كشف موقع “مدى مصر” أن العقوبات المتزايدة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا ، قد يكون لها تأثير مباشر على العديد من المشاريع واسعة النطاق التي تتابعها القاهرة وموسكو.
جاء ذلك وفقا لمصدرين بحكومة انقلاب مصر تمت مقابلتهما بشكل منفصل خلال الأسبوع الماضي.
ردا على ذلك، شكلت حكومة الانقلاب لجنة قانونية واقتصادية لدراسة التأثير المحتمل للتداعيات الدبلوماسية والاقتصادية على نطاق التعاون المصري الروسي.
وقال أحد المصادر «ما زلنا في عملية مبكرة لفحص الوضع، ونحن نتحدث أيضا إلى شركائنا الروس، لكن نعم، يُظهر التقييم الأولي أنه لن يكون من السهل القيام بالأعمال كالمعتاد».
مصر لديها علاقات اقتصادية كبيرة مع روسيا، تشمل أكبر نقطتي تعاون تعهد شركة Rosatom الروسية المملوكة للدولة ببناء محطة طاقة نووية في الضبعة، وهو مشروع بقيمة 26 مليار دولار على الأقل، ومنطقة صناعية روسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي كان من المقرر أن يبدأ بناؤها في عام 2022 وتستمر على مدى 13 عاما.
واجه كلا المشروعين عقبات مختلفة بسبب الخلافات حول التفاصيل، غير أنه تم التوصل خلال العام الماضي إلى اتفاقات أوثق، كانت القاهرة وموسكو تأملان في أن يشهد عام 2022 دفعة كبيرة على الجبهتين، وفقا لمسؤولين من الجانبين تحدثوا إلى مدى مصر قبل الحرب في أوكرانيا.
وفيما تقول مصادر مصرية وروسية إنها “لحظة انتظار وترقب، تحاول القاهرة اتخاذ خطوات استباقية لضمان عدم تركها وحيدة في البرد ، حيث تخضع العلاقات الجيوسياسية لإعادة تشكيل في ضوء الحرب في أوكرانيا”.
وجاءت الخطوة الأكثر وضوحا نحو هذه الغاية عندما تحدث عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الأربعاء، وبحسب المصدرين الحكوميين، شدد السيسي على التزام القاهرة باستئناف التعاون في أسرع وقت ممكن، بحسب المصدرين المصريين.
وقال مكتب السيسي في بيانه للإعلان عن المكالمة إن “السيسي وبوتين أكدا التزامهما بـ العلاقات التاريخية التي جمعت البلدين”.
وفقا لمسؤولين في حكومة الانقلاب، كان من المهم للسيسي التواصل مع بوتين ، لأن القاهرة شعرت بالحاجة إلى شرح تصويتها على أعلى مستوى في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي لصالح قرار يدين روسيا لغزوها أوكرانيا، لكنهم قالوا إن “المكالمة كانت تتعلق أكثر بطمأنة روسيا بأنه على الرغم من اللحظة الحساسة للغاية، فإن مصر لا تدير ظهرها لموسكو”.
وبحسب مسؤولين مصريين ومسؤول روسي، وعدت موسكو بأنها ستجد طريقة لإعادة العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الثنائية إلى طبيعتها في أقرب وقت ممكن.
وقال المسؤولان إن “مصر لا تزال مصممة على الانضمام إلى منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي كضيف شرف هذا الصيف بشرط أن تسير الأمور على ما يرام”.
وفقا لمصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية، فإن موقف مصر يتمحور حول محاولة موازنة التزاماتها المتنوعة في السياسة الخارجية، وقال السيد لمدى مصر «دعوة السيسي أمس كانت تأكيدا على علاقة مصر بروسيا ، وهي تحاول الحفاظ على توازنها مع جميع الأطراف».
لطالما كان هذا التوازن محوريا في السياسة الخارجية لمصر ومع ذلك، فقد أكسبت مصر في بعض الأحيان توبيخا صارما من الولايات المتحدة، كما حدث في عام 2021، عندما أثار وزير الخارجية أنتوني بلينكين مخاوف بشأن شراء مصر المحتمل لطائرات مقاتلة من طراز Su-35 من روسيا.
وتتعرض مصر لضغوط لإدارة علاقاتها بعناية مع روسيا خلال الأشهر القليلة الماضية ، بسبب ضغوط من واشنطن التي أعربت عن عدم ارتياحها لطبيعة التعاون العسكري بين القاهرة وموسكو، وتقول مصادر مصرية إن “هذا الضغط أدى إلى تباطؤ بعض الصفقات التي كانت قيد الإعداد مع موسكو”.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن “الإدارة الدقيقة للعلاقات مع روسيا ليست سوى جزء واحد من قائمة دبلوماسية أوسع من الأولويات للأسابيع المقبلة، وتقول المصادر الدبلوماسية إن بندا آخر في القائمة هو تقييم كيفية تأثير الحرب في أوكرانيا على ميزان القوى في المنطقة، وأضافوا أن مصر تدرك بشكل خاص الوزن الدبلوماسي والسياسي المتزايد الذي يبدو أن تركيا تكتسبه من خلال وساطتها بين روسيا وأوكرانيا”.
وتضيف المصادر نفسها أن مصر قلقة من أن أنقرة ستستغل اللحظة لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء العالم العربي، بما في ذلك سوريا والعراق، والأسوأ من ذلك كله من وجهة نظر مصر، في ليبيا.
وبحسب مصدر بالجامعة العربية تحدث بعد افتتاح اجتماعات بين وزراء خارجية الجامعة العربية يوم الأربعاء في القاهرة، طلبت مصر من اللجنة المكلفة بمراقبة التدخل التركي في الشؤون العربية ، وأدانت اللجنة في بيان يوم الأربعاء استمرار التدخل التركي في الشؤون العربية ، ودعت تركيا إلى سحب مقاتليها الأجانب من ليبيا.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن “الدور الإقليمي المتزايد لتركيا يأتي في لحظة وصلت فيها محاولات التقارب بين القاهرة وأنقرة إلى طريق مسدود بشأن استمرار تركيا في توسيع منطقة نفوذها عبر شرق ليبيا والتي تعتبرها مصر منطقة خط أحمر».
في غضون ذلك، تعمل حكومة السيسي بنشاط مع كل من البعثتين الدبلوماسيتين الروسية والأوكرانية لتسهيل سفر آلاف السياح من كلا البلدين الذين تقطعت بهم السبل في مصر منذ تعليق الرحلات الجوية، وفقا لمصادر من البعثتين الأوكرانية والروسية.
وقالت مصادر من البعثتين الدبلوماسيتين في القاهرة إن “العمل جار بالتعاون الكامل مع حكومة السيسي لضمان سير الأمور على الفور وعدم وضع سائحي البلدين على مقربة مباشرة لتجنب أي توتر غير مرغوب فيه”.
في غضون ذلك، قال مصدر بوزارة الخارجية (بحكومة الانقلاب) إن “القاهرة طلبت من الجانبين تجنب الإدلاء بأي تصريحات صحفية قد تزيد من حساسية اللحظة”.
وأضاف “هناك قناة مستمرة للتعاون مع الجانبين ونحن نناشد كليهما للتأكد من تجنب أي تصريحات تحريضية، نريد أن تمر الأمور بسلام”.
من جانبه، نفى المصدر في البعثة الدبلوماسية الأوكرانية في القاهرة التقارير الصحفية التي تفيد بأن البعثة تتعرض لضغوط من السلطات المصرية لتجنب انتقاد مصر بشأن موقفها الفاتر الأولي ضد الحرب على أوكرانيا، وقال المصدر الأوكراني «لا، نتحدث كل يوم، وقد أخبرونا للتو أنهم لا يريدون الانحياز إلى جانب ، لأنهم حريصون على العلاقات مع الجميع وأنهم يريدون لعب دور في تشجيع إنهاء الحرب».
وكانت مصر قد اقترحت الشهر الماضي تشكيل لجنة وزارية عربية تحت مظلة جامعة الدول العربية لمحاولة التوسط بين روسيا وأوكرانيا، ووافق وزراء الخارجية العرب يوم الأربعاء على الفكرة، وقال مصدر جامعة الدول العربية إن “مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت سيعملون معا لإجراء مشاورات حول هذه المسألة”.
وانضمت الدول الأربع إلى 137 دولة أخرى في 2 مارس للتصويت لصالح قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب روسيا بوقف غزوها لأوكرانيا وسحب جميع القوات.
وجاءت الخطوة التي اتخذها سماسرة القوى الإقليمية بعد يومين فقط من توقيعهم على بيان لجامعة الدول العربية لم يدن روسيا ودعا بدلا من ذلك إلى الدبلوماسية وتجنب التصعيد والنظر في الوضع الإنساني.
كان تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة أيضا تحولا في وجه الإمارات، التي امتنعت عن قرار مجلس الأمن الدولي قبل أسبوع من مطالبة روسيا بوقف غزوها لأوكرانيا. وانضمت الإمارات، العضو غير الدائم والرئيس الحالي لمجلس الأمن، إلى الصين في الامتناع عن التصويت ، بينما رفضت روسيا القرار، في ذلك الوقت برر المستشار الدبلوماسي الإماراتي الكبير أنور قرقاش القرار بالقول إن “الإمارات تعتقد أن الانحياز إلى جانب لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف».
https://www.madamasr.com/en/2022/03/10/feature/politics/amid-fears-sanctions-will-impact-egyptian-russian-cooperation-sisi-putin-vow-to-find-solution/