة 95 مليار فقط ويضيع في الطريق قرابة 100 مليار متر مكعب مصروف عليها من دم قلبنا كهرباء واستثمارات.

https://www.facebook.com/egypt888/posts/10153035680351726?pnref=story

أعاد حافظ القراءة بشكل آخر فقال إنه "لا يوجد مستحيل في الهندسة ، ربما الوقت غير مناسب من الناحية التكنولوجية لتنفيذ مشروع مثل هذا، مضيفا أن "كل شئ قابل للتنفيذ لو أسقطنا عنصر التكاليف من المعادلة ، هندسيا ممكن ، تنفيذيا ربما الوقت غير مناسب".
وكشف أن الحلول البديلة لهذا المشروع "بدلا من أن نرفع مياه نهر الكنغو بمحطات كهرباء ضخمة ويضيع نصف كمية المياه في الطريق ونصرف مليارات من الدولارات سنويا مقابل الحصول على كوب ماء نظيف" و"بدلا من عمل قناة صناعية بطول 600 كيلومتر  لربط حوض نهر النيل بحوض نهر الكنغو وبناء 5 أو 6 محطات رفع لرفع المياه من نهر الكنغو لنهر النيل" قال "لماذا لا نستورد كل هذه المياه عن طريق حفر نفق من جنوب أسوان والتي هي على منسوب يعادل تقريبا 175 فوق سطح البحر متجها إلي أعلى وفي الاتجاه الجنوبي الغربي لنصل لنهر الكنغو من تحت الأرض  عند منسوب 420 فوق سطح البحر، أي أننا سنتحرك لأعلى قرابة 250 متر على مسافة قدرها قرابة 1200 كيلو متر، وعندئذ نربط فتحة النفق بعدة Spillways ذات منسوب مرتفع نسبيا ، بحيث لاتسمح بغير المياه السطحية للنفاذ لمجري النفق.
وعن مزايا طرحه أشار إلى أنه "في هذه الحالة لن نحتاج الدخول في مشاكل مع دول الجوار بشأن السماح بمرور قناة الربط في أراضيها ، ولن يهمنا خلق أي مشاكل سياسية بتلك الدول تهدد سلامة القناة".
وأضاف أن "المياه ستجري في النفق تحت الجاذبية بدون أي محطات رفع ، حيث إنها ستجري من منسوب 425 لمنسوب 175، ولن يكون هناك أي فواقد".
واختصارا، قال إن "النفق الممكن هو ربط نهر نيل مصر عند أسوان بحوض نهر الكنغو يشبه لحد ما النهر العظيم الذي نفذه القذافي في ليبيا قبل 20 عاما ، هندسيا واقتصاديا ، مشروع مثل هذا قابل للتنفيذ وذو جدوى اقتصادية".
 

تحليل مختصر
وعن توليد كهرباء التي تعادل ثلث ما تنتجه إفريقيا من خلال المشروع، قال د.طارق شرف أستاذ النظم الكهربية بكلية الهندسة جامعة القاهرة إن "تنفيذ المشروع المقترح يحتاج كمية مهولة من الكهرباء تعادل80% من إجمالي محطات توليد الكهرباء في مصر وذلك لتشغيل طلمبات الرفع".
وأوضح د.وائل رشدي سليمان خبير الهيدرولوجيا وهندسة المياه بالبنك الإفريقي للتنمية ، أن البديل الأكثر اقتصادا واستدامة للمشروع المقترح بالنسبة لتوفير المياه لمصر هو تحلية مياه البحر باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح, ورغم ارتفاع تكلفتهما فإن التكلفة لن تتعدى ربع أو خمس نقل المياه من الكونجو إلى النيل.
أما وزير الري الأسبق الدكتور نصر علام، فأكد أن مجرد طرح فكرة المشروع خطأ سياسي لتعارضه مع القانون الدولي الذي لا يجيز نقل مياه النهر الدولي إلا بموافقة جميع الدول المتشاركة في الحوض، ويشير علام إلي أنه بصرف النظر عن العقبات القانونية فإن المشروع المقترح تكلفته باهظة والأجدى اقتصاديا هو استكمال مشروع قناة جونجلي.

 

https://www.facebook.com/drhomran/posts/2797854833598212