“ميدل إيست آي”: فقراء مصر لا حول لهم ولا قوة وحرب أوكرانيا تزيد الأمور سوءا

- ‎فيأخبار

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا سلط خلاله الضوء على تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر بسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة لحكومة الانقلاب والتي تسببت في ارتفاع معدل الفقر إلى حوالي 30 في المائة.

وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" في نوفمبر الماضي، أعلنت حكومة الانقلاب أن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد وصل إلى 9.8٪ للربع الأول من السنة المالية 2021/22  وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ 20 عاما، مما يشير إلى انتعاش قوي بعد الوباء، وتبع ذلك إعلان في يناير أن الصادرات المصرية غير النفطية حققت أعلى مستوى لها على الإطلاق لعام 2021، حيث وصلت إلى 32 مليار دولار، مقارنة بـ 25 مليار دولار في العام السابق.

وأضاف التقرير أن هذه المؤشرات التي تبدو إيجابية تحجب صورة أكثر تعقيدا، حيث من المقرر أن تؤدي مجموعة من العوامل المحلية والدولية إلى تعميق مستويات الفقر المرتفعة بالفعل في مصر، حيث يبلغ المعدل حاليا حوالي 30 في المائة، مضيفا أن العامل الأكثر بروزا هو العقيدة النيوليبرالية المستمرة للنظام والإصرار على تآكل الدعم الاجتماعي للفئات الأكثر ضعفا، بما في ذلك خفض دعم الخبز الصيف الماضي الذي استخدمه 67 مليون مصري ، وهي خطوة من المتوقع أن تدفع ملايين الأشخاص إلى الفقر، سياسة أخرى ذات صلة، تم الإعلان عنها في ديسمبر الماضي، هي استبعاد الأزواج الجدد من نظام دعم الطعام.

وقد اقترن انخفاض الإنفاق الاجتماعي بنظام ضريبي تنازلي، يحول العبء الضريبي إلى أكتاف الطبقات الفقيرة والمتوسطة، مما أدى في النهاية إلى خفض مستويات المعيشة لمعظم المصريين.

 

مشكلة مزمنة

وأوضح التقرير أن الأيديولوجية النيوليبرالية للنظام تتفاقم بسبب نموذج النمو الفاشل المدفوع بالديون، والذي يهدف إلى تحسين القدرة التنافسية الدولية لمصر وضغط على قيمة الجنيه المصري على الرغم من ارتفاع الصادرات غير النفطية إلى مستوى تاريخي في عام 2021، بلغ عجز الحساب الجاري في مصر 4.6٪ العام الماضي، أي ضعف قيمة 2018 تقريبا، وكانت هذه قضية مزمنة بالنسبة للاقتصاد المصري، ولم يعالج تركيز النظام على المشاريع الضخمة كمحرك للنمو المشكلة، والجنيه مبالغ في قيمته حاليا بما يقدر ب 16 بالمائة، وهو أعلى ارتفاع في قيمة العملة في أفريقيا، وسيتعين تصحيح ذلك في مرحلة ما، مما سيؤدي حتما إلى زيادة التضخم، مما يؤثر بشكل غير متناسب على الفقراء.

وشهد آخر انخفاض في قيمة العملة في عام 2016 ارتفاعا حادا في التضخم وزيادة سريعة في معدلات الفقر، على الرغم من أن احتياطيات مصر من العملات الأجنبية بلغت 41 مليار دولار في نهاية عام 2021، مما يمنح النظام بعض المساحة للدفاع عن العملة، يبدو أن خفض قيمة العملة أمر لا مفر منه.

كما أدى نموذج النمو المدفوع بالديون إلى زيادة ضعف مصر أمام التدفقات المالية العالمية، خاصة وأن الدين لم يستخدم لتعزيز القدرة التنافسية الدولية للاقتصاد المصري. وتعتمد الحكومة بشكل كبير على الديون المقومة بالعملة الأجنبية، والتي تشكل حاليا أكثر من ربع عبء الديون الإجمالي، تم إصدار 60 في المائة فقط من الديون الأجنبية المقومة خارجيا، وهذا له عدة آثار أولا، سيؤدي خفض قيمة الجنيه إلى زيادة نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر، فعلى سبيل المثال، سيؤدي خفض قيمة العملة بنسبة ثمانية في المائة إلى زيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقدر بنحو 1.8 في المائة، يمكن أن يؤدي الانخفاض الأكثر تطرفا في قيمة العملة إلى زيادة هذه النسبة بمقدار 6 نقاط مئوية، مما يدفع الديون نحو 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

 

ضغط إضافي

ثانيا، الاعتماد الكبير على الديون الأجنبية يعني أن مصر تتأثر بالتغيرات في أسعار الفائدة في الاقتصاديات المتقدمة، على سبيل المثال، تؤدي الزيادة المتوقعة في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى الضغط على مصر لرفع أسعار الفائدة الخاصة بها، وهي بالفعل من بين أعلى المعدلات في العالم.

ستضع الزيادة في مدفوعات الديون والفوائد ضغطا إضافيا على ميزانية الدولة، حيث يتم بالفعل استهلاك ثلث الميزانية من خلال سداد الديون، وسيترجم هذا الضغط إلى مزيد من التخفيضات في الإنفاق الاجتماعي، الذي لا بد أن يزيد من مستويات الفقر، حيث يشعر الفقراء بأزمة تدفقات رأس المال الدولية.

أخيرا، هناك آثار الغزو الروسي لأوكرانيا، بما في ذلك على السياحة وارتفاع أسعار القمح. في عام 2021، انتعشت السياحة بشكل كبير في مصر، حيث وصلت الإيرادات إلى 13 مليار دولار، وعادت إلى مستويات ما قبل الوباء، وقد تعزز ذلك جزئيا من خلال عودة السياحة من روسيا، بعد استئناف الرحلات الجوية المباشرة إلى الغردقة وشرم الشيخ في أغسطس الماضي.

في فبراير، قبل اندلاع الحرب، تسبب تصعيد التوترات بين روسيا وأوكرانيا بالفعل في انخفاض كبير بنسة 30 في المائة  في الحجوزات لمصر من البلدين، ولا بد أن تصعيد الصراع سيكون كارثيا على السياحة المصرية.

قبل الصراع، كان مئات الآلاف من الروس والأوكرانيين يزورون مصر كل شهر.

تعد السياحة أيضا مصدرا مهما للعملة الصعبة في مصر، مما يعني أن أي انتكاسة لن تؤثر فقط على العاملين في القطاع، ولكن أيضا على قدرة النظام على دعم الجنيه وسداد ديونه المتزايدة، مما يجعل خفض قيمة العملة أكثر احتمالا.

 

ارتفاع أسعار القمح

وأشار التقرير إلى أن الصورة معقدة أيضا بسبب زيادة أخرى في أسعار القمح، التي وصلت بالفعل إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2012، بسبب الصراع الروسي الأوكراني. استوردت مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، حوالي 4.7 مليار دولار في عام 2019، حيث شكلت روسيا وأوكرانيا 55 في المائة و 15 في المائة على التوالي.

وتابع "من شأن زيادة أخرى في أسعار القمح أن تخلق عبئا إضافيا على النظام المصري، ويمكن أن تعجل بعملية تخفيض دعم الخبز، وتحويل التكاليف إلى الفقراء. كان الاضطراب في السوق واضحا بالفعل في فبراير، عندما اضطر النظام المصري إلى إلغاء مناقصة لشراء القمح بعد تقديم عدد قليل فقط من العروض بأسعار أعلى بكثير".

وبالتالي، فإن مزيجا من الأيديولوجية النيوليبرالية، ونظام الضرائب التنازلي، والفشل الهيكلي لنموذج نمو النظام، وتأثيرات تدفقات رأس المال الدولية، والغزو الروسي لأوكرانيا، سيعمل على إفقار الجماهير المصرية أكثر.

وأردف التقرير، بأن فشل النظام في الاستثمار في تطوير الصناعات التنافسية، واختيار الاستثمار بكثافة في البنية التحتية، لم يثرِ النخبة العسكرية فحسب، بل ترك الفقراء المصريين عرضة لتقلبات رأس المال الدولي، وبينما يتكيف النظام من خلال المزيد من خفض الإنفاق الاجتماعي، والاعتماد على الدعم المالي من الحلفاء الإقليميين، مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، أو الاقتراض أكثر من الأسواق الدولية، فإن الفقراء المصريين هم الذين سيدفعون الثمن في النهاية.

 

https://www.middleeasteye.net/opinion/egypt-boom-poor-high-and-dry-ukraine-war-worse