تعرض مشروع تنموي في مدينة سانت كاترين القديمة في شبه جزيرة سيناء لانتقادات من قبل السكان الذين اتهموا السلطات الانقلابية في مصر بتشويه شكل المدينة، بحسب تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي".
وأعرب سكان المدينة عن قلقهم بشأن مستقبلها كموقع تراثي قديم، مستشهدين بما وصفوه بـ «تدميرها» المستمر وعدم وجود رؤية واضحة لتطويرها.
وقال أحمد علي، عامل السياحة في منتصف الأربعينيات من عمره والمقيم في سانت كاترين لـميدل إيست آي «ما يُباع لنا على أنه تطوير ، يدمر في الواقع هذه المدينة القديمة والجميلة» «سيتم إغلاق المنظر لمعظم المواقع القديمة للمدينة من خلال المباني الخرسانية التي تم تشييدها الآن فيها ضمن مشروع التطوير الجديد».
ينتقل أشخاص مثل علي إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة آرائهم مع زملائهم المصريين والسلطات، تظهر بعض الصور التي نشروها أجزاء مهمة من المدينة يتم تدميرها على الأرض.
قال أحد السكان إنه لا يرى شيئا سوى الجرافات التي تسحب أجزاء مهمة من المدينة، بما في ذلك المباني القديمة، واستبدالها بكتل من الخرسانة لا تفعل شيئا سوى تشويه سانت كاترين.
وقال آخر إن "المدينة تحولت إلى مكان ممتلئ بالغبار والأنقاض ، لا يبدو مثل المدينة التي يعرفها منذ سنوات عديدة".
مشروع السفيه السيسي
يُطلق على مشروع تطوير القديسة كاترين اسم «التجلي الأعظم» ويرعاه شخصيا المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، ويهدف إلى الاستفادة من أهمية المدينة بالنسبة لمعتنقي الديانات الثلاث – الإسلام والمسيحية واليهودية – من خلال تحويلها إلى عامل جذب روحي كبير.
وبدأت سلطات الانقلاب تنفيذ مشروع «التجلي الأعظم» العام الماضي، حيث وضعت خطة ستشهد بناء عشرات المنشآت الجديدة ومشاريع البنية التحتية موضع التنفيذ. وسيتم بناء معظم المرافق في المناطق المحيطة بجبل سيناء ودير سانت كاترين، وهو أقدم دير يعمل في العالم تقريبا.
وأحد عناصر المشروع هو بناء ضريح روحي على الجبال المحيطة بالوادي المقدس بالمدينة، بحسب وزير الإسكان المصري عاصم الجزار.
ويهدف مشروع التطوير إلى ربط مواقع مهمة، مثل جبال الطور، بأجزاء أخرى من سيناء، بما في ذلك منتجعي شرم الشيخ ودهب على البحر الأحمر، من خلال شبكة طرق حديثة، بحسب الوزير.
ومع ذلك، قال عاصم الجزار إن "مشروع تطوير سانت كاترين لن يتعارض مع طبيعتها البيئية أو البصرية، وإن المشروع سيهدف في الأصل إلى حماية طبيعة المدينة، مما يؤهلها لتصبح وجهة دولية للسياحة الروحية».
وسيشمل تطوير المدينة دراسة هيدرولوجية لحماية سانت كاترين من الفيضانات في المستقبل، وفقا للمعلومات الصادرة عن الحكومة حول المشروع.
كما سيشمل ترقية دير سانت كاترين، وترميم بعض الكنائس داخل الدير، وإدخال نظام إضاءة جديد في المدينة والمناطق المحيطة بالدير، إدخال سيارات غولف كهربائية صغيرة لتسهيل حركة زوار المدينة، وبناء سلسلة من البازارات والمتاجر الصغيرة التي تبيع منتجات مختلفة للزوار، بما في ذلك الملابس البدوية والمنتجات اليدوية.
وقال طلعت العناني، رئيس مجلس مدينة سانت كاترين لـميدل إيست آي «هذا أحد أهم المشاريع التنموية التي سيتم تنفيذها في سيناء بأكملها ، وأن المشروع سيضع المدينة على خريطة السياحة مرة أخرى، بعد وقت طويل من تعرضها للإهمال وتجنبها السياح بسبب نقص الخدمات اللازمة فيها».
وبحسب عناني، فقد تم تحديد أربعة مليارات جنيه مصري (حوالي 256 مليون دولار) للمرحلة الأولى من مشروع التطوير الذي من المقرر أن يكتمل بحلول يونيو من هذا العام.
وأضاف أنه سيتم تخصيص مبلغ مماثل من المال للمرحلة الثانية من مشروع التطوير، والتي من المقرر أن تكتمل بحلول نهاية هذا العام أيضا.
المركز الروحي
تقع سانت كاترين في الجزء الجنوبي من سيناء، وهي منطقة تقع في الجزء الشمالي الشرقي من مصر، وتشترك في حدودها مع إسرائيل وقطاع غزة الفلسطيني.
المدينة محاطة بمواقع ذات أهمية كبيرة للمسيحيين والمسلمين واليهود، بما في ذلك جبال الطور وجبل سيناء ودير القديسة كاترين.
في عام 2002، أعلنت اليونسكو المدينة، التي يسكنها حوالي 10000 شخص، موقعا للتراث العالمي.
يعتقد المسيحيون والمسلمون أن جبل سيناء كان المكان الذي تلقى فيه موسى الوصايا العشر من الله.
يُعتقد أيضا أن سانت كاترين مكان ازدهرت فيه المسيحية المبكرة.
الدير هو إلى حد بعيد أهم مكان في المدينة. يُعتقد أنه تم تأسيسه في عام 530 م من قبل الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول، يُعتقد أيضا أن الدير وفر ملاذا للمسيحيين في مراحل تاريخية مختلفة، خاصة خلال القرن السابع.
وخلال الفتح الإسلامي لمصر، كان المسلمون يحترمون بشكل خاص دور العبادة المسيحية، تاركين الدير كما هو، ربما شجع هذا رهبان الدير على الترحيب بالجنود المسلمين وبناء مسجد صغير لهم بالقرب من الدير.
لا يزال المسجد يعمل، مما يمنح البدو والزوار المسلمين في سيناء مكانا يمكنهم فيه أداء صلواتهم، لا يزال معظم الدير سليما، مع الاحتفاظ بمظهره الأصلي منذ القرن السادس.
تم رسم بعض أيقونات دير سانت كاترين قبل القرن الثامن، تحتوي مكتبة الدير التي تأسست عام 1945، على الآلاف من أقدم المخطوطات في العالم.
رد فعل عنيف
يُلقي سكان المدينة باللوم على مشروع التطوير المستمر لاستبدال الطابع الأصلي والقديم للمنطقة بمباني حديثة مصنوعة من الخرسانة ستمحو قيمتها كموقع قديم.
وقالت ياسمين الكاشف، وهي من سكان مدينة أخرى لـميدل إيست آي «لهذا السبب نرفض ما يسمى بمشروع التنمية، المشروع سوف يمحو هوية المدينة».
وأشارت الكاشف وسكان آخرون إلى تدمير عشرات الأشجار القديمة لإفساح المجال لبناء طرق جديدة، ويتحدثون على وجه التحديد عن بناء طريق جديد بين جبال الطور وسانت كاترين.
ومن المتوقع أن يقطع الطريق المسافة بين النقطتين، مما يسهل على الناس السفر بينهما، وسأل أحد السكان ، هل هذا يستحق تدمير هذه المنطقة المهمة ؟ ودعا ساكن آخر عشاق المدينة إلى الإسراع بزيارتها قبل تدميرها بالكامل.
وقال الساكن «نستيقظ كل يوم لنكتشف أن بعض المباني قد هُدمت والبعض الآخر مصنوع من الأسمنت بدلا منها» «أولئك الذين يريدون رؤية ما تبقى من المدينة يجب أن يسرعوا ويزوروها الآن».
ومع ذلك، يقول مسؤولو المدينة إن "المدينة يتم تطويرها كما هو مخطط لها، ونفوا ما وصفوه بـادعاءات تدمير المدينة".
ولم يرد المتحدث الرسمي باسم وزارة الإسكان على مكالمات MEE للتعليق.
ومع ذلك، وصف سليمان عطيوي، ممثل المدينة في مجلس النواب ، ما يجري في سانت كاترين بأنه عملية تحديث شاملة.
وقال إن "المشروع الذي يتضمن عددا كبيرا من مشاريع البنية التحتية والخدمات التي ستفيد زوار المدينة وسكانها، سيحول سانت كاترين إلى مدينة دولية صديقة للبيئة".
وقال عطيوي "ما يقال عن تدمير المدينة لا علاقة له بالواقع ، يجب على الناس الانتظار حتى اكتمال المشروع، بدلا من القفز إلى استنتاجات لا أساس لها".
https://www.middleeasteye.net/news/egypt-sinai-historic-st-catherine-destroyed-development-project