أكدت ورقة بحثية بعنوان "توليد الكهرباء من سد النهضة ، قراءة في المواقف والمآلات" أنه "بعد الإعلان عن بدء إثيوبيا تشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء من سد النهضة ، لم يتبقَ شيء للتفاوض سوى الملء الثالث المُقرر له في يوليو المقبل".
وطرحت الورقة التي نشرها موقع الشارع السياسي على الشبكة عدة قراءت لتشغيل إثيوبيا التروبين الأول بين 13 توربينا .
وأشارت إلى أن تشغيل توربينين لتوليد الكهرباء كما أعلنت إثيوبيا له هدف آخر خلافا لعملية توليد الطاقة الكهربائية، هذا الهدف يتمثّل في أن إثيوبيا بحاجة إلى تمرير جزء من المياه المتراكمة خلف سد النهضة، وذلك بهدف خفض منسوب المياه حتى لا تمر من فوق الممر الأوسط الذي تريد تعليته وتمنعها كميات المياه المخزنة والتي تخطت منسوب البناء الحالي، لأنه بدون تلك التعلية لن تتمكن من إتمام عملية الملء الثالث المُقدرة بـ 10 مليار متر مكعب في الصيف القادم.
التصرف الأحادي
وأضافت الورقة أن أديس أبابا تشغل التوربينات ليكون "مصلحة مزدوجة لها، حيث تقوم بعملية التجريب وفي نفس الوقت تخفيض منسوب المياه لتعلية الممر الأوسط، إلا أن كل تلك الخطوات تقوم بها بطريقة أحادية، الأمر الذي يعني أنها مُصرّة على مواقفها، وهذا الأمر هو منعطف خطير تمر به الأزمة المُتعلقة بسد النهضة"
وحذرت من أنه "إذا ما اكتمل الملء الثالث للسد لن يكون هناك أي معنى لعملية التفاوض مع إثيوبيا من جانب مصر والسودان، وفي تلك الحالة ستكون إثيوبيا قد امتلكت القنبلة المائية".
استفادة السودان
وأضافت أنه فيما يتعلق باستفادة السودان من الكهرباء المُنتجة من السد، يرى خبراء "أنها لن تكون كما يتخيل البعض، حيث إن المادة 6 من إعلان المبادئ تنص على إعطاء إثيوبيا كهرباء للسودان من سد النهضة إذا ما كان لديها فائض، فليس هناك كمية مُخصصة للسودان، بعكس ما هو مفهوم لدى الرأي العام السوداني، والدليل العملي أنه لا توجد خطوط كهرباء بين السد والسودان".
وقالت إن "الحديث عن المياه المُنصرفة خلف التوربينات وأنها توازي حصة مصر والسودان قد يكون منطقيا، لكن المشكلة أن الكمية المُنصرفة سوف تظل مُقيدة بحاجة إثيوبيا إلى الكهرباء وليس على حسب حاجة السودان ومصر للمياه من أجل الزراعة، ولا حل أمام السودان سوى مطالبة أثيوبيا بالأرض المقام عليها سد النهضة، فهذا هو الجزء القانوني الذي يمكن الاعتماد عليه.
وعن حل بيد السودان، أشارت الورقة إلى أن المطالبة بالأرض المقام عليها سد النهضة لأنها أرض سودانية بالأساس؛ هو أحد الحلول للأزمة، لكنه سوف يستغرق الكثير من الوقت، بينما المطلوب الآن بعد تلك الخطوة الإثيوبية، أن يكون هناك رد فعل سريع من مختلف الأطراف المتضررة من السد.
اتفاق 2015
وعرضت الورقة إلى أن "ما قامت به إثيوبيا بصورة منفردة دون التشاور مع الأطراف المعنية؛ أعطى أهمية كبيرة لاتفاق المبادئ المُوقَّع بينها وبين مصر والسودان عام 2015، لأن قيامها بتلك الخطوة يُعد مخالفة صريحة للبند الخامس من الاتفاق".
واستدركت أنه -من وجهة نظرهم- فرصة جيدة يُمكن استثمارها سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، فقد تم توقيع اتفاق المبادئ رغم التحفظات عليه من جانب الكثير من المصريين والسودانيين، وأعطى هذا الاتفاق مشروعية لقيام السد، ورغم تلك المشروعية التي أخذها السد من الاتفاق، لم تجنِ مصر والسودان أي مكاسب حتى الآن.
وأضافت أن أصحاب هذا الاتجاه أن هذه الخطوة قد تكون دافعا لعودة الأطراف الثلاثة للجلوس مرة أخرى، خصوصا أن نجاح هذه الخطوة يعطي إثيوبيا انتصارا للحكومة أمام شعبها.
وأوضحت أن هؤلاء الخبراء يرون أن إطلاق الكهرباء من سد النهضة الآن هو نوع من التضليل لعدم وجود شبكات للنقل، فالأمر لا يتعدى سيناريو للاستخدام الداخلي، بينما حسم الأمور بالنسبة لأزمة السد سيكون رهن لتفاعلات إقليمية ودولية خلال الأشهر القليلة القادمة التي تسبق عملية الملء الثالث.
الأمر الواقع
واستدركت الورقة على الرأي الأخير قائلة إن "حقيقة تكشفت بوضوح على الأرض بعد عشر سنوات من أزمة سد النهضة، وهي أن إثيوبيا فرضت الأمر الواقع، وقاربت على الانتهاء من بناء السد ونفذت الملء الأول والثاني منفردة ودون موافقة الدولتين، وبدأت في توليد الكهرباء من السد دون اتفاق أيضا".
وأكدت أن موقف مصر والسودان المُنحصر في المطالبة بتوقيع اتفاق قانوني ملزم ينظم قواعد الملء والتشغيل، تجاوزته إثيوبيا وفرغته من مضمونه عمليا بتنفيذها الملء الأول والثاني منفردة، وبالبدء في توليد الكهرباء دون اتفاق.
وأوضحت أنه بظل انشغال المجتمع الدولي بالتطورات على الحدود الروسية الأوكرانية؛ ينبغي على كل من مصر والسودان توحيد موقفيهما لمحاولة الضغط الإقليمي للخروج من الأزمة بأقل خسائر ممكنة، مع تقوية العلاقات مع باقي دول حوض النيل لتلافي الأخطار المستقبلية المحتملة حال محاولة تلك الدول تكرار التجربة الإثيوبية.
