بعد ثلاث سنوات من انفجار قطار رمسيس.. إحالة 10 مسئولين لمحاكمة تأديبية

- ‎فيأخبار

بعد مرور نحو ثلاث سنوات على انفجار قطار محطة رمسيس في فبراير 2019م، والذي أودى بحياة نحو 20 مصريا احتراقا وإصابة أكثر من "50" آخرين، والذي اعتبر أحد أكثر حوادث القطارات إيلاما في تاريخ مصر، انتهت تحقيقات النيابة الإدارية يوم السبت 27 فبراير 2022م، إلى إحالة عشرة مسئولين بهيئة سكك حديد مصر إلى المحاكمة التأدينية العاجلة بتهمة الإهمال في أداء وظيفتهم.
وكان جرار سحب قطارات قد اصطدم برصيف «محطة مصر» بميدان رمسيس في القاهرة بعد دخوله المحطة بسرعة فائقة، ما أسفر عن انفجار الجرار ونشوب حريق هائل، وفي بيان من النيابة العامة حينها قالت إن «الجرار اصطدم بالمصد الخرساني داخل المحطة فوقع الحادث الذي نتج عنه اندلاع النيران ووفاة 20 شخصًا ممَن تصادف وجودهم بمنطقة الحادث متأثرين بالنيران التي أدت إلى احتراق أجسادهم وتفحمها من شدتها»، مضيفة أن سائق القطار تخلى عن الجرار الذي كان يقوده دون أن يستخدم الفرملة بما يخالف الإجراءات المتبعة، متوجهًا لمعاتبة سائق جرار آخر بعد اصطدام جراريهما.

اللافت في قرار النيابة الإدارية أنه لم يوجه اتهامات جنائية للمسئولين العشرة، علاوة على ذلك فإنهم جميعا يتولون مناصب متوسطة بين نواب للهيئة ومديرين عموميين ومديري إدارات، دون المس بالقيادات الرفيعة داخل الهيئة ووزارة النقل التي يهيمن عليها اللواءات والرتب العسكرية. وكانت محكمة الجنايات قد أصدرت حكمًا في مارس 2020 بحق 14 شخصًا، وشمل الحكم، الذي أيدته «النقض» في فبراير 2021، حبس سائق القطار 15 سنة بالإضافة إلى غرامة نحو تسعة ملايين جنيه، وسائقين اثنين آخرين بالحبس المشدد عشر سنوات، وخمسة بالحبس المشدد سبع سنوات بينهم فنيين اثنين وسائق قطار وناظر المحطة وملاحظ الوردية، كما قررت أيضًا حبس عامل مناورة بالسجن عشر سنوات، وثلاث سنوات أخرى لاتهامه بتعاطى المخدرات و عشرة آلاف جنيه غرامة، وحبس فني حركة بلوك بالسجن خمس سنوات، وحبس مساعد بلوك ومراقب برج عشر سنوات، وملاحظ تشغيل قطارات ثلاث سنوات، وفني قاطرات عامين. وكلهم موظفون صغار داخل الهيئة بينما بقى المسئولون الكبار المسئولون عن الوزارة والهيئة في مناصبهم يحصلون على الكثير من الامتيازات والعلاوات والمكافآت رغم فشلهم الذي يعلمه القاصي والداني.

وقال قرار إحالة المسؤولين العشرة ــ وفقا لصحيفة "المصري اليوم" ــ إن «المُحالين خلال الفترة من عام 2008 حتى 2019 بدائرة عملهم بالهيئة القومية لسكك حديد مصر ووصفهم الوظيفى لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة، وخالفوا القواعد والتعليمات المالية، وارتكبوا ما من شأنه ضياع حق مالى للدولة، ولم يحافظوا على ممتلكات الوحدة التي يعملون بها»، ويشمل هذا عدم التعاقد مع شركات متخصصة لأعمال صيانة القطارات والإهمال في الإشراف على أعمال الصيانة والإهمال والتقاعس في تطوير أعمال السلامة في محطة مصر والإهمال في إعداد وتنفيذ خطط الطوارئ في المحطة.

وأسفر حادث قطار رمسيس عن تقدم وزير النقل هشام عرفات حينها بالاستقالة، وعين السيسي بعد أيام من الحادث اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة وزيرا للنقل خلفًا لعرفات. وعلى خلفية الحادث، انطلقت دعوات إلكترونية للتظاهر، قبضت الشرطة، بسبب تلك الدعوات، على العشرات من المواطنين في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية والبحيرة، وضمّت نيابة أمن الدولة بعضهم للقضية رقم 1739 لسنة 2018، والبعض الآخر لقضية أُخرى وهي 488 لسنة 2019 باتهامات تتعلق بـ«الإرهاب»، وبعد حبسهم لأشهر، أخلى سبيل عدد من المتهمين في هذه القضايا، وأعيد تدوير بعضهم في قضايا أخرى.
ورغم عشرت الحوادث المؤلمة للقطارات (أبرزها قطاري أسيوط في إبريل 2021 حث قتل أكثر من 30 وأصيب نحو 165 آخرون) في عهد اللواء كامل الوزير إلا أن الوزير بقي في منصبه ولم يتقدم باستقالته ولم يتحرك النظام لإقالته كما جرى مع الوزير السابق بعد حادث رمسيس.

وكان وزير النقل أكد في تصريحات سابقة، أن مرفق السكة الحديد مدين بنحو 111 مليار جنيه للبنك المركزي، وبنك الاستثمار القومي، ووزارة المالية بمعدل 35 مليار جنيه لكل منها، بخلاف ديون أخرى لم يذكرها الوزير في تصريحاته. هذه الخسائر الضخمة التي تعلن عنها الحكومة لمرفق المترو والسكة الحديد دفع الشعب إلى التندر والسخرية من فشل النظام العسكري وراجت بينهم النكات بهذا الشأن وأبرزها أن "توكتوك الغلبان يكسب ومترو الحكومة وقطاراتها تخسر"!

 

في أغسطس 2017 بعث الكاتب الصحفي، المعتقل حاليا، عبد الناصر سلامة شكوى لرئاسة الانقلاب ينذرها من خطر عسكرة وزارة النقل، وقام بتحديد 22 مسؤولا بوزارة النقل قادمين من المؤسسة العسكرية لإدارة المواقع القيادية العليا بوزارة النقل. ذكرهم بالاسم، ثم أشار سلامة إلى أن هناك عسكريين آخرين لكنه يريد ألا يطيل في الحديث وأن نواب هؤلاء المسؤولين في معظمهم من العسكريين. وبعد شهور جرى اعتقال سلامة ولا يزال حتى اليوم قابعا في سجون السيسي.
وبحسب مراقبين فإن الكوارث في مرفق السكة الحديد يبرهن على الفشل الإداري واختلال ميزان أولويات الإنفاق لدى حكومة السيسي، وإهمال محافظات الصعيد والدلتا، وضعف الإنفاق على مشروعات إحلال وتطوير مرفق السكك الحديدية مقارنة بمشروعات أخرى تنفق عليها مبالغ طائلة، وكان الأولى الاهتمام بهذا المرفق الحيوي بدلا من تنفيذ منظومة قطارات جديدة (مكهربة) تخدم نخبة الحكم وطبقة الأثرياء، حيث أعلنت الحكومة مطلع سنة 2021م توقيع اتفاق مع شركة سيمنز (Siemens) العالمية، لتنفيذ منظومة متكاملة للقطار الكهربائي السريع في مصر بإجمالي أطوال حوالي ألف كيلومتر، وبتكلفة إجمالية قدرها 360 مليار جنيه (نحو 23 مليار دولار). في الوقت الذي يرى فيه السيسي ووزير نقله كامل الوزير أن إنفاق 45 مليار جنيه خلال سبع سنوات إنجازا عظيما يعاير به الشعب صاحب المال والسيادة في الأساس!