يبدو أن "سبوبة" الحرب الأوكرانية الروسية الدائرة حاليا ، ستكون طوق نجاة لنظام الانقلاب لرفع الضغط عند المصريين برفع الأسعار وزياداتها، الكارثة ليست سوى تمهيد قصير من محمد شاكر وزير الكهرباء بحكومة الانقلاب، بأنه لن تتم زيادة أسعار الكهرباء حاليا رغم ارتفاع أسعار الغاز ، وأن الزيادة ستكون في موعدها القادم.
وارتفعت أسعار الغاز بأكثر من 27% على وقع الأزمة الروسية الأوكرانية ، إذ تعتبر موسكو ثاني أكبر منتج للغاز في العالم بعد الولايات المتحدة ، وتسيطر على نحو 40% من صادرات الغاز للاتحاد الأوروبي.
في موعدها
وزير الانقلاب قال إن "الزيادة المقررة في شهر يوليو للمنازل ضمن خطة التخلص من الدعم على الكهرباء بحلول عام 2025 ، وسيبدأ العمل بالزيادة الجديدة ابتداء من قراءات شهر يوليو".
الوزير الانقلابي مهد للأمر فقال إنه "على الرغم من ارتفاع أسعار الغاز في الوقت الحالي ، إلا أن وزارة الكهرباء قادرة على التعامل مع كافة المتغيرات، خاصة وأن الوحدات المنشأة حديثا كفائتها تزيد عن 60%، ومازال هناك استقرار في الإمدادات واحتياطي قدرات يتجاوز 22 ألف ميجاوات".
وزعم أن حكومة الانقلاب مازالت تدعم أسعار الكهرباء بقيم هائلة، وتابع حتى بعد انتهاء خطة رفع الدعم عن القطاع وتقديم الأسعار بقيمتها الحقيقية ، لن يتأثر محدودو الدخل خاصة مع وجود دعم تبادلي ، يدفع كبار المستهلكين قيمة أكبر لدعم محدودي الدخل والفئات الأكثر احتياجا.
الشرائح الجديدة
ووفقا للأسعار المقرر العمل بها في عام 2022-2023 للاستخدامات المنزلية، تحاسب الشريحة من صفر وحتى 50 كيلووات بسعر 58 قرشا لكل كيلووات ساعة، والشريحة المستهلكة من 51 وحتى 100 كيلووات تحاسب بسعر 68 قرشا لكل كيلووات ساعة.
والشريحة المستهلكة من صفر وحتى 200 كيلووات تحاسب بسعر 83 قرشا لكل كيلووات ساعة، والشريحة المستهلكة من 351 وحتى 650 كيلووات تحاسب بسعر 131 قرشا لكل كيلووات ساعة.
وتحاسب الشريحة المستهلكة من صفر لأقل من 1000 كيلووات بسعر 136 قرشا لكل كيلووات ساعة، بينما الشريحة المستهلكة من صفر لأكثر من 1000 كيلووات تحاسب بسعر 145 قرشا لكل كيلووات ساعة.
رفع أسعار الغاز والبنزين
وشهدت أسعار البنزين والغاز في الآونة الأخيرة ارتفاعا ، حيث قررت لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية رفع أسعار جميع أنواع البنزين قبل شهرين بقيمة 25 قرشا لكل لتر، مع الإبقاء على سعر السولار ثابتا دون زيادة.
ويعد قطاع الكهرباء من القطاعات المهمة بالنسبة للدعم الحكومي، وتبدأ وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة الاستعداد لتطبيق أسعار شرائح الكهرباء للعام المالي الجديد 2022- 2023، للاستخدامات المنزلية اعتبارا من شهر يوليو المقبل 2022، وذلك في إطار خطة الحكومة المصرية لرفع الدعم تدريجيا عن أسعار الكهرباء حتى يوليو 2025.
وأعلنت حكومة الانقلاب في يونيو 2021 الماضي مد فترة رفع الدعم عن أسعار الكهرباء لمدة 3 سنوات جديدة تنتهي بحلول عام 2025 بعد أن كان محددا رفع الدعم عن الكهرباء خلال العام المالي 2021- 2022م.
في المقابل، ينخفض مقدار الزيادة لشرائح الاستهلاك العليا لما متوسطه 10%، فمثلا الشريحة التي تستهلك بين 201 و350 كيلووات تبلغ نسبة الزيادة بالنسبة لها 17% مقابل نسبة زيادة 3% فقط لمن يستهلكون ما بين 651 وألف كيلووات شهريا.
نار الغلاء تزاحم المصريين
مع تمهيد وزير الكهرباء لا لزيادات الجديدة لفواتير الاستهلاك، أثار هذا الإجراء جدلا واسعا عن مدى قدرة المصريين على تجاوزه في ظل اتساع الهوة بين الرواتب والأسعار المتصاعدة أصلا على وقع تحرير سعر صرف الجنيه منذ أواخر عام 2016.
على هذا الأساس تمضي حكومة العسكر في خطة الدعم التي بشر بها المنقلب عبد الفتاح السيسي حتى قبل انقلابه العسكري عام 2013، وأظهرت تسريبات مكتبه رسوخ الفكرة في عقلية نظام الثالث من يوليو، وكشفت قناعة السيسي بضرورة رفع الدعم لمواجهة عجز الموازنة، وضرورة حصول المواطن على السلع بسعرها الحقيقي.
ولا يكف السيسي ووزراء حكوماته المتعاقبة على الحث على الصبر انتظارا لجني ثمار ما يصفونها بالإصلاحات الاقتصادية، في حين لا يجد المواطن الفقير أو محدود الدخل بديلا عن الصبر بحكم السياسيات الأمنية وانسداد أفق التعبير.
ومنذ تولي السيسي رئاسة مصر، تتواصل إجراءات خفض دعم الطاقة في إطار محاولات لترشيد الاستهلاك وخفض عجز الموازنة كما تقول الحكومة، وهي السياسة ذاتها التي يزكيها صندوق النقد الدولي ويبشر بآثار إيجابية مرتقبة لها.
وللعام الثاني على التوالي، بلغ دعم الكهرباء "صفرا" في الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2021-2022 وعلى ذلك أعلنت حكومة الانقلاب المصرية تطبيق زيادة في أسعار الكهرباء بنسبة تتراوح بين 8.4% و26.3% اعتبارا من فاتورة أول يوليو المقبل للمرة الثامنة على التوالي، منذ رفع أسعار الكهرباء للمرة الأولى مع تولي المنقلب للسلطة عام 2014.
لكن مبررات المسؤولين بضرورة تعديل أسعار الخدمات الأساسية – ومنها الكهرباء – يراها المواطنون غير واقعية بسبب اتساع الفجوة بين الرواتب والإنفاق اليومي على المعيشة، بينما تشير مؤشرات اقتصادية إلى الصعوبات المتزايدة التي يرزح تحتها الاقتصاد المصري، واضعة وعود السلطات بالرفاهية لشعبها على محك المصداقية.
خراب مصر
وتوقعت صحيفة "إيكونوميست" البريطانية كما توقع غيرها من قبل أن تقود سياسات السيسي إلى تخريب مصر، وهي توقعات تشكك كثيرا في صلاحية الرهان الطويل على تحمل المصريين.
لكن بالمقابل تُظهر بيانات رسمية أن الاقتصاد المصري لا يتجه نحو التعافي، بل تتعاظم مثلا معدلات الدين بشكل غير مسبوق، ففي أحدث بيانات البنك المركزي المصري ارتفع إجمالي الدين العام المحلي للبلاد بأكثر من 20% على أساس سنوي، ليصل إلى 241.9 مليار دولار في نهاية ديسمبر الماضي، وزاد الدين الخارجي في الفترة ذاتها أكثر من 16% ليصل إلى 96.612 مليار دولار.
وبحسب بيانات اقتصادية، تلتهم الديون نحو 83% من الإيرادات العامة للدولة بعد أن قفزت الديون التراكيمة إلى 3 أضعافها من خلال 7 سنوات (2011-2018)، وصعد الدين العام لأكثر إلى أكثر من 125% من الناتج المحلي، ومن المتوقع أن تصل أقساط وفوائد الديون إلى 990 مليار جنيه.
ويحذر اقتصاديون من سنوات عصيبة مقبلة بسبب جداول سداد الديون الخارجية التي لا يتوقف المنقلب السيسي عن التوقيع على اتفاقاتها بمعدلات متسارعة، ففي فبراير من العام قبل الماضي حصلت مصر على قرض بقيمة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي و4 مليارات دولار عبر طرح سندات دولية، ومليار دولار آخر عبر طرح البنك المركزي لأذون خزانة دولارية.
تعديل قانون الكهرباء
وقبل عامين، وافق مجلس النواب على تعديل قانون الكهرباء في مجموع مواده والهادف إلى خصخصة خدمات المرفق، من خلال الفصل بين أنشطة نقل وإنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية، وتحويل سوق الكهرباء من سوق حكومية إلى سوق تنافسية عادلة، ارتباطا بتحرير سعر بيع الكهرباء للمستهلكين.
ونص تعديل القانون على أن "تلتزم الشركة القابضة لكهرباء مصر، وشركات الإنتاج والتوزيع المملوكة لها، بتوفيق أوضاعها طبقا لأحكام القانون خلال مدة لا تزيد على عشر سنوات من تاريخ العمل به، وبما يؤهلها للتعامل في السوق التنافسية للكهرباء. والتعامل مع الشركات الأخرى بالتنسيق مع الشركة القابضة للكهرباء أثناء الفترة الانتقالية".