أقامت سلطات الانقلاب غرفة عمليات لمتابعة الوضع المتطور في أوكرانيا، حيث استمر الغزو الروسي متعدد الجبهات على كييف، بحسب موقع "مدى مصر".
وخارج ساحة المعركة، فإن للحرب تداعيات على الاقتصاد العالمي الأوسع والعلاقات الجيوسياسية الإقليمية، حيث تسعى القوى الغربية الكبرى إلى توحيد الصفوف وعزل روسيا.
ووفقا لمصدر حكومي تحدث إلى مدى مصر شريطة عدم الكشف عن هويته، تترك التطورات مصر على حبل مشدود ، في الوقت الذي تسعى فيه إلى إدارة العلاقات الثنائية مع روسيا والدول الغربية.
في حين أن لروسيا بصمة كبيرة في ترتيبات التجارة والأمن والدبلوماسية الإقليمية في مصر، فإن مصر تعتمد أيضا على الدعم الاقتصادي والسياسي من أوروبا والولايات المتحدة.
وقال المصدر «تجري مشاورات سياسية كل يوم تشمل وزارة الخارجية وعددا من الأطراف المعنية بالسياسة الخارجية لمراجعة الموقف المصري من الأزمة في ضوء الضغوط التي تتعرض لها القاهرة».
في صراع على ولاء القاهرة، دعت السفارتان الروسية والأوكرانية في العاصمة مصر إلى دعم مواقفهما في الأيام الأخيرة، بينما ضغطت سفارات دول مجموعة السبع في القاهرة أيضا يوم الاثنين لدعوة مصر إلى اتخاذ موقف حازم في رفض غزو دولة ذات سيادة.
وحاولت سلطات الانقلاب تجنب بعض هذا الضغط في اجتماع للجامعة العربية في وقت سابق من هذا الأسبوع ، على الرغم من أن السفارات الغربية أوضحت أن بيان جامعة الدول العربية لم يكن كافيا لدعم موقفها المعادي لروسيا.
خلف الأبواب المغلقة، أبلغت مصر بلغة دبلوماسية واضحة وصارمة من قبل عدد من السفارات الغربية في القاهرة أن البيان الصادر في نهاية اجتماع جامعة الدول العربية يوم الاثنين – والذي دعا إلى الدبلوماسية وتجنب التصعيد والنظر في الوضع الإنساني – لم يكن كافيا، بحسب المصدر الحكومي.
وقال المصدر إن "السفارات الغربية ذكرت أنه يتعين على الدول العربية اتخاذ موقف أوضح، ويمكن أن يتم ذلك في أحد المنتديين، ويمكن لمصر أن تضع اسمها في قرار غير ملزم لعزل روسيا من خلال شجب عدوانها على أوكرانيا، ومطالبة القوات الروسية بوقف القتال والانسحاب، وهو أمر مطروح للتصويت عليه في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقد حاليا في نيويورك ؛ أو يمكن أن يصدر بيان أقوى عن اجتماع لوزراء الخارجية العرب سيعقد هذا الأسبوع في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة".
وفي العلن، كان البيان المشترك الذي نشره سفراء مجموعة السبع في القاهرة يوم الاثنين مطلبا واضحا لمزيد من الدعم الشعبي من مصر في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر يوم الأربعاء.
وكتب سفراء مجموعة السبع في بيانهم المشترك يوم الاثنين "القضية اليوم لا تتعلق بالوضع في أوروبا، لا يمكن لأي دولة في العالم أن تقبل انتهاكا لسيادة الآخرين لمجرد أن أقوى جار لها يريدها، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يقبل الانتهاكات غير المبررة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ولا سيما فيما يتعلق بحظر استخدام القوة، إن محاولة روسيا زعزعة استقرار النظام الدولي سيكون لها تداعيات على منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بما في ذلك مصر".
بعض الشخصيات العامة، من بينهم النائب مصطفى بكري، الداعم للانقلاب تراجع عن اعتبار طلب دول مجموعة السبع توغلا على سيادة مصر.
مخاطر الشد والجذب الدبلوماسي لمصر، بحسب المصادر التي تحدثت إلى مدى مصر، تركز على حاجة القاهرة الماسة إلى دعم اقتصادي مستمر من أوروبا بالنظر إلى الهشاشة على تلك الجبهة، بينما بدأ صانعو القرار أيضا في القلق بشأن مدى جدوى الجيش طويل الأمد، التعاون الاقتصادي والطاقة مع روسيا نظرا لمدى توسيع العقوبات الاقتصادية التي استهدفت مجموعة من البنوك والشركات الروسية خلال الأيام الأخيرة، واتخذت أيضا خطوة نحو عزل المنافذ التجارية الروسية.
موقف مصر وسط الضغط الدبلوماسي، بحسب المصدر الحكومي، معقد وحساس للغاية، حيث لا يمكن للقاهرة أن تدير ظهرها للولايات المتحدة، خاصة في اللحظة الحرجة الحالية التي تحتاج فيها إلى كل الدعم والمساعدة التي يمكنها الحصول عليها في التعامل مع الملف الشائك لسد النهضة الإثيوبي الكبير.
وأضافت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة، تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، أن الدول الغربية هي التي أيدت مطالبة مصر برفع ملف سد النهضة أمام مجلس الأمن الدولي، وليس روسيا والصين.
كما يعني الوضع الاقتصادي في مصر أنه ليس لديها مكانة كافية للضغط ضد ضغوط الدول الغربية التي تدعو مصر إلى اتخاذ موقف ضد روسيا.
وقال المصدر إن "القاهرة لا تستطيع الدخول في مواجهة جادة مع حلفائها الغربيين ، لأنه يحتاج إلى دعم مصر من خلال المشاريع الاقتصادية وأي برنامج محتمل مع صندوق النقد الدولي إذا دعت الحاجة، بالإضافة إلى الأشكال الأخرى للتعاون الاقتصادي والعسكري والإنمائي، بما في ذلك اتفاقية أولويات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر التي من المفترض أن يتم توقيعها هذا الصيف وستغطي جوانب التعاون الثنائي بين الكتلة والقاهرة حتى عام 2027".
تتعلق إحدى القضايا الرئيسية بميزان المدفوعات المتضخم المحتمل في مصر، مع إمدادات القمح العالمية، الحيوية جدا لبرنامج دعم الخبز في مصر، والتي من المحتمل أن يتم تقليصها. مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، حيث تمثل روسيا وكييف بشكل مشترك مصدر ما بين 60 و 80 في المائة من مخزونات القمح السنوية في مصر.
وفيما يتعلق بالمصالح الدبلوماسية المشتركة بين مصر وروسيا في عدد من الملفات الإقليمية، بما في ذلك شرق إفريقيا وليبيا ودول الساحل والصحراء، قال المصدر إن «الوضع برمته حساس، وهناك مشاورات تجري كل يوم بين الأجهزة المعنية و سفارات الدول في القاهرة والسفارات المصرية في هذه الدول».
تتمتع مصر بعلاقات اقتصادية كبيرة مع روسيا أيضا، حيث تعهدت شركة روساتوم الروسية بمشروع بقيمة 26 مليار دولار أمريكي لبناء محطة طاقة نووية في الضبعة. وردا على سؤال حول الطاقة النووية الضبعة، أكد المصدر أن «كل شيء مرتبط بتوصل جميع الأطراف إلى اتفاق سياسي ينهي الأزمة ويفتح الباب أمام تحقيق الاستقرار».
https://www.madamasr.com/en/2022/03/02/feature/politics/amid-diplomatic-tug-of-war-cairo-operations-room-works-to-calibrate-egypts-position-on-russia-ukraine-conflict/
