في ظل الاهتراء المالي والاقتصادي لنظام السيسي، تتقلب مصر بين العديد من نيران الغلاء وأزمات السيولة البنكية وصعوبات استرداد المواطنين أموالهم ومدخراتهم البنكية عبر العديد من التعقيدات المالية والإجراءات الملتوية والمشاكل الفنية بماكينات السحب الآلي ، وتقليص الحد الأقصى المسموح للسحب اليومي، بـ20 ألف جنيه وغيرها من الكوارث المالية، كهروب الاستثمارات من مصر ولجوء الكثير من المستثمرين لبيع أذون الخزانة والسندات بالبورصة ، وهو ما أدى لانهيار البورصة وهروب مليارات الجنيهات من مصر ، خشية تعويم جديد للجنيه المصري ، ففي ظل تصاعد الديون وتراجع الاستثمارات وخسارة الموسم السياحي بعد أزمة الحرب الروسية بأوكرانيا، وخسارة مصر نحو 40% من السياح الأوكرانيين والروس، علاوة على تراجع صادرات مصر من البرتقال والمنتجات الغذائية إثر العديد من الأزمات الصحية والزراعية والأمنية، كل تلك الكوارث التي تهدد مصر بانفجار شعبي وشيك، تدفع مصر نحو الهاوية الاجتماعية والاقتصادية.
نار الفوائد على الديون
ومع الفشل الذريع لنظام السيسي في تقليص حجم الديون المصرية التي تمثل تدميرا للاقتصاد المصري، تجلت أزمة فائدة الديون ورفعها الذي يهدد مصر بمزيد من الأزمات عقب اندلاع الحرب بأوكرانيا.
وفي ضوء الانهيار الاقتصادي، الذي يتغاضى عنه وزير مالية السيسي محمد معيط بتصريحاته الإعلامية، خلال اجتماع دعا له الصحفيين وهيئة الإعلام مؤخرا، للحديث عن توجهات موازنة العام الجديد، بدأ بأحاديث عاطفية، مقللا من حجم الانعكاسات المالية لأزمة أوكرانيا على مصر، كما زعم أن اقتصاد مصر قوي، على طريقة السيسي.
وفي إطار تفاقم الأزمة الاقتصادية، اضطرت وزارة المالية لرفض عطاءات بنكية لتغطية طروحات أدوات دين حكومية، أمس، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة المقدمة من البنوك لشراء أدوات الدين المعروضة، إذ قبلت وزارة 54.7 مليون جنيه فقط تعادل نحو 11% من عطاء بقيمة 500 مليون جنيه لبيع سندات خزانة لأجل عشر سنوات، رغم تلقيها عروضا بقيمة 839 مليون جنيه، كما قبلت الوزارة 136 مليون جنيه فقط تعادل 9% من عطاء بقيمة 1.5 مليار جنيه، بالرغم من تلقيها طلبات بقيمة 2.46 مليار جنيه.
و تقترض مالية الانقلاب لسد عجز الموازنة العامة للدولة الناتج عن عدم كفاية الإيرادات العامة للمصروفات المطلوبة من حكومة الانقلاب التي رفعت توقعاتها للعجز الكلي للعام المالي الجاري إلى 6.9% من توقعات سابقة عند 6.7%.
وبحسب محللة الاقتصاد الكلي، منى مصطفى، فإن رفض المالية لسعر العائد الذي طرحته البنوك لأدوات الدين، فإن العروض التي قدمتها البنوك لشراء أدوات دين حكومية متوسطة وطويلة الأمد، تأتي في سياق جولة أولى من الضغط على الحكومة لرفع سعر الفائدة، فيما يأتي رفض الحكومة قبول تلك العطاءات في إطار المراوغة لخفض السعر الذي تدفعه تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية نحو الارتفاع الحتمي دوليا ومحليا.
وترى أن اتجاه البنوك نحو رفع سعر الفائدة على أدوات الدين الحكومية متوقع نظرا للمخاطر العالية التي تواجهها عمليات الإقراض في ظل الصدمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب، لافتة إلى أن البنوك على دراية كاملة بالاحتياج الحكومي للسيولة وهو دافع آخر لزيادة سعر العائد على أدوات الدين، موضحة أن المالية ستضطر لرفع سعر العائد في العطاءات القادمة.
طباعة بنكنوت بلا غطاء
ولمواجهة أسعار العائد المرتفعة من قبل البنوك المحلية، قالت مصطفى إنه "يمكن للحكومة الاقتراض من الخارج أو طباعة نقود".
فيما قالت رئيسة قطاع البحوث بالبنك الأهلي سابقا، سلوى العنتري، في تصريحات إعلامية إن "البدائل المطروحة أمام المالية لبيع أدوات دين بسعر عائد متوازن، مع مستهدفاتها لنسب العجز الكلي بالموازنة العام، محدودة، لافتة إلى أن الاقتراض الخارجي في هذا التوقيت سيكون مرتفع التكلفة، نظرا لخروج المستثمرين من الأسواق الناشئة متجهين إلى الذهب و الدولار، لذا يتبقى أمام الحكومة -حال إصرارها على رفض عطاءات البنوك أو عدم توصلها لمتوسط عائد مُرضي بالتفاوض مع البنوك- سوى الاقتراض من البنك المركزي، وهو الأمر المُقيد بمعايير تحول دون إقراض البنك المركزي للحكومة أكثر من 10% من متوسط الإيرادات العامة لآخر ثلاث سنوات مالية.
وحول احتمال توجه البنك المركزي لطباعة نقود لإقراض الحكومة، تقول العنتري إن «المركزي يتجه لذلك حال عدم توفر سيولة لديه لإقراض الحكومة، ولكن قرار طباعة النقود مرهون بضرورة وجود غطاء لذلك، و غالبا ما يلجأ المركزي للذهب الموجود في الاحتياطي من النقد الأجنبي، لاستخدامه كغطاء لطباعة النقود".
ويتكون الاحتياطي من النقد الأجنبي من مجموعة من العملات الأجنبية، دولار، ين، يورو جنيه إسترليني، إلى جانب الذهب.
وأشارت العنتري إلى أن خيار طباعة النقود لسد عجز الموازنة وتوفير الاحتياجات المالية للموازنة يأتي حال عدم توفر السيولة لدى المركزي، وهو ما يخالف الواقع الحالي، بالإضافة إلى أنه خيار يدفع الاقتصاد نحو التضخم، نظرا لأنه عبارة عن ضخ نقود لا يقابلها إنتاج.
وكانت إحصاءات سابقة ، أكدت أن ما يملكه البنك المركزي من عملات أجنبية باتت بالسالب ويصل لنحو سالب 7,1 مليار دولار، وهو ما يرشح لتوجه نحو الطباعة على المكشوف، وهو ما سبق أن أثبته مراقبون اقتصاديون عبر تتبع أرقام أوراق البنكنوت حديثة الإصدار، خلال الفترة الماضية، وهو ما رفع قيمة البنكنوت بالسوق المصري لأكثر من 80% عن النسب الاقتصادية المرتبطة بإلغاء النقدي.
ويبقى الاقتصاد المصري مرشحا لمزيد من الأعباء والأزمات والتضخم وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين وسط غلاء فاحش يأكل كل مدخرات المصريين ويحيل أكثر من 80 مليون مصري تحت خط الفقر، وفق دراسات مستقلة.
كان آخرها في العام 2020 ، للبنك الدولي حدد نسبة الفقر بمصر لأكثر من 60%، يضاف إليهم تداعيات أزمة كورونا وأزمة الحرب الأوكرانية، بجانب الفشل الاقتصادي للنظام العسكري.
