كشفت بيانات النشرة الشهرية للبنك المركزي أن الودائع غير الحكومية لدى القطاع المصرفي قفزت خلال أربع سنوات نحو 88%، مسجلة 4.7 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2021، مقابل 2.5 تريليون جنيه في نفس الشهر من عام 2017. وواصل حجم الودائع الصعود خلال النصف الثاني من 2021 ليسجل 5.1 تريليون جنيه بنهاية نوفمبر الماضي “2021”، بزيادة قدرها 8%. وبحسب بيانات «المركزي» فقد استحوذ القطاع العائلي (الأشخاص الطبيعين) على نحو 80% من إجمالي الودائع غير الحكومية، ما يقدر بـ4.1 تريليون جنيه (بالعملتين المحلية والأجنبية)، نهاية نوفمبر الماضي.
وينقل موقع “مدى مصر” عن مصادر خاصة، عزوها أسباب ارتفاع الودائع غير الحكومية لدى القطاع المصرفي إلى عدة أسباب، ليس من بينها ارتفاع فوائض دخول الأفراد بشكل عام، وإنما تركز الادخار في شريحة معينة من المجتمع، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة في السنوات التالية لتحرير سعر الصرف، لتصل إلى 18.75% في 2017، وكذلك زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وسيطرة الاكتناز مقابل الاستثمار.
وبحسب الباحثة في الاقتصاد والسياسات العامة، سلمى حسين، فإن ارتفاع الودائع بهذه النسبة في ظل معدلات فقر بلغت وفقًا للإحصاءات الحكومية نحو 29.7%، يدل على اللامساواة، والتي تعني أن «فيه فلوس كتير في ايد قلة من الناس، وهذا أحد العلامات على وجود خطأ في توزيع عوائد الاقتصاد». ودللت حسين على رأيها قائلة: «احنا بنتكلم عن 20% من البالغين لديهم حسابات بنكية ونسبة كبيرة من هذه الحسابات بطاقات ائتمان ومشتريات ومرتبات، ولذلك تبقى نسبة قليلة من هذه الحسابات هي من تمتلك هذه الودائع، نسبة تكاد تتجاوز 2.5% من السكان تقريبًا». ما يزيد من تركز الودائع في يد شريحة من المواطنين هو عدم وجود ضريبة تصاعدية على هذه الودائع أو ضريبة على العوائد منها، مما يفاقم هذه الثروات في شكل الودائع.
وتتفق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، عالية المهدي، مع حسين مشيرة إلى أن زيادة حجم الودائع ليس بالضرورة معناه ارتفاع فوائض الدخول، وإنما قد يرجع إلى نظرية «خداع النقود»، وهو ما حدث بالفعل عقب تحرير سعر الصرف، والذي أدى إلى تراجع قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وبالتالي زيادة الودائع 2.2 تريليون جنيه خلال أربع سنوات،لا يُعد مؤشرًا واقعيًا على زيادة قيم الدخول والفوائض منها.
ارتفاع عجز الموازنة
في سياق مختلف، ووفقا لبيان أصدرته وزارة المالية بحكومة الانقلاب الإثنين 28 فبراير 2022، فقد ارتفع العجز الكلي للموازنة 0.3% بواقع 57.1 مليار جنيه خلال السبعة أشهر الأولى (يوليو/ يناير) من السنة المالية الجارية 2022/2021. وأوضح البيان أن العجز وصل إلى نسبة 4.7% (335.5 مليار جنيه) من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 4.3% (278.4 مليار جنيه) عن نفس المدة من السنة المالية الماضية. وينتج العجز الكلي للموازنة بسبب الفرق في المصروفات (927.85 مليار جنيه)، والإيرادات العامة (592.31 مليار جنيه)، وبالرغم من زيادة البندين إلا أن الزيادة في المصروفات فاقت ما حققته الإيرادات من زياده حيث ارتفعت المصروفات بنحو 12% خلال السبعة أشهر الأولى، بينما ارتفعت الإيرادات العامة بنحو 7.7% فقط.
ووفقا لمحللين وخبراء فإن الدين والعجز وجهان لعملة واحدة، يزداد العجز فتلجأ الحكومة للاستدانة لسد العجز، ومن ثم تزداد الديون و العكس صحيح. لكن الحكومة تلجأ لحيلة مالية مخادعة لإظهار أرقام الديون وبالتالي العجز منخفضة على غير الحقيقة، وتتمثل تلك الحيلة في إطالة عمر الديون فتتوزع تكلفة خدمتها على سنوات طويلة ويخف الضغط على مخصصات سداد هذا البند داخل الموازنة، وتظهر بيانات العجز والدين متراجًعين نسبة إلى الناتج الإجمالي.
وبحسب وزارة المالية فإن الارتفاعات التي سجلتها المصروفات جاءت مدفوعة بزيادة بنود فوائد الديون الحكومية والدعم بالإضافة إلى الأجور وتعويضات العاملين بالدولة. وتوقع متخصصون في المالية العامة والاقتصاد الكلي ــ وفقا لموقع “مدى مصر”ــ استمرار العجز الكلي لموازنة السنة المالية الجارية في الزيادة متأثرًا باستمرار ارتفاع الأسعار عالميًا إلى جانب تداعيات الحرب الروسية/ الأوكرانية التي بدأت قبل أيام.
